132 مليار جنيه.. لإنجاز945 كوبرى فى العشر سنوات الأخيرة
ما بين أرواح تزهق على الطرق فى سلسلة حوادث مفزعة، وضحايا يتعرضون لإصابات بالغة ينتج مآسٍ كثيرة، يظل ملف حوادث السير يقدم وقائع مأساوية، وأصابع اتهام توزع المسئولية على السائقين تارة، والطرق تارة أخري، وفى الوقت نفسه تبحث كل الجهود الحكومية عن حلول ناجحة لوقف ذلك النزيف، وحفظ الأرواح والممتلكات من فاتورة الحوادث.
فى الأسابيع الأخيرة، اشتعلت مواقع التواصل الاجتماعى بأنباء عديدة من حوادث طرق كان أشهرها حادث مروع شهده الطريق الدائرى حول القاهرة الكبري، أسفر عن تصادم 12 سيارة مختلفة، ولم يكن السبب فى ذلك الحادث سوى سيارة نقل، ليعاد توزيع الاتهامات بين الاهمال والسرعة الزائدة والرعونة وتعاطى المخدرات، فيما ذهب البعض ليلقى باللوم على الطرق، ويحملها بعضا من المسئولية عن استمرار الحوادث اللافت أن كل مايكتب تبدو فيه محاولة تشويه منظومة الطرق الحديثة التى تم إنشائها ونقلت مصر إلى المركز 28 عالمياًفى مستوى جودة الطرق، وكان لها الأثر الأكبر فى القضاء على نسبة كبيرة من الحوادث، لكن هناك من يصر على انكار هذا.
ومن هذا الملف خبراء ومتخصصون أكدوا لـ «الجمهورية»، أن الشبكة الحديثة للطرق والمحاور التى نفذتها الدولة ساهمت فى السيطرة على حوادث السير، عكس ما كان يحدث فى الماضى من كوارث، وطرحوا «روشتة» للوقاية من حوادث الطرق أهمها تأهيل العنصر البشرى وحقن الدماء التى تريقها حوادث الأسفلت بسبب الإهمال والعشوائية فى القيادة..
المستشار سامى مختار ـ رئيس الجمعية المصرية لرعاية ضحايا الطرق ـ قال إنه من الممكن تلخيص أسباب حوادث الطرق فى ثلاث نقاط وهى العامل البشرى والسيارة والطريق الذى له النصيب الأكبر فى الحد من الحوادث والسيطرة عليها، لذلك ساهمت الطرق والكبارى التى تم إنجازها فى الجمهورية الجديدة فى السيطرة على حوادث الطرق والحد منها بنسبة أكثر من 40 ٪ عن الوضع قديمًا قبل تدخل القيادة السياسية الحالية وإنشاء المنظومة الجديدة للطرق بما يتماشى مع بناء الدولة الحديثة،مشيرًا إلى أن الدولة لم تكتفى بتطوير الطرق بل تقوم بتركيب مجموعة من الأجهزة الحديثة والرادارات تجعل الطرق تعمل بالنظام الذكى لرصد المخالفات والسرعة الزائدة التى تعد أيضًا من الأسباب المهمة فى حوادث السير.
أضاف إنه خلال السنوات الأخيرة أصبح العامل البشرى السبب فى أكثر من 60 ٪ من الحوادث، بسبب عدم الوعى المجتمعى بأهمية السلامة على الطريق وتعاطى المواد المخدرة، لذلك قامت الجمعية المصرية لرعاية ضحايا الطرق بالتعاون مع صندوق مكافحة وعلاج الادمان لنشر ثقافة الوقاية من المخدرات وخطورة تعاطيها أثناء القيادة.
النائب إيهاب أنيس ـ عضو لجنة الشئون الدستورية والتشريعية بمجلس النواب قال أن قرار النائب العام الذى صدر مؤخرًا وينص على تحويل مرتكب جريمة التجاوز فى السرعة إلى النيابة العامة والمحكمة الجنائية قرار سليم تم دراسته بعناية شديدة وسوف يساهم بصورة كبيرة فى الحد من حوادث السير، مؤكدًا أن الدولة وضعت مجموعة من القوانين المكتملة التى تساهم فى تحقيق الانضباط أثناء السير على الطرق لأنه بعد انجاز هذا المشروع القومى الضخم للطرق، لم يعد مقبولاً السماح للمستهترين يتجاوز القانون وإزهاق الأرواح.
