فى قرارها الشهر الماضى أمرت محكمة العدل الدولية إسرائيل ببذل كل ما فى وسعها لمنع الموت والدمار وأى أعمال إبادة جماعية فى غزة، لكنها لم تصدر قراراً بإنهاء الهجوم الذى أدى إلى تدمير قطاع غزة.. ورفضت المحكمة طلباً من جنوب أفريقيا بفرض إجراءات عاجلة إضافية لحماية رفح جنوبى قطاع غزة وطالبت المحكمة الكيان الصهيونى باحترام الإجراءات التى سبق أن فرضتها فى دعوى الإبادة الجماعية التى رفعتها جنوب أفريقيا ضد الكيان.
قالت المحكمة إن الوضع الخطير فى رفح يتطلب التنفيذ الفورى والفعال للتدابير المؤقتة التى أمرت بها المحكمة فى حكمها الصادر يوم 26 يناير الماضى والتى تنطبق على كل الغريب أن إسرائيل سبق أن طالبت محكمة العدل الدولية برفض طلب جنوب أفريقيا التى وصفته بالغريب وغير المناسب!!
من يتابع هذا الموقف والإجراءات التى تمت لابد أن يتوقف قليلاً ليعرف ماذا يحدث فى هذا العالم وما هى أهمية تلك القرارات التى لا تنفذ، وكما قالت المذكرة المصرية للمحكمة فإن كل القرارات الدولية ضد الكيان ولصالح فلسطين لا يمكن انكار هذه المحاكمات العالمية للكيان الصهيونى ومن يساندها ويدعمها ولكن لا شيء يتم تنفيذه!!
وإذا كان رأى محكمة العدل الدولية رأياً استشارياً للجمعية العامة للأمم المتحدة فإن قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة لم تنفذ حتى الآن وإذا كانت مرافعة مصر أمس شفوية قد أكدت على موقف مصر الدائم لحماية الحق الفلسطينى فإنها فى نفس الوقت قدمت وثائق ومستندات تؤيد هذا الحق طوال تاريخ الاحتلال الإسرائيلى لفلسطين المحتلة وحتى الآن.. ولابد أن نشير هنا إلى أن الرد المصرى ومذكرة مصر والمرافعة الشفوية تؤكد الدور المصرى الدائم فى هذه القضية إلا أنها لا علاقة لها بالدعوى التى رفعتها جنوب أفريقيا وحصلت على قرار ضد الكيان الصهيونى بشأنها فى 26 يناير الماضي.. وبالمستندات أكدت مصر على دعمها الفاعل لفلسطين منذ 75 عاماً وأكثر وحتى الآن خلال الحرب على غزة مما يرد رداً حاسماً على كل ما رددته الرئاسة الأمريكية بشأن دعم مصر لأهل غزة.
كانت الجمعية العامة للأمم المتحدة قد طالبت محكمة العدل الدولية بتقديم رأى استشارى قانونى حول الآثار القانونية للممارسات الإسرائيلية فى الأراضى المحتلة حيث تؤكد عدم شرعية الاحتلال الصهيونى الذى استمر حوالى 75 عاماً فى مخالفات واضحة وصريحة لأحكام ومبادئ القانون الدولى والإنسانى وممارسات الكيان الصهيونى فى ضم الأراضى بالقوة وهدم منازل الفلسطينيين وتهجير أهل فلسطين بالقوة ورفض ممارسة الفلسطينيين لحق تقرير مصيرهم أو حظر الاستيلاء.
وبرغم أن هذا الرأى الاستشارى للمحكمة لا علاقة له بقرار المحكمة بناء على دعوى جنوب أفريقيا إلا أنه من المؤكد أن هذا الرأى الاستشارى سيدعم ويساند القرار الصادر بشأن دعوى جنوب أفريقيا ضد الكيان الصهيوني.. من ناحية أخرى سيكون داعماً قوياً لموقف مصر وموضحاً دورها الايجابى طوال 75 عاماً وأكثر فى مساندة القضية الفلسطينية.
الغريب أن العالم كله يعرف الحق الواضح ويعرف ويشاهد الممارسات الصهيونية الظالمة ضد أهل فلسطين ومع ذلك مازال هناك من يساند الكيان الصهيونى خاصة أمريكا وبعض دول الغرب ومازال هناك من يدافع عن الكيان الصهيونى ويحاول إلصاق التهم للمقاومة الفلسطينية ــ أياً كان مسماها ــ ومازالت القرارات الدولية تصدر ضد الكيان وهناك من يسانده ويدعمه فى أوروبا وأمريكا.. بل إن أمريكا تساند الكيان وتمول مغامرات الصهيونى وغزواته واعتداءه المتكرر على أهل فلسطين بل إن هناك دعماً مادياً وعسكرياً بكل قوة للكيان الصهيونى إلى جانب أحدث المساعدات العسكرية الأمريكية والأوروبية للكيان.
وإذا كان العالم كله وفى مقدمته مصر قد أكد على ضرورة رفض العملية العسكرية المزمع قيامها فى رفح وضرورة الوقف الفورى لاطلاق النار فإن الواقع يؤكد أن العالم مازال يكيل بمكيالين.. وأن القوة والأمر الواقع هما اللذان يفرضان قرارهما فى كل موقع وكل وقت!!
فى مثل هذا اليوم «22 فبراير» منذ 66 عاماً تم إعلان الجمهورية العربية المتحدة كاسم رسمى لأول كيان وحدوى عربى بين مصر وسوريا فى 22 فبراير 1958 عندما قام الرئيسان الراحلان جمال عبدالناصر وشكرى القوتلى بتوقيع ميثاق الوحدة بين مصر وسوريا باسم الجمهورية العربية المتحدة.
