«الدول اللى بتقع مبترجعش» والدولة التى تسقط لن تعود، عبارات قالها الرئيس عبدالفتاح السيسى، فى مناسبات عديدة، وتعكس واقعاً على الأرض هذه خلاصة ما حدث طوال الـ 40 عاماً الأخيرة والدولة الوحيدة التى نجت من هذا المصير بفضل الله ورعايته، ووجود الجيش العظيم هى مصر، وقائد وطنى شريف، هو المنقذ لهذا الوطن، والذى حمل روحه على كفه، واتخذ قراراً شجاعاً هو حماية إرادة المصريين فى ثورة 30 يونيو 2013، وتحقيق وتلبية مطالبها، والتى صنعت الفارق فى إنفاذ مسيرة الدولة المصرية، وهى سبب ما تعيشه الآن من قوة وقدرة.
وقوع الدول وسقوطها هو بمثابة شهادة وفاتها لن تسمح قوى الشر والمؤامرة بعودتها من جديد بل تجثم على جثث هذه الدول لا تسمح بإعادة البعث لها وتراقب على مدار الساعة وتتابع أحوالها، وتجهز أولاً بأول كل محاولات العودة من جديد.. وهذه القوى، تعمل على التوسع والتوغل، واحتلال المزيد من الأراضى، والوصول إلى أعماق هذه الدول التى سقطت.. وتواصل سكب الزيت على النار، وتعمل على ترسيخ الفتن والانقسامات، وتغذى الدعوات الانفصالية، وتتحول الدول التى كانت موحدة إلى مجرد قطع صغيرة تمثل كل طائفة أو فئة، أو جماعة، وليس هذا فحسب بل يقوم الذئب بالتهام هذه الأغنام القاصية والمتفرقة.
لكن السؤال المهم، لماذا تسقط الدول وتقع فى براثن اللاعودة، وما هو الفيروس الذى يصيب جسدها بالوهن والضعف، فى ظنى أن الأسباب كثيرة، لكن أبرزها الغفلة وعدم إدراك خطورة مخططات قوى الشر فى الطرق على نقاط الضعف، وتجاهل التركيز على الوعى الحقيقى، وتوحيد الصفوف، لكن الأسباب الأبرز كالتالى:
أولاً: عدم الاستثمار فى التنوع والتعددية وتحويلها إلى طاقة فياضة من القوة والقدرة والاصطفاف، فربما يجد البعض فى تعدد الطوائف والمذاهب والأقليات نقاط ضعف لكن فى ظنى هى نقاط قوة إذا امتلك صُنَّاع القرار الرؤية الثاقبة، والعمل على بناء الدولة الوطنية ومؤسساتها، وهذه الوصفة، والخلطة السحرية لبناء الدولة الوطنية القوية القادرة ورغم أنها طبيعة مصر منذ آلاف السنين إلا أن الرئيس عبدالفتاح السيسى استثمر بشكل سخى وعبقرى فى بناء وتأسيس الدولة الوطنية المصرية، وتجديد شبابها بعد طرد فيروس الفتن والانقسام الإخوانى وهو فيروس لعين كلما دخل دولة عمل على تقسيمها ونشر الفتن بين أهلها، والعمل لصالح أعدائها، والحقيقة أن هناك دولاً لطالما عانت من الطائفية والمذهبية بدأت تأخذ بتجربة مصر فى بناء الدولة الوطنية ومؤسساتها.
ثانياً: من يمتلك جيشاً وطنياً قوياً وقادراً، يمتلك أمناً واستقراراً هذه عبارة للرئيس السيسى، فالجيوش الوطنية التى تتوحد خلفها الشعوب وتفخر بها وتدعمها هى من تتصدى للتهديدات والمخاطر وتحول دون سقوط الدول، أيضا من أهم أسباب ومقومات نجاة مصر من براثن المؤامرة وجود جيش وطنى عظيم، لذلك كانت ومازالت رؤية وقرار الرئيس السيسى التاريخى فى تطوير وتحديث القوات المسلحة الباسلة وتزويدها بأحدث نظم التسليح وتحويل الجيش المصرى إلى قوة إقليمية ضاربة ورادعة لكنها قوة وقدرة حكيمة لا تعتدى ولا تهاجم أحداً، ولكن تحمى وتصون، فمن أهم مقومات حماية الأوطان ومقدراتها ومكتسبات شعبها هى الجيوش الوطنية القوية، لذلك الجيش المصرى العظيم هو نعمة وهبة ربانية تستوجب الشكر والحمد.