أضاف أن القيادة السياسية نفذت شبكة حديثة للطرق تضاهى مثيلتها فى الدول المتقدمة ساهمت فى تحقيق القيادة بسهولة وأمان لذلك نجد نسبة الحوادث انخفضت بصورة كبيرة عن الماضى ،مشيرًا إلى أن أغلب الحوادث التى تحدث على الطريق ترجع إلى السلوك البشرى بنسبة 95 ٪ ،فليس من المعقول أن يكون لدينا طرق بمواصفات عالمية والطريق مكون من خمس حارات مرورية كبيرة ومزود بأحدث الرادارات والإضاءات ونجد عليه حادثة مأساوية ونلقى باللوم على الطريق أو الدولة ولكن المشكلة هنا فى السلوكيات المتهورة وتجاوز السرعة.
قال الدكتور حسن مهدى – أستاذ هندسة الطرق بجامعة عين شمس إن حوادث الطرق موضوع متشعب، حتى فترة قصيرة جدا كانت له ثلاثة مصادر يطلق عليها مثلث المشاكل وهى الطرق والمركبات والسائق وبمجرد حدوث أى خلل فى ضلع من المثلث يؤدى إلى الحادث، ولكن اليوم بعد تنفيذ المشروع القومى لشبكة الطرق الجديدة التى تمت بمواصفات عالمية بالإضافة إلى الاهتمام بصيانة وتجديد الطرق القديمة وفصل السيارات النقل عن خط سير السيارات الملاكى فى الطرق الرئيسية اعتقد أن بهذه الخطوات يجب أن نستبعد الطريق لأنه لم يعدالمتهم الرئيسى فى هذه القضية وخاصة أن هناك دراسات حديثة تشير إلى أن نسبة إسهام الطريق فى الحوادث تصل إلى 30 ٪ والمركبة 10 ٪ وسلوك الفرد يسهم بـ 60 ٪ .
وأضاف أنه خلال السنوات الماضية تم وضع ميزانية بتكلفة 530 مليار جنيه لتنفيذ شبكة طرق حديثة تليق بالجمهورية الجديدة وشهدت بها كل المؤسسات الدولية حيث تم التخطيط لانشاء طرق جديدة بإجمالى أطوال 7000 كيلو بتكلفة 175 مليار جنيه، وتم الانتهاء من تنفيذ 6300 كيلو منها بتكلفة 155 مليار جنيه، وجارى العمل فى 700 كيلو، كما تم التخطيط لتطوير وازدواج ورفع كفاءة 10 آلاف كيلو من شبكة الطرق الحالية بتكلفة 130 مليار جنيه، وتم الانتهاء من تنفيذ 8400 كيلو منها بتكلفة 110 مليارات جنيه، وجارى العمل فى 1600 كم.
وأشار الدكتور مهدى إنه حتى نهر النيل الذى كان سبباً فى كثير من كوارث بسبب التعديات تم تلافى هذا وتم التخطيط لإنشاء 34 محورا جديدا على النيل تم إنجاز النسبة الأكبر منها مثل محاور «تحيا مصر ــ حلوان ــ بنها ــ الخطاطبة ــ طلخا ــ جرجا ــ طما ــ بنى مزار ــ عدلى منصور ــ قوص ــ سمالوط ــ كلابشة ــ ديروط ــ شمال الاقصر» وكلها محاور على مستوى عالمى، وأيضًأ تم التخطيط لإنشاء 1000 كوبرى نفق بتكلفة 140 مليار جنيه حيث تم إنجاز 945 كوبرى نفق بتكلفة 132 مليار جنيه.
الدكتور أسامة عقيل ـ أستاذ الطرق من هندسة عين شمس يرى أنه مع الشبكة العملاقة للطرق هناك، نقصا فى العلامات الأرضية والعواكس الليلية ومنحنيات الأمان وكذلك الحواجز الجانبية لمنع انقلاب السيارات والدولة تقدم بتركيب هذه العلامات لكن غيابها يرجع إلى تعدد حوادث سرقة العلامات المرورية والطرق وكل ذلك فى النهاية يسهم فى حوادث الطرق التى ينتج عنها آلاف القتلى سنويا بالإضافة إلى المصابين.
