نحتاج كثيرًا إلى لحظات تؤكد لنا أن الأمل لا يتوقف، وأن الحياة تتجدد دائمًا بفضل الإرادة والعزيمة، ومن بين هذه اللحظات التى تجعلنا نؤمن بأن الخير لا يزال موجودًا فى حياتنا، قصة الطفلة شمس إبراهيم مرسي، التى رسمت على وجوه من حولها ابتسامة لا تُنسي، وأعادت الأمل فى قدرة المجتمع على التكاتف والتضامن فى وقت الشدائد.
عندما وصلت أولى نداءات الطفلة شمس، كانت لا تتجاوز الأربع سنوات من عمرها، ولكنها كانت تواجه تحديًا كبيرًا منذ ولادتها، كانت تعانى من خلع فى مفصل الفخذ الأيسر، مما جعلها تتحمل آلامًا لا تُحتمل، ورغم محاولات الأطباء لإجراء عمليات جراحية لرد عظمة الفخذ فى مفصل الحوض، إلا أن حالتها لم تتحسن، لكن قلب والديها رغم التحديات لم يرضخ لليأس.
كان الأب عاملاً بسيطًا لا يملك القدرة على تحمل تكاليف العلاج الباهظة، وكانت الأسرة تكابد فى صمت، رغم الألم الذى كان بجسد الطفلة شمس. كانت تضحك وتبتسم رغم معاناتها، ولكن خلف هذه الابتسامة كانت توجد قصة من الصبر والرضا، وهى رسالة أمل فى الحياة لا يمكن أن يراها إلا من يملك قلبًا مليئًا بالإيمان.
وصل صوت هذه الطفلة إلى جريدة «الجمهورية»، وبعد نشر استغاثة والدتها، وصل إلى قلوب المسئولين، فاستجاب الدكتور خالد عبد الغفار، وزير الصحة والسكان، على الفور بتقديم العلاج على نفقة التأمين الصحي، وتم توفير رعاية طبية متكاملة للطفلة، مما أعاد الأمل فى قلب والديها. وبعد أن مرت الطفلة شمس بالعديد من الفحوصات الطبية والعمليات الجراحية، أصرت الأم على أن تكون أول خطوة لها إلى جريدة «الجمهورية»، حيث نشرت شكرها للمسؤولين على استجابتهم وشفاء فلذة كبدها.
اليوم، نعلن لكم أن هذه الطفلة الرائعة تجاوزت الألم، ووقفت على قدميها لتصبح مثل أقرانها من الأطفال، شمس لم تقتصر على كونها الطفلة التى عانت من صعوبات منذ ولادتها، بل أصبحت أيضًا الطفلة التى تحفظ القرآن الكريم وتذهب إلى المدرسة مثل أى طفل طبيعى، هى الآن تضيء الطريق لغيرها من الأطفال الذين يعانون فى صمت، وتثبت لنا أن الإيمان والعزيمة يمكن أن ينتصران على أكبر التحديات.
تحمد والدة شمس الله على الشفاء والنعم التى تملأ حياتها اليوم، وتُعبّر عن امتنانها العميق لكل من وقف معها، فى كلماتها قالت: «الحمد لله، شمس اليوم التحقت بالتعليم الأزهري، وتم تكريمها لحفظ القرآن الكريم، كلما تذكرت حالتها وأستشعر أنها وقفت على رجليها بفضل مجهودكم، دائمًا ندعو لكم، كما أنه تم القبض على زوجى ضمن الغارمين بسبب تعثرنا فى دفع تكاليف عمليات طفلتنا المريضة، وبفضل الله خرج من السجن بعد أن قامت جمعية خيرية بتسديد الديون، فأنا لا أستطيع أن أصف كم أنا ممتنة لمساعداتكم».
نحن أسرة «الجمهورية معاك» نعتبر قصة شمس جزءًا من رسالتنا الإنسانية، ونشعر بالفخر لأننا تمكنا من أن نكون جزءًا من حلقة وصل بين الألم والأمل، بين الحلم والواقع، وما زال لدينا الكثير من الأمل فى أن نواصل تقديم العون والمساعدة للآخرين، حتى لو بدأت القصة بحالة صعبة، فإن نهايتها تكون مليئة بالفرح والنجاح.