الخطوات المهمة التى حدثت فى الأيام الأخيرة بإعادة الروح إلى النصر للسيارات وشركة المحلة الكبرى عملاق النسيج فى المنطقة ..التفاتة مهمة وحيوية نحو الصناعة الوطنية وتأكيد على أهمية احياء هذا المسار للمساهمة الجادة والفاعلة فى تحريك وتنشيط قواعد وركائز النهضة وتثبيت خروج حقيقى وآمن من عنق زجاجات أرهقت الاقتصاد القومى واثقلت كاهل المواطن فى بر مصر.. ولتحقيق انتفاضة اقتصادية حقيقية تساند وتؤازر الجنيه بسبب الاعتماد بشكل كبير على الاستيراد حتى فى أبسط الحاجيات مما انعكس سلبا على سوق النقد الأجنبي.
قطاعات مهمة تنتظر تدخلا قويا وحاسما لاعادة الروح من جديد خاصة من الفريق كامل الوزير نائب رئيس الوزراء ووزير النقل والصناعة.. عين تلك القطاعات وقلبها معلق بما حدث فى النصر للسيارات..وكلها امل فى إحداث نقلة نوعية فى الإنتاج وتحقيق طفرة فى التصدير الى الخارج..
فى الإطار ادعو سيادة الفريق الوزير إلى زيارة عاجلة وملحة لمنطقة شبرا الخيمة والنظر إليها بعين الاعتبار والاهتمام..فهى غنية بالمناطق الصناعية الحيوية والمتنوعة ليس فقط فى صناعة النسيج والملابس الجاهزة بل فى صناعات أخرى واعدة فى المنتجات المعدنية والبلاستيك والزجاج والكريستال وايضا الأحذية والكوتشيهات والتى تنتشر بصورة كبيرة فى الآونة الأخيرة ولكنها تحتاج إلى قدر من الضبط والربط والدعم ايضا لتدخل سوق المنافسة العالمية فى تلك المجالات..خاصة أن بعضها يعمل باجتهادات فردية وتقاوم وتنافس بعشوائية..
كان من المؤمل أن تشارك مناطق شبرا الخيمة الصناعية فى تحقيق جزء كبير من خطة مائة مليار دولار تصدير خاصة أن عددا لا بأس به من المصانع فى البدل الجاهزة وملابس الاطفال والنجف والكريستال وغيرها تقوم بتصدير إنتاجها مباشرة إلى عدد من الدول العربية والأوروبية وكنت اشاهد بام عينى راسى التريلات الكبيرة والكونتنرات فى الشوارع وهى تقوم بتحميل البضاعة من الملابس والحصر البلاستيك ولاتزال تعمل حتى الآن.. ولكن للاسف انخفضت الاعداد بنسبة ملموسة… ولا تعجب أن تجد على مقاهى شبرا الخيمة سائقى الشاحنات يحدثونك بأسى وحسرة عن ايام كان السفر بالتريلات لا يتوقف ليل نهار سواء إلى الموانئ فى بورسعيد والسويس والإسكندرية وحتى السفر إلى ليبيا وتونس والجزائر بريا يحملون الخير ذهابا وإيابا..
مصانع شبرا الخيمة تواجه حربا شرسة على العديد من الأصعدة..يغلفها فى كثير من الأحيان الإهمال والفوضى فنسبة كبيرة من مصانع النسيج أصبحت متهالكة بالفعل ينطبق عليها القول «اكل عليها الدهر وشرب».
يصاب المرء بالصدمة حين يمر على بعضها وقد دفنت الأنوال تحت الارض بعد أن ارتفعت الشوارع بحكم الرصف المتجدد والعشوائى ..الانوال لا تزال تنقل على عربات كارو تجرها الأحصنة والحمير.. المصابغ متواضعة للغاية والعمل فيها بدائى بشكل كبير!
فى حالات كثيرة تتعرض الانوال إلى مزاحمة من ماكينات صناعة شنط البلاستيك واخواتها وتكاد تقضى عليها بسبب الكسب السريع والسهل مع البلاستيك فى مقابل صعوبة فى التجديد والتطوير وحتى فى الصيانة للماكينات التى تجاوزت عمرها الافتراضى بعقود..
هؤلاء الصناع المرتبطون بالغزل والنسج سواء الصغار منهم او الكبار كلهم يعانى يحتاجون إلى التفاتة قوية خاصة أن بعضهم يعتبر الصناعة جزءاً من تاريخ العائلة ولا يمكنهم التفريط فيها بسهولة وبالتالى يبذلون أقصى الجهد وطاقات التحمل من أجل الاستمرار وايضا من أجل أسر العاملين الذين يتعيشون من عملهم فى النسيج..
الخطر الأكبر ما يمكن أن نسميه عملية التبوير للمصانع حيث يتم بيع الماكينات خردة ويتم تقسيم الأرض مبان.. ومن المفارقات أن نسبة كبيرة جدا من الابراج الشاهقة فى شوارع شبرا الخيمة قائمة على أنقاض مصانع كانت كبرى وكان مخصصا لها مناطق سكنية كبرى ايضا للعمال على مرمى حجر من الشركة..الان الابراج تقف شاهقة وتخرج ألسنتها للجميع خاصة من يتحسرون على القلاع الصناعية..ولا تزال حتى اليوم عمليات التصفية والتبوير من أجل بناء الابراج قائمة على قدم وساق..
مصانع الإنتاج الصغيرة تقاوم بشدة للحصول على مقومات ومستلزمات الإنتاج فى ظل الضغط على الدولار وهؤلاء المنتجون البسطاء وأصحاب الورش الصغيرة يعانون من سيطرة وسطوة المستورد أما الدفع بما لايطيق وبأسعار السوق السوداء او الانتظار حتى يأتى الفرج مع ما يستتبع ذلك من توقف وتسريح عمال ومشكلات أخرى ليست هينة..
هؤلاء المنتجون الصغار يحتاجون إلى دعم وحماية من خطر الهوامير فى السوق حتى يمكنهم الاستمرار ولا يتعرضون لخطر الإيقاف.. يحتاجون إلى حاضنة وطنية تأخذ بأيديهم وتوفر لهم المستلزمات الضرورية بصورة منتظمة ومنضبطة بعيدا عن الاعيب الكبار وبما يضمن الاستقرار والأمان فى سوق العمالة المضطربة اصلا بعد هجوم التكاتك واشباهها وهروب العمالة الفنية إلى مهاوى الكسب السريع وتجارة الكيف والممنوعات..
بقى أن نعرف أن منطقة شبرا الخيمة كانت مركزا لا يقل أهمية وحيوية وينافس بشكل كبير القلاع الكبرى للغزل والنسيج فى المحلة وكفر الدوار أيام العصر الذهبى للقطن المصرى العظيم.. والامل المعقود عليها والأهداف المرجوة والطموحات للارتقاء بالاقتصاد الوطنى والمنافسة فى السوق العالمى بما يناسب قدر مصر ومكانتها..
والله المستعان..