أضاف: إن حوادث الطرق خارج المدينة أشد منها فى الداخل وهو ما يرجع إلى التهاوين فى تشديد العقوبة مع تواجد الدوريات المرورية الثابتة وقلة الدوريات المرورية المتحركة مما يسمح لقائد السيارة بتفادى أماكن الأكمنة.
وقال الدكتور خالد الشافعى الخبير الاقتصادى إن قطاع الطرق شهد تطورا كبيرا وانعكس هذا التطور على مصر فى مؤشر التنافسية الدولية فى مجال جودة الطرق حيث قفزت مصر نحو 90 مركزا وتحديدا من المركز 118 إلى المركز 28 مما أدى إلى خفض معدل وفيات حوادث الطرق بنسبة 44 ٪ خلال العام الماضي.
وأضاف أن أسباب انخفاض وتراجع حوادث الطرق وقفز مصر على مؤشر الجودة يرجع إلى ما حققته هيئة الطرق والكبارى خلال السنوات الأخيرة من شبكة حديثة وذكية للطرق والمحاور والكبارى والانفاق بالإضافة إلى تطوير الطرق المحلية.
وقال د.الشافعى إن أعمال التطوير والتوسعة والصيانة الشاملة التى تم تنفيذها ساهمت فى رفع مستوى الخدمة فى الطريق وانخفاض حوادث الطرق والحفاظ على أرواح الشعب من نزيف الأسفلت ،وأيضا استيعاب أحجام المرور الكبيرة المتدفقة عليه على مدار اليوم بالإضافة إلى تقليل زمن الرحلة لمستخدمى الطريق وتقليل استهلاك الطاقة للمركبات فضلا عن الحد من الآثار البيئية السلبية.
خبراء الإعلام والاقتصاد والاجتماع: دور أساسى لوسائل الاتصال ودور العبادة
الثقافة المرورية ..تحفظ سلامة المواطن
اتفق خبراء إعلام واقتصاد واجتماع فى تصريحات لـ»الجمهورية» رداً على سؤالنا حول أسباب الحوادث، ووسائل التقليل من أعدادها ومخاطرها، على ضرورة استخدام الإعلام ودور العبادة فى دعم عملية التوعية بضرورة الالتزام بقواعد السير والطرق.
قال الدكتور أحمد فخرى أستاذ علم النفس فى جامعة عين شمس ـ إنه يجب الحد من عشوائية استخراج رخص القيادة لأنها تعتبر السبب الأساسى والرئيسى فى حوادث الطرق فلابد الكشف على من يرغب فى استخراج رخصة قيادة للتأكد من عدم وجود ميول عدوانية لديه وابتعاده عن قائمة الإدمان وتناول المواد المخدرة للحفاظ على سلامته وسلامة الآخرين.
وأضاف أنه يجب أن يكون هناك تغليظ فى عقوبة الأخطاء المرورية خاصة لسائقى سيارات النقل الذين يتعاطون المواد المخدرة أثناء القيادة وهم كذلك لا يلتزمون بالسلوك المرورى مما يؤدى إلى زيادة عدد الحوادث بسبب التهور والسرعة الجنونية ،ولتفادى ذلك يجب تنشئة الأطفال على الثقافة المرورية عن طريق وضع مادة فى التعليم الأساسي.
الدكتور وائل قنديل أستاذ الإعلام بجامعة 6 أكتوبريرى إن هناك مجموعة من العوامل يجب توافرها للقضاء على هذه المشكلة التى تهدد الدولة وتستنزف مواردها وتتمثل فى نسق مرورى مرتبط بإدارة الطرق ونسق تربوى وتنظيم وهندسة الطرق، وأيضا نسق إعلامى يشرح للمواطنين القواعد السليمة للقيادة وآداب الطريق حيث لدينا عدد كبير من السائقين الذين يتجاوزون السرعات المقررة ولا يلتزمون بآداب القيادة السليمة ويستخدمون الهاتف أثناء القيادة.
