د.معيط: استعدنا ثقة المؤسسات الدولية.. ونتطلع لتحسين التصنيف الائتمانى للأفضل
السياسات الإصلاحية والمتكاملة تعزز مسيرة «التعافى والاستقرار والنمو»
تغيير مؤسسة «فيتش» للتصنيف الائتمانى نظرتها لمستقبل الاقتصاد المصرى من «مستقرة» إلى «إيجابية»، كان أمراً متوقعاً من جانب الخبراء والمتابعين للإصلاحات والإجراءات التى اتخذتها الحكومة مؤخراً.
كانت الوكالة الدولية قد خفضت– فى نوفمبر الماضي– التصنيف الائتمانى لمصر بالعملة الأجنبية على المدى الطويل إلى مستوى «B -» من مستوى «B» مع منحها نظرة مستقبلية مستقرة.
كما يعرفه الخبراء فإن «التصنيف الائتمانى أو الجدارة الائتمانية كلاهما مصطلحات تشير إلى عملية مراجعة أو مقياس يتم من خلاله دراسة وتحليل الوضع المالى لجهة ما سواء كانت شركة أو منظمة أو دولة، لتحديد الأهلية والقدرة على الاقتراض والوفاء بسداد الدين للمقرضين، وكلما تحسن التصنيف الائتمانى لدولة ما، زادت الثقة فى قوتها الاقتصادية وقدرتها على الوفاء بالتزاماتها المالية تجاه الجهات الممولة أو المقرضة، حيث يسهل التصنيف الجيد الحصول على القروض سواءً داخليًا أو خارجيًا، ويساهم فى خفض سعر الفائدة وتكلفة القرض.
وتبدأ درجات التصنيف من «AAA» الأعلى فى التصنيف الائتمانى والثقة فى الوفاء بالالتزامات المالية، وتنتهى بتصنيف «D» الذى يعكس التقصير والتخلف عن السداد فى جميع الالتزامات المادية.
ورغم الازمات العالمية والإقليمية الحالية، فإن الحكومة فى مصر عملت جدياً على تهيئة بيئة جاذبة للاستثمار، وأدخلت تعديلات جذرية على القوانين المتعلقة بالنشاط الاقتصادي، وسهلت الإجراءات اللازمة لإقامة المشروعات، وطورت وأدخلت الميكنة فى كافة الأجهزة والإدارات الحكومية، وكانت النتيجة تدفق رءوس الأموال الأجنبية للاستثمار فى مشروعات ضخمة، زادت من حجم النقد الأجنبى الوارد لمصر، وأعادت لسوق النقد استقراره، وللجنيه المصرى قوته ومكانته.
ومع زيادة تدفقات النقد الأجنبي، تمكن البنك المركزى المصرى من تصويب مسار السياسة النقدية، واتخاذ قراره الصائب بتحرير سعر صرف الجنيه، ثم رفع سعرالفائدة لسحب السيولة المالية من السوق والسيطرة بفاعلية على معدلات التضخم.
كل هذه الإجراءات التى تمت فى ظل ظروف صعبة أدت إلى الاتفاق مع صندوق النقد الدولي، وإتمام المراجعتين الأولى والثانية، ورفع قيمة القرض المخصص لمصر من 3 مليارات الى 8 مليارات دولار.
فى ظل هذا كله كان من المتوقع أن تغير مؤسسات التصنيف الائتمانى الدولية نظرتها وتقييمها للاقتصاد المصري، وكانت البداية بمؤسسة فيتش، التى عدلت أمس تصنيفها لمصر إلى إيجابى وهو ما يعكس النجاح الإقتصادى المصرى فهى بالفعل مجرد بداية ومن المتوقع ان تستتبعها باقى المؤسسات مثل ستاندرد آند بورز، وموديز.
الدكتور محمد معيط وزير المالية، أكد أن الاقتصاد المصرى بدأ يستعيد ثقة المؤسسات الدولية من خلال مسار أكثر تحفيزًا للانطلاق لآفاق أكثر إيجابية واستقرارًا، وانتهاج السياسات الاقتصادية الإصلاحية والمتطورة والمتكاملة والمستدامة؛ بما يُعزز مسيرة التعافى والاستقرار والنمو المستدام، وخلق المزيد من فرص العمل، بدفع جهود تمكين القطاع الخاص، ومضاعفة مساهماته فى النشاط الاقتصادى الوطني، خاصة فى ظل حرص الدولة على تنشيط القطاعات الإنتاجية والصناعية والتصديرية لتحقيق التنمية الشاملة والمستدامة، لافتًا إلى أن تخفيض الانفاق الاستثمارى العام للدولة ووضع سقف له بتريليون جنيه خلال العام المالى المقبل، يساعد فى جذب المزيد من الاستثمارات الخاصة.
