إذا أردت أن تتعرف علي ذلك المصري الذي ذاب عشقاً في حب مصر وتاريخها وهويتها وعاش حياته الفنية منذ تخرجه فى الجامعة حتي وفاته بعد وصوله للعالمية من خلال بحثه عن الهوية المصرية وبثها في صورة ابداع سينمائي حتي وصفه النقاد بأنه صاحب مشروع مصري خالص عن الهوية والتاريخ – إذا أردت ذلك عليك بزيارة مكتبة الإسكندرية لتري وتتجول في متحف شادي عبد السلام الذي أقامته المكتبة تقديراً لإنجازاته ويضم عدداً من اللوحات الاسكتشات واللقطات السينمائية المأخوذة من افلامه ، كما يضم المتحف ايضاً بعض المقتنيات الشخصية الخاصة به مثل قطع أثات مكتبه . اما قاعة آفاق الملحقة بالمتحف فهي قاعة تعرض الافلام التي أخرجها شادي عبد السلام وأغلبها أفلام تسجيلية وتعليمية وكذلك بعض الافلام التي شارك فيها مصمم ملابس وديكور وأغلبها افلام تاريخيّة كما تعرض بعض الأحاديث التليفزيونية التي اجراها الفنان وبعض البرامج التي تتناول حياته واعماله . ولد شادي عبد السلام في 15 مارس عام 1930 ، وبعد تخرجه في كلية فكتوريا بالإسكندرية عام 1948 درس فنون المسرح في لندن ليعود مرة أخري إلي مصر ليدرس في كلية الفنون الجميلة التي تخرج فيها عام 1955 ليحصل علي درجة الامتياز في العمارة التي تعلمها علي يد المعماري حسن فتحي الذي عرفه علي الفنون الإسلامية المختلفة لكنه لم يفكر وقتها أن يعمل مهندساً للديكور . إلا أن الصدفة هي التي جعلته يتجه لذلك التخصص في بدايه عمله بالسينما ففي اثناء التحضير لفيلم «حكاية حب» تغيب مهندس الديكور فقرر المخرج حلمي حليم إسناد المهمة لشادي عبد السلام الذي نجح فيها ويبدأ بعدها في تصميم الديكور والاكسسوارات لأفلام ذات بعد تاريخي منها «وإسلاماه» و»أمير الدهاء» و»رابعة العدوية» و»عروس النيل» وقد اشتهر بولعه بالتاريخ المصري مما جعله محط أنظار مخرجين عالميين فرشحه المخرج «أندرو مارتون» في عام 1961 ليقوم بتصميم الديكورات والمناظر والتي كان اهمها ديكورات فيلم «وإسلاماه» كما عمل خارج مصر مصمماً للديكور والملابس في الفيلم الامريكي (كليوباترا) وصمم المركب الفرعوني في الفيلم وكذلك ديكورات وملابس الفيلم البولندي ( فرعون) وفي عام 1966 كانت له تجربة في فيلم «الحضارة» مع المخرج الايطالي (روبرتورو سيليني) الذي ترك أثراً فكرياً وفنيا علي تجربة شادي عبد السلام فقرر ان يبدأ دخول عالم الإخراج السينمائي ورغم انه لم يقدم في مشواره سوي فيلم روائي طويل (يوم ان تحصي السنين المومياء) فقد اصبح واحداً من اهم 100 مخرج علي مستوي العالم وسط حفاوة وتقدير من الوسط الفني . كان التميز في تحويل اللوحات إلي مشاهد سينمائية وتميزه بالالوان عنصراً ميز تجربة شادي عبد السلام الذي قدم فيلمه القصير (الفلاح الفصيح ) في عام 1970 والمأخوذ عن إحدي البرديات المصرية القديمة والمعروفة باسم شكوي الفلاح الفصيح ، وحاول من خلاله ان يعيد الاعتبار للإنسان المصري البسيط بأنه غير مستسلم للسلطة ، وقد فاز بجائزة (السيدالك) في فينسيا في نفس العام . وفي فيلم (كرسي توت عنخ آمون) قدم تجربة مزج خلالها التسجيلي بالروائي. والماضي بالحاضر من خلال مهندس مسئول عن ترميم كرسي ملك مصر في المتحف المصري حيث يصطحب معه ابن أخيه الطفل الذي يشبه ملك مصر الصغير . واستمر في نفس اتجاهه فقدم فيلم (جيوش الشمس) و(الاهرامات ومزايداتها) في عام 1984 و(رع رمسيس الثاني) عام 1986، ويعتبر فيلم المومياء الطويل الذي عالج من خلاله عبد السلام قضية الهوية والحفاظ علي التراث الحضاري من أهم أعماله.