وأضاف إن الإعلام له دور كبير فى حل هذه المشكلة عن طريق التوعية بالثقافة المرورية والدعوة لطريق آمن عن طريق الحملات فى الإعلام المرئى والمسموع والمقروء والمساجد والكنائس، القضية ليست طرق فقط أو مرور وعقوبات،وإنما أيضا دور الجهات المختلفة فى التوعية حتى نتمكن من القضاء على ضعف الوعى الثقافى المرورى الذى ينتج هذه الحوادث خاصة وأن الدولة لم تدخر جهدًا فى إنشاء شبكة حديثة للطرق.
خلال 10 سنوات وبفضل المشروع القومى للطرق
مصر تقفز 100 مركز فى الترتيب العالمى لمؤشر جودة الطرق لتصبح 18 عالمياً
انخفاض أعداد الوفيات من حوادث السيارات بنسبة 28٫6 ٪..والمصابين 17٫9 ٪
كتب –أحمد خيري
على مدار السنوات العشر الماضية، تمكنت الدولة من بناء شبكة طرق قومية مترابطة وممتدة المحاور فى مختلف المحافظات الجمهورية، حيث تسارعت الخطى لتطوير البنية التحتية ورفع كفاءة الطرق والنهوض بها وفقاً للمقاييس والمعايير العالمية، باعتبار ذلك ركناً أساسياً فى تحقيق أهداف خطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وبما يضمن سهولة الحركة والتنقل بشكل يساهم فى تيسير حركة النشاط الاقتصادى وجذب المزيد من الاستثمارات، وتحسين حياة الإنسان المصري، إلى جانب خلق حالة من الانسياب المرورى وزيادة معدلات السلامة والأمان على الطرق المختلفة، فضلاً عن خفض نسب وقوع الحوادث، وهو ما دفع إلى تحسين وضع مصر فى الترتيب العالمى بمؤشر جودة الطرق.
أكدت وزارة النقل أن مصر تقدمت نحو 100 مركز فى الترتيب العالمى لمؤشر جودة الطرق محتلة المركز 18 عالميًا، خلال 10 سنوات بفضل المشروع القومى للطرق وأن إجمالى الطرق المستهدف تنفيذها ضمن المشروع القومى للطرق بلغ 7000 كم، تم تنفيذ 6300 كم منها بتكلفة 155 مليار جنيه، أدت إلى زيادة أطوال الطرق الرئيسية بنسبة 29.8 ٪، لتبلغ 30.5 ألف كم بنهاية عام 2024، مقابل 23.5 ألف كم عام 2014، كما تم تطوير ورفع كفاءة 8400 كم من الطرق الرئيسية بتكلفة 110 مليارات جنيه من إجمالى 10000 كم مستهدف تطويرها.
أوضحت الوزارة أن مشروعات إنشاء وتطوير الطرق أدت إلى انخفاض أعداد الوفيات من حوادث السيارات بنسبة 28.6 ٪ ، رغم زيادة عدد السكان وعدد السيارات، علماً بأنه تم اختيار السنة وفقاً لأقدم بيان متوفر بعد تغيير المنهجية الاهم ان الشبكة الضخمة من الطرق لم تكن مجرد مسارات لتسهيل الحركة وانما تحولت إلى محاور تنموية تقام على جانبها المدن والمشروعات العملاقة ضمن استراتيجية زيادة رقعة العمق فى مصر.
كما نفذت الدولة المشروع القومى للطرق بهدف كل مناطق الجمهورية وتحقيق الاستغلال الأمثل لثروات مصر القومية ممثلة فى مناطق التعدين والسياحة والمساهمة فى الخروج من الوادى الضيق و تعمير مناطق جديدة فى الصحراء الغربية وشمال سيناء وخدمة مناطق التنمية الزراعية وزيادة حجم المنقول من البضائع بين مراكز النشاط الاقتصادى المختلفة داخل الجمهورية وكذلك خفض أزمنة الرحلات وبما له من مردود إيجابى فى تكلفة التشغيل بالإضافة إلى توفير مبلغ 8 مليارات دولار سنوياً ثمن المحروقات والوقود الذى تتحمله الدولة نتيجة الاختناقات المرورية والحد من الآثار البيئية السلبية .