ثالثاً: من أهم أسباب وقوع وسقوط الدول هو غياب الوعى الحقيقى والفهم الصحيح، وتساهل وتجاهل مؤسسات الدولة لحملات تزييف الوعى والتشكيك والتحريض والتشويه والأكاذيب والتى تستهدف العمل على هز الثقة وترسيخ الفتن، وإحداث الوقيعة بين أبناء الشعب الواحد أو النظام السياسى والمواطن، وأهم أسباب هذه النجاح والوعى المتوهج لدى المصريين هو حرص القيادة السياسية على الحديث والتواصل مع الشعب بلغة بسيطة تخرج من القلب تتناول كل الموضوعات دون تجميل وتعرض التحديات والإنجازات وتعتمد على المصارحة والمكاشفة، وهو ما حقق حالة من الاصطفاف الوطنى خلف القيادة السياسية وبناء وعى حقيقى.
الرئيس السيسى وضع روشته شاملة لحماية الدول من السقوط، ودائماً يقول للشعوب خلو بالكم أوطانكم، والشعب هو اللى هيحمى البلد دى ولازم نكون على قلب رجل واحد، فأى تهديد خارجى نحن قادرون عليه، لذلك نفهم أن الخطر يأتى من الداخل، والحماية أيضاً من الداخل، فصلابة واصطفاف الجهة الداخلية هى الحصن، أيضاً بناء الدولة الوطنية ودولة القانون وإرساء قواعد العدالة والشفافية ومكافحة الفساد والتمييز فلا مجال للتمييز على أساس الدين أو اللون أو المذهب أو الطائفة بالمواطنة هى الأساس والجدارة والكفاءة هى المعيار.
رابعاً: ضرورة وجود مشروع وطنى لتحقيق التقدم ومواكبة العصر، وأن يكون البناء والتنمية والإصلاح على رأس الأولويات، ومعركة وجود من أجل تغيير واقع الناس للأفضل وتحقيق آمالهم وتطلعاتهم فى العيش الكريم، ووجود إستراتيجية وطنية شاملة ومتكاملة لحقوق وبناء الإنسان، وبكل فخر أقول إن مصر تحقق إنجازات ونجاحات مهمة فى هذا الإطار، وتواصل المشوار، وتستكمل الطريق رغم قسوة الأزمات الإقليمية والدولية وتداعياتها وتحاول الخروج من شرنقة محدودية الموارد.. وكلما ارتفع مستوى المعيشة، وتحقيق التقدم، زادت معدلات التعليم والوعى والفهم.
خامساً: لا يمكن إنكار دور الإعلام والقوى الناعمة والدراما فى حماية الأوطان من الغزو الثقافى ومحاولات احتلال والسيطرة على العقول، لذلك هناك دور عظيم للإعلام الوطنى فى حماية العقل والهوية.
من هنا أقول.. الدول التى تسقط، تسقط من الداخل بسبب غفلة أنظمتها السياسية وابتعادها عن التواصل وأيضاً وضعف وعى شعوبها، واحتلال العقول والسيطرة عليها، فالسقوط ليس شرطاً أن يكون بالحرب ولكن الأخطر السقوط من الداخل، ساعتها سوف ينقض العدو على الدول يقضى على جيوشها الوطنية، وقدراتها الإستراتيجية لتصبح بلا أنياب أو قدرة على الدفاع عن نفسها والتوغل واحتلال الأراضى، وتصبح عودة هذه الدولة مستحيلة، لأن عدوها لن يسمح بل يغذى الفتن والحروب والاقتتال الأهلى، وتحريض الطوائف والمذهبيات والفئات لينتشر الإرهاب والقتل والهلع والذبح لذلك الدول التى تقع لن تقوم، والدول التى تسقط لن تعود.