فى بعض الأحيان، يلتقى الألم بالأمل ليتشكلا معًا فى قصص إنسانية تُظهر قوة التضامن وأثر الدعم، حيث تسطع نور الأمل فى أوقات الظلام، هذه هى قصة شعبان محمد السيد وزوجته، قصة تتجاوز المعاناة والتحديات الصحية لتفتح نافذة جديدة من النور بفضل التعاون الحكومي.
قبل ست سنوات، كان شعبان محمد السيد، العامل البسيط والمكافح من منطقة فيصل فى الجيزة، قدوة فى الجد والاجتهاد لتوفير لقمة العيش الحلال لأسرته، لكن حياته انقلبت رأسًا على عقب عندما أصيب بمشاكل صحية جسيمة تتضمن جراحة فى القلب والتهابا فى الشريان الرئوى ونقصًا حادًا فى الأوكسجين، دخل شعبان إلى مستشفى قصر العيني، وهناك أمضى أربعة أشهر من العلاج والمراقبة الطبية الدقيقة، ورغم التحسن الذى شهده بفضل الله ثم بفضل الرعاية الطبية، لم تدم فرحة الانتعاش طويلاً، بسبب عودة المرض بالظهور فجأةً بدخول شعبان فى غيبوبة ومازال فيها حتى الآن.
فى تلك اللحظات الصعبة، كرست زوجته الأصيلة كل جهودها رغم عدم وجود عائل لهم فى الاعتناء به؛ فكانت تُوقظه لتناول طعامه وتقدم له الرعاية والدعم، وأصبحت الزوجة امام تحديات كبيرة منها توفير القوت اليومى اللازم لأطفالها الصغار وعلاج زوجها المريض وبين تسديد ثمن إيجار السكن، تدخل الجيران وطلبوا من صاحب الشقة التى يسكن بها شعبان وأسرته إعفائهم من دفع الإيجار والحقيقة المالك صبر عليهم شهر وشهرين وثلاثة وبعدها تم طرد الأسرة فى الشارع، وعاشوا أمام العمارة عشرة أيام حتى تجمع أهل الشارع لتسديد ديون الإيجار ودفع الشهرية بانتظام حتى الآن.
لم تكن معاناة شعبان وزوجته تمر مرور الكرام، فتم نشر القصة فى صفحة «الجمهورية معاك»، وبعدها استجابت وزارة الإسكان سريعاً، لم نعلم تجاوب الوزارة بشكل رسمى ولكن علمنا ذلك من زوجة عم شعبان عندما تواصلت معنا وأفادت ان الوزارة بادرت بتقديم دعم ملموس فى ظل الظروف الصعبة التى تمر بها الأسرة.
توجهت الزوجة إلى مقر الوزارة فى العاصمة الإدارية الجديدة لتقديم المستندات اللازمة للحصول على شقة ضــمن «الأولى بالرعـــاية» بطـــريق الواحـــات بمدينة 6 أكتوبر وطلبت الوزارة منها بعمل زيارة ميدانية للمنطقة التى ستستقر فيها الأسرة، عبّرت الزوجة عن شكرها وامتنانها العميق لهذه المبادرة التى خففت من معاناتهم وأضفت بصيص أمل على مستقبلهم.
رغم الخطوة الإيجابية التى تمثلها المساعدة السكنية، يبقى السؤال الذى يشغل بال الزوجة: هل ستوفر المنطقة الجديدة الرعاية الطبية اللازمة لزوجها، خاصةً أن علاجه الرئيسى يتم حالياً فى مستشفى قصر العيني؟
تعتبر الرعاية الطبية أحد أهم العوامل التى ستحدد حياة هذه الأسرة فى المستقبل، وفى ظل تحديات الانتقال إلى بيئة جديدة، تأمل الأسرة فى أن يتم نقلهم إلى مكان يتمكنوا فيه من الحصول على نفس مستوى الرعاية التى كانت متوفرة لهم فى حياتهم القديمة، فكما كان أهل منطقة فيصل معروفين برحمتهم وحرصهم على راحة المحتاجين، تأمل الأسرة فى أن يكون نفس مستوى الرعاية والعناية متاحاً لهم فى المنطقة الجديدة.
إن قصة شعبان وزوجته ليست مجرد سرد لحالة فردية، بل هى نداء لتضافر جهود المجتمع والجهات الحكومية لتوفير الدعم الشامل للمحتاجين، وأن تبقى الإنسانية هى السمة الأبرز فى تعاملنا مع من يعانون.
نتمنى من كل قلوبنا أن يعود السند الحقيقى لشعبان، وأن تشرق شمس الأمل من جديد على حياة هذه الأسرة البسيطة التى تستحق كل عناية ورحمة.