الوزير أضاف ، عقب قرار مؤسسة «فيتش»، إننا نتطلع إلى استمرار العمل بقوة لتحسين التصنيف الائتمانى لمصر للأفضل خلال المراجعات المقبلة قبل نهاية عام 2024، موضحا أن الاقتصاد المصرى بات يمتلك قدرة أكبر على تلبية الاحتياجات التمويلية المستقبلية وسط التحديات العالمية والإقليمية الصعبة، المترتبة على الحرب فى أوروبا، والحرب فى غزة، والتوترات بمنطقة البحر الأحمر، مؤكدًا أن الاتفاق مع صندوق النقد الدولي، والحزم الداعمة من مؤسسات التمويل وشركاء التنمية الدوليين وتدفقات الاستثمار الأجنبى المباشر، الأخيرة والمتوقعة خلال الفترة المقبلة، تُعزز الاستقرار والتقدم الاقتصادي، حيث تُسهم فى تخفيف حدة الضغوط التمويلية على المديين القصير والمتوسط.
أضاف الوزير، أننا مستمرون فى مسار تحقيق الانضباط المالي، حيث نستهدف فى الموازنة الجديدة للعام المالى المقبل 2024/ 2025 تسجيل فائض أولى بنسبة 3.5٪ وخفض معدل الدين إلى 88.2٪ من الناتج المحلى الإجمالي، فى ظل وجود سقف ملزم للدين العام، ونستهدف أيضًا النزول به لأقل من 80٪ من الناتج المحلى بحلول يونيه 2027
أشار الوزير، إلى أننا نعمل على تحسين إدارة الدين وتقليل المخاطر المتعلقة بإعادة التمويل من خلال خفض عجز الموازنة، عبر تنمية موارد الدولة مع ترشيد الانفاق والحفاظ على تحقيق فائض أولى متزايد، وتسجيل معدلات نمو مرتفعة وتوجيه نصف إيرادات برنامج «الطروحات» لبدء خفض مديونية الحكومة وأعباء خدمتها، بشكل مباشر، والنزول بمعدلات زيادة مدفوعات الفوائد من خلال اتباع سياسة تنويع مصادر التمويل بين الأدوات والأسواق الداخلية والخارجية، إضافة إلى خفض الاحتياجات التمويلية التى تتكون من العجز، وإطالة عمر الدين بعد تحسن أسعار الفائدة، ووضع «سقف» للضمانات التى تصدرها وزارة المالية، ومراقبة حجم الضمانات السيادية الصادرة، والضمانات المطلوبة لما تشكله من التزامات محتملة على الموازنة العامة للدولة، وكذلك العمل على مراجعة كافة الضمانات المطلوبة والتفاوض على شروطها وخفض رصيد الضمانات السيادية للناتج المحلى الإجمالى بدءاً من العام المالى المقبل؛ على نحو يسهم فى تحقيق المستهدفات التنموية.
من جانبه قال أحمد كجوك نائب وزير المالية للسياسات المالية والتطوير المؤسسي، إن الحكومة اتخذت العديد من الإجراءات والتدابير الإصلاحية الجريئة على الجانب الاقتصادى والهيكلى التى ترتكز على الاستغلال الأمثل لموارد الدولة وقدراتها وإمكانياتها المتعددة لجذب المزيد من الاستثمارات الخاصة، لافتًا إلى أننا استطعنا تحقيق مؤشرات مالية إيجابية خلال التسعة أشهر الماضية، أن نترجم الجهود المبذولة لإرساء دعائم الانضباط المالى حيث فاقت نتائج الأداء المالى فى الفترة من يوليو إلى مارس 2024، التقديرات والمستهدفات الموازنية، وسجلنا فائضًا أوليًا بقيمة 415 مليار جنيه بمعدل 2.9٪ من الناتج المحلى الإجمالى مقارنة بـ50.1 مليار جنيه بمعدل نصف فى المئة «.5٪» فى نفس الفترة من العام الماليالماضي، بنسبة نمو سنوى أكثر من ٨ مرات ونصف، وتحقيق عجز كلى 5.24٪ من الناتج المحلى الإجمالي.