بقناعة إيمانية، أدرك قول الله تعالي: «ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها».. ويعلم الله مدى خوفى وحساسيتى الشديدة من الاقتراب من قضايا وموضوعات تقترب من أرزاق الناس، خاصة ما يرتبط منها بشهر رمضان الكريم أو عيد الأضحى المبارك وما ينتظره الكثيرون فيهما من خير يأتى من «السنة للسنة»- على حد قولهم.
ولكن لا يخفى على أحد أن الظروف الاقتصادية الصعبة التى يمر بها بلدنا مثل معظم بلاد العالم، تفرض علينا أن نعمل على تنظيم عاداتنا وسلوكياتنا بشكل أكثر رشداً ونفعاً للناس.. وفى نفس الوقت عدم الضغط على أوضاعنا الاقتصادية العامة وقيمة الجنيه المصرى مقارنة بسلة العملات الأجنبية، خاصة الدولار من أجل توفيره لاحتياجات أهم لا تقل عن السلع الغذائية الرئيسية، مثل الدواء ومستلزمات الصناعة والإنتاج وغيرها من ضروريات.
وفى هذا الأمر، فإننى أعتقد اننا مع قدوم شهر رمضان أو عيد الأضحي، فإننا نحمّل الدولة– ومن قبلها أنفسنا– أعباء اقتصادية هائلة تضغط على ظروفنا وتزيد من التضخم وارتفاع الأسعار فى هذه السلع، مثل الزيت والسكر والشاى والمكرونة والدقيق وغيرها بعد شهر رمضان.. وأيضا اللحوم بعد عيد الأضحى المبارك.. وذلك نتيجة للإسراف فى استهلاك السلع أو ذبح الثروة الحيوانية المحدودة لدينا فى فترة قصيرة.
وأدرك أيضا أن الدولة والحكومة تستعدان لمثل هذه المناسبات المرتبطة بعادات الناس وسلوكياتهم بمخصصات هائلة تضاف للموازنة العامة مع الزيادات الطارئة على أسعار السلع عالمياً وتكلفة الشحن وغيرها.. رغم أن هذا الشهر الذى فرض فيه الله الصوم، كان يفترض أن يكون أقل كلفة على الجميع، نحد فيه من حجم استهلاكنا للطعام والشراب، بالتقرب إلى الله بعيداً عن العادات الموروثة لدينا من العصر الفاطمي.
>>>
وبعيداً عن الكلام المُعاد والمُكرر الذى نردده سنوياً دون جدوي.. فإننى أقترح فكرة عملية، بأن نستبدل ما يُعرف بشنط أو كراتين رمضان التى اعتدنا كأفراد وجمعيات وهيئات ومؤسسات بأظرف نقدية تودع بها مبالغ نقدية توازى ثمن السلع التى يمكن أن تحتويها شنطة رمضان أياً كان وزن وحجم هذه الشنطة.. إلا المناطق النائية التى يصعب على أهلنا فيها، خاصة كبار السن القدرة على الشراء والتعامل مع الأسواق.. وهذا أمر متروك للباحث الاجتماعى لكل جمعية أو هيئة يستطيع تحديد الشكل الذى تُقدم به هذه الهدية الرمضانية.
وبصفة عامة، أتصور أنه من مصلحة غير القادر أن يحصل على ثمن هذه السلع نقداً، ويكون هو الأقدر ولديه الحرية الكاملة للتصرف فى هذه المبالغ يشترى بها زيتاً أو سكراً وفقاً لحاجته أو ملابس لأسرته أو دروساً خصوصية لأبنائه أو حتى يدخرها.
وفى هذا الظرف البسيط الذى يحمل تهنئة رقيقة بالشهر الكريم، حفظاً لكرامة الناس ونحن كشعب مصرى عريق، اعتاد أن يتكفل بيد بعضه البعض فى الظروف والملمات.. ودون أن تعرف اليد اليسري– كما نقول– ماذا أنفقت اليد اليمني.
وبالمناسبة، هذه ليست فكرة جديدة.. فقد بدأتها وزارة التموين من خلال كوبونات بقيمة مادية معينة يستطيع القادر أن يشتريها من الجمعيات ويمنحها لغير القادر لكى يصرف بقيمتها ما يحتاجه من سلع، مثل «كوبونات الخبز»، مع الفارق أن هذه الأظرف الرمضانية سوف تعطى غير القادر حرية أكثر فى التصرف، بعيداً عن هذه الشنط الرمضانية التى قد تحتوى من ضمن ما تحتوى أكياساً للملح.
>>>
باختصار، إن هذه الفكرة أنفع لنا جميعاً، خاصة الدولة التى تتكبد مبالغ هائلة من الاحتياطى النقدى لدى البنك المركزى من أجل استيراد هذه السلع الرئيسية التى تباع– للأسف– هذه الأيام بأكثر من سعر وتعيدنا إلى زمن الطوابير أمام المجمعات ويستفيد منها مستغلو الأزمات والدلّالات اللاتى اعتدن ممارسة أدوارهن المشبوهة إبان فترة الستينيات، والتسعيرة الجبرية.
عفواً.. إنها مجرد فكرة.. وكل عام والمصريون بخير، فى ظل مجتمع ينعم بالأمن والرخاء والحياة الكريمة.