حوار أصبح معتادا أن نسمعه فى كل عام وفى كل مناسبة.. ونجد الاختلاف البين فى أراء وتوجهات بعضها حسن النية وبعضها يحمل أغراضاً خبيثة ضد الوطن وضد المصريين عموماً وإن بدا بعضها فى صورة نصيحة أو نهى عن منكر وإن كان ما يبطن يختلف كثيراً عما يظهر.
تعودنا فى كل مناسبة وطنية أو دينية أن يخرج علينا البعض بفتاوى وأراء غريبة تهدد سلامة الوطن مباشرة.
لن تجد مناسبة تمر دون هذه المجادلات والحوارات التى لا تسمن ولا تغنى من جوع.. ففى عيد ثورة يوليو يخرج علينا البعض بهجوم على الثورة محملاً لها ولمن قام بها بالمسئولية عن أشياء لا يراها إلا أصحاب الهوى الذين يسعون بكل قوة لإفساد أى مناسبة وطنية.
حتى نصر أكتوبر الذى لايختلف عليه اثنان يجتمعان على حب الوطن لا تكاد تمر ذكرى الاحتفال به دون أن يخرج علينا البعض بتقييمات خارجة عن المنطق وعن الوطنية لتصوير النصر الذى يحترمه العالم كله والذى يتم تدريسه فى أكبر أكاديميات العالم العسكرية على أنه هزيمة أو أنه تمثيلية تمت بالاتفاق بين السادات وإسرائيل لينتهى الأمر بكامب ديفيد.
أما الاحتفال بالمولد النبوى فلم يسلم أيضاً من بعض المتفذلكين ما بين تحريم ورفض وخلافه لمناسبة مولد الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام.. وأخيراً وفى كل عام نصل لنفس الفيلم الذى يتم إعادة عرضه بإصرار شديد عندما يخرج علينا البعض برفض تهنئة الإخوة المسيحيين بأعيادهم بل يصل الأمر بهم إلى حد تحريم وتجريم تهنئة أشقاء الوطن والمصير بالعيد وتكفير من يقوم بها.
تناسى هؤلاء قول الحق جل فى علاه «لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَة لِّلَّذِينَ ءَامَنُواْ اليَهُودَ وَالَّذِينَ أَشرَكُواْ وَلَتَجِدَنَّ أَقرَبَهُم مَّوَدَّة لِّلَّذِينَ ءَامَنُواْ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّا نَصَرَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنهُم قِسِّيسِينَ وَرُهبَانا وَأَنَّهُم لَا يَستَكبِرُونَ.. وَإِذَا سَمِعُواْ مَا أُنزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعيُنَهُم تَفِيضُ مِنَ الدَّمعِ مِمَّا عَرَفُواْ مِنَ الحَقِّ يَقُـولُونَ رَبَّنَـا ءَامَنَّا فاَكْتُبْنَا مَعَ الشَّهِدِينَ».
هذا قول الله عن إخواننا المسيحيين ولكن البعض يمحو كل هذا ليختصر الأمر فى عداوة غير مقبولة أو تحريم تهنئة الإخوة المسيحيين بأعيادهم معتبراً أن التهنئة هى اعتراف بديانة أو عقيدة تخالف ما تؤمن به وهنا أيضاً يتناسون قول الله تعالى فى محكم آياته «لكم دينكم ولى دين».. فالعقيدة تخص صاحبها والله فقط هو من يحاسب عليها وليس البشر ولكنهم يصرون فى كل مناسبة على تكرار نفس المقولات التى تهدف أولاً وأخيراً لضرب الوحدة الوطنية وإشاعة الفتن فى وقت عز فيه الاستقرار.
الأمر باختصار شديد هو الحرص على تهنئة أخوة لنا فى الوطن ومشاركتهم فرحتهم بأعيادهم وأنا شخصياً وبحكم عملى السياسى شاركت على مدار أكثر من ثلاثين عاماً فى جميع مناسبات الأخوة المسيحيين بالتهنئة ومعى الكثيرون ومستمرون على ذلك حتى الآن ولم نفقد يوما إيماننا ولم يغير أحد ممن شاركونا بالتهنئة عقيدتهم أو دينهم فالدين لله أولاً وأخيراً والوطن لنا جميعا على اختلاف الدين.
نصيحة أخيرة.. هذه المقولة التى تتردد كل عام هى جزء من مخطط نشر الفتنة والانقسام الذى حاولوا زرعه كثيراً فى مصر وفشلوا.. فانتبهوا لأن الأمر يسير بمنهجية شديدة وليس عشوائياً أو مجرد كلام والسلام.