سيبقى يوم الخامس والعشرين من يناير شاهد عيان على بطولات وتضحيات وعطاء الشرطة المصرية.. سيبقى تجسيدا لمعانى الولاء للوطن والتضحية لأجله.. سيبقى شاهداً على ملحمة عطاء رائعة شهدت احداثها مدينة الإسماعيلية.. ففى يوم الخامس والعشرين من يناير عام 1952 قامت قوات الاحتلال الإنجليزى بمحاصرة مديرية أمن الإسماعيلية وانذرت أفراد قوة المديرية بتسليم أسلحتهم ومغادرة المحافظة خلال ساعتين.. كان هدف قوات الاحتلال هو وقف دعم رجال الشرطة للمقاومة الشعبية الفدائية فى المدينة.. لكن رجال الشرطة فى المديرية رفضوا الاستسلام والتسليم.. وعلى الرغم من عدم التكافؤ فى القوة الضاربة وبرغم معرفتهم بنتيجة المواجهة مقدما وهى الاستشهاد الحتمى الذى لا خيار غيره.. الا انهم اتخذوا قرار المقاومة والصمود حتى آخر ضابط وجندى فى المديرية.. اختاروا الشهادة وكانت الحياة فى متناول ايدهم.. اختاروا التضحية وكانت النجاة خياراً آخر عرضته عليهم القوات الإنجليزية.. اختاروا الفداء وكانت أعينهم على الوطن وقلوبهم تحيطه بالحب والدفء وترويه بالدماء الذكية.
قرر رجال الشرطة الأبطال الصمود والتصدى لقوات الاحتلال الهائلة والقوية.. وسقط منهم أكثر من 50 شهيداً و100 مصاب.. وغطت الدماء الذكية أراضى وجدران المكان لتكون شاهدا على ملحمة لا يضارعها ولا يدانيها سوى ما نعيشه الآن من تضحيات رجال قواتنا المسلحة البواسل ورجال الشرطة الأبطال فى مواجهة الإرهاب الأسود والجماعات الظلامية التكفيرية.
فى الأيام القليلة الماضية عشنا أجواء شديدة البرودة.. واختفى الناس فى الحجرات المغلقة واستشعروا الدفء تحت البطاطين الثقيلة وكادت الشوارع تخلو من المارة ليلاً فالبرد قارس والأسنان تصطق والمشروبات الساخنة تتصدر أسلحة المواجهة.. فى هذا الطقس الموجع يكرر جنودنا من أبطال الشرطة جنبا إلى جنب مع أبطال قواتنا المسلحة الباسلة.. مشاهد ملحمة الإسماعيلية.. على الحدود الغربية والشمالية.. فى سيناء والصحراء الغربية.. فى كل ربوع الوطن.. واقفون صامدون قادرون على حماية أمننا وآماننا رغم البرد القارس والأمطار السخية.. فهذا هو قدر الرجال.. وهذا هو عهدنا بهم.
عقب أحداث يناير 2011 حمل رجال الشرطة مع أبطال القوات المسلحة عبء مواجهة أعمال البلطجة والحرق والتخريب والإرهاب والفوضي.. واستشهد العشرات من ضباط وصف وجنود الشرطة الذين جادوا بدمائهم من اجل الحفاظ على سفينة الوطن من أمواج عاتية ورياح عاصفة.. ليسطروا ملحمة لا تقل روعة عن ملحمة الإسماعيلية ولا عن ملحمة مواجهة الإرهاب فى سيناء وفى الصحراء الغربية جنبا إلى جنب مع بواسل القوات المسلحة.. فأحداث الإسماعيلية كانت تميمة التضحية.. والفداء وسلامة الوطن وأمن المواطنين وحماية الأرض والعرض كانوا كلمة السر لبذل الأرواح رخيصة لترتوى الأرض الطيبة بدماء الشهداء ويسطر التاريخ صفحات وصفحات من المجد والفخار.
الشرطة فى الجمهورية الجديدة أصبحت تسطر كل يوم حكايات تجسد انحياز أبطالها للشعب.. مواقفهم من الغارمات البسيطات اللآتى وقعن ضحايا الاستدانة وايصالات الأمانة من أجل تلبية احتياجات أساسية كتجهيز عروس.. والتى تجسدت فى أروع صورها بتبرع ضباط الشرطة لسداد ديون عدد من الغارمات.. تجسد البعد الإنساني.
فى يوم الذكرى نتوجه لهؤلاء الأبطال باسمى آيات الحب والتقدير والعرفان.