عندما قال كبار النجوم القدامى فريد شوقى ومحمود ياسين ونور الشريف ومحمود عبدالعزيز انها سينما الشباب وعلينا أن نعترف بذلك.. ويؤرخون لذلك بفيلم «صعيدى فى الجامعة الأمريكية» أو ما أطلقنا عليه.. جيل هنيدى الذى خرج من مظلته السقا وطارق لطفى وخالد النبوى ومنى زكى ثم كريم عبدالعزيز.. حتى دارت السينما دورتها وجاء جيل حريفة نور النبوى وغزى وسيكو طه دسوقى وعصام عمر وسبقهم بقليل محمد عادل إمام وكريم محمود عبدالعزيز ولا غرابة فى ذلك فإن الأجيال التى تدفع الملايين فى دور العرض وحققت الإيرادات الكبيرة مؤخرا على حساب أفلام ميزانيتها أضخم والأسماء التى تتصدر الأفيش يفترض أن لها وزنها.
كلمة السر
فى الحريفة كانت لعبة الكرة هى كلمة السر.. رغم أن نجم النجوم عادل إمام خاض التجربة فى ملاعب الكرة الشباب مع محمد خان.. لكنها تجربة ينظر إليها عادل نفسه بأنها مرة وعدت.. ولن نبعد قليلا عن فيلم الدرجة الثالثة للثنائى الكبير سعاد حسنى وأحمد زكي.. ولم يقبل عليه الجمهور الذى يعشق كرة القدم ويطاردها فى كل ملعب.
وفى أرشيف السينما أعمال عديدة حاولت أن تخوض فى ملاعب الكرة.. كان أفضلها «غريب فى بيتي» لأنه أخذ سكة مختلفة وفى إطار درامى كتبه وحيد حامد.. وكانت الكرة مجرد وعاء للمحتوى الذى دارت حوله القصة.. وهو ما دفعنى عندما كتبت فيلمى «ضربة جزاء» أن أركز على قانون اللعبة من خلال شخصية الحكم الذى نراه فى المحكمة قاضيا «محمود قابيل» وكان الفيلم يضم كمال الشناوى ووحيد سيف وفيفى عبده وعدى هو الآخر مثل غيره.
سر النجاح فى الحريفة التى شجعت رأس المال أن يراهن بعد ذلك على طه دسوقى وعصام عمر.. كما فعلها مع أحمد مالك.. السر هو تلك الخلطة الجديدة بوجوه غير مستهلكة وإن كانت فى طريقها إلى ذلك وهو ما يعنى أن هذه النجاحات لن تكون طويلة لأن الجمهور حالياً غيره سابقا.. فالمزاج يتقلب ووسائل التواصل تجعل الانفتاح على الأفلام الأجنبية من الشرق والغرب ميسورة إلى جانب ما توفره المنصات.. والشباب أغلبه يتعامل مع اللغات الأجنبية بسهولة أفضل من أجيال قديمة.. وكل ما كان الموضوعات التى يقدمها نور وأمثاله محلية وقريبة من أبناء جيلهم وتعبر عنهم لأن الأجنبى يتفوق بالطبع فى الجانب التكنولوجى من حيث إمكانات التصوير والمؤثرات والخدع.. الجزء الآخر فى أسرار النجاح وجود بطولة جماعية بعد انتهاء عصر النجم الأوحد الذى كان اسمه يكفى لجذب الجمهور ويبدو أن غياب عادل إمام غير المعادلة تماما يضاف إلى ذلك رحيل محمود عبدالعزيز ونور الشريف ومحمود ياسين.. وهو ما انتبه إليه محمود حميدة بذكاء وهو لا يحسب أدواره بالمقاييس العادية من حيث تصدر الأفيش ومساحة الدور.. لكنه يحسبها بقيمة ونوعية ما يقوله فى العمل وقد رأيناه فى أولاد الشمس يفسح المجال للثنائى أحمد مالك وطه دسوقى ونجح العمل كمسلسل تليفزيونى تم تقديمه بإيقاع سريع وبموضوع مهم..
وقد رأينا غزى يتألق فى مسلسل «قهوة المحطة» وهى تجربة جادة كان الفتى فى مستواها بسبب ما يوفره النص الذى كتبه عبدالرحيم كمال بخبراته وثقافته وهو ما يستفز الممثل لكى يقدم أفضل ما لديه.. ولذلك نقول بