مشهد الزحف الأعظم المقدس يوم الجمعة الماضية فى رفح، يدعو إلى الزهو والفخر لكل شخص ينتمى إلى هذا البلد العظيم، تكاتف وتضامن وتماسك من الآلاف المؤلفة، ينم عن بعض الأسرار المكنونة فى جينات المصريين تنتقل فى دمائهم جيلا بعد جيل، عشرات الملايين كانوا يتمنون أن يكونوا معهم، رفضا لتلك الدعوة الصهيونية القديمة المتجددة بتهجير الشعب الفلسطينى من أرضه ومحاولة اقتلاعه من جذوره، من أجل الغاصب المحتل الذى يتوهم أن ذلك هو الحل وما يحقق له الامن والاستقرار.
مصر، الوحيدة فى العالم التى لها علم خاص يدرس وله علماؤه ودارسوه، هو علم «المصريات»، هذا الشعب ليس له «كتالوج»، ولا يستطيع أحد فى الدنيا أن يقف على مفرداته، يسكت حتى السكون ويهب كالمارد وقت اللزوم، تظهر الأحداث معدنه الأصيل، لا تجد شعبا يشبه الأرض بالعرض إلا المصريين، ومصر كما سماها الراحل الكبير جمال حمدان فى كتابه «شخصية مصر»، هى عبقرية الزمان والمكان.
مصر العربية الفرعونية، الأفريقية الأسيوية، المتوسطية، موقع فريد يتوسط العالم، حضارتها علمت الدنيا، وأنار شعاع علومها العالم، تعلم فى جامعاتها اليابانيون والأوروبيون والأفارقة، واقترضوا منها وعاشوا على خيراتها أزمانا، وقصدوها يستطعمون الطعام أو مستعمرين، لكنها تبقى فى النهاية مقبرة الغزاة، تقدم للعالم الدرس تلو الآخر، وكما كانت عصية على السقوط فيما أسموه «الربيع العربى»، تظل عصية أمام كل طامع بوحدة وتماسك شعبها.
الشيطان، يحاول إعادة الخطيئة وتكرار النكبة الفلسطينية، بالبجاحة والغطرسة وقانون الغاب «البقاء للأقوى»، ولـــم يكتفــــوا بدمــــاء 50 ألف فلسطينى روت الأرض خلال 15 شهرا، بخلاف الدماء العربية والحروب التى كلفت الأمة الكثير من أبنائها وأموالها دفاعا عن الحق والمقدسات.
لم تكن وحدها فى هذا الموقف المخزى، بل هناك حملة شعواء مسعورة من صحف وقنوات ووكالات أنباء تابعة للوبى الصهيونى فى واشنطن وتل أبيب، تدعم الأفكار المتطرفة، وتؤلب وتستعدى ضد مصر، يقولون إنها ليست صديقاً وتقف حجر عثرة فى طريق خططهم، ويهددون بالمعونات.
لا يساورنى أدنى شك فى أن أمريكا وراء كل ما يحدث من قلاقل وحروب وصراعات فى العالم، تنشىء الجماعات المتطرفة وتدعمها، ثم تنسبها إلى الإسلام والمسلمين، دعمت بن لادن ليحارب لها روسيا، ودعمت داعش ضد منطقتنا وخاصة ضد الجيوش وفى مقدمتها الجيشان العراقى والسورى، ولا أقول ذلك من عندياتى، إنما باعتراف مرشحة ترامب لمنصب رئيس الاستخبارات، تولسى جابارد، التى كشفت عن ان الإدارة الأمريكية مولت «القاعدة» وجماعات متطرفة أخرى بهدف تغيير الأنظمة فى الشرق الأوسط.