اختير عبدالناصر رئيساً لجمهورية الوحدة.. والقاهرة عاصمة.. وبعدها بعامين أى فى عام 1960 تم توحيد برلمانى مصر وسوريا فى مجلس الأمة بالقاهرة.. ولم تستمر الوحدة بين مصر وسوريا طويلاً.. بل حدث انقلاب عسكرى فى سوريا يوم 28 سبتمبر 1961 وأعلن قادة الانقلاب الانفصال عن مصر واقامة الجمهورية العربية السورية وظلت مصر محتفظة باسم الوحدة «الجمهورية العربية المتحدة» لعشر سنوات حيث غير الرئيس أنور السادات الاسم بعد توليه الحكم وتحديداً عام 1971 إلى جمهورية مصر العربية ليظل حلم الوحدة العربية مستمراً فى وجدان الشعوب العربية وظلت الوحدة فريضة عربية غائبة حتى اليوم!!
ومن أعاجيب القدر أن اليوم الذى تحطم فيه حلم جمال عبدالناصر فى الوحدة العربية وهو يوم 28 سبتمبر وبعد 9 سنوات كاملة يموت جمال عبدالناصر فى نفس اليوم 28 سبتمبر وتموت الوحدة ولكن الأمل والحلم فى تحقيق الوحدة العربية ظل حتى الآن هو الأمل والحلم الذى يتمناه كثير من أبناء الشعوب العربية.
لقد قرأت يوماً على لسان أحد كبار الغرب فى أوروبا أن 27 دولة أوروبية اختلفت فى أصولها ولغاتها ودينها ومذاهبها شكلت الاتحاد الأوروبى وأصبح لها عملة واحدة هى اليورو وتحطمت الحواجز بين شعوبها، بينما الدول العربية تعيش فى منطقة واحدة وتتحدث لغة واحدة هى العربية ومعظم أهلها مسلمون ويعيش معهم الاخوة المسيحيون فى أخوة حقيقية ومع ذلك فشلت الدول العربية فى تحقيق الوحدة.. وحتى الجامعة العربية بلا تأثير ومعاهدات الاتفاق والوحدة كمعاهدة الدفاع المشترك هى مجرد حبر على الورق!!
نفس المقارنة الغربية كانت بين العرب والهند فدولة الهند تتحدث عدة لغات وتدين بعدة أديان وتعيش فى دولة واحدة على عكس العرب الذين يعيشون حالة مريبة وغريبة سواء بفعل فاعل أو بإرادتهم وكلاهما لا يعبر إلا عن فريضة عربية غائبة!!
مازلنا نذكر الموقف العربى الواحد والواضح خلال حرب أكتوبر المجيدة وكأنه حلم جميل استيقظنا منه سريعاً ليبدأ التشتت العربى بعد معاهدة كامب ديفيد!!
مازلنا نعيش حالة الحب العربى الصادق وشعوبنا الواحدة والمشاعر الإنسانية الصادقة ولكن بلا جدوى وبلا تأثير وبدون وحدة حقيقية.
الوحدة أيها السادة هى الفريضة العربية الغائبة فهل حان الوقت أن نكسر القيود ونحطم الحواجز والسدود وتكون لدينا وحدة عربية تحت أى مسمى أو أى شكل يناسب الجميع؟.. إنه حلم لعله يتحقق فى الواقع يوماً ما!!
الحب الضائع
احتفل العالم منذ أيام ــ وتحديداً يوم الأربعاء الأسبق ــ بعيد الحب أو ما يسمى بـ»فالانتين داي» ولكن الغريب هذا العام أن الاحتفال بعيد الحب فى مصر كان أقل وأضعف من سنوات عديدة مضت.. فهل مات الحب.. أم ضاع فى ظروف غامضة؟
ضاع الحب بين متاهات عديدة سواء فى المشاعر أو الظروف المادية أو حتى الأحاسيس التى لم تعد لها معنى أو تفسير.
الحب هو أسمى مشاعر الإنسانية لكن كلمة الحب باتت تطلق على أى شيء ولأى شيء ولأى هدف أو مكسب مادى سريع!!
الحب لا يموت لأن الروح حتى وإن ماتت فإن المشاعر والأحاسيس المرتبطة بالروح لا تموت وتظل علامة على الوجود الإنسانى ككل.. لكن ــ أى الحب ــ قد يمرض وقد يضيع وسط متاهات البشرية الضائعة.. لقد اختلط الحابل بالنابل.. وغابت معان كثيرة عن معناها ومسمياتها.. فالكذب أصبح خداعاً ومناورات والحب أصبح كلاما مستباحاً.. والصدق ارتبط بالأغبياء والحمقى أحياناً.. والمشاعر النبيلة لم يعد لها تأثير أو وجود حقيقى فى عالم مادى لا يهتم إلا بالمادة!!
لكى يعود الحب لابد أن نبدأ بداية صحيحة من حب فى الله وحب بالله وحب لله.. ساعتها سينمو الاحساس ويعود الحب كعنوان للجمال والمشاعر والأحاسيس الجميلة ــ وساعتها سنحتفل بعيد الحب كل يوم ــ بل كل ساعة وكل لحظة.. وحتى يتحقق هذا الأمل تعالوا ليبدأ كل منا بنفسه فى البحث عن الحب الضائع سواء داخلياً أو حوله أو حتى لو كان بعيداً عنه.. لأنه موجود ولن يموت إنه فقط ضائع فى زمن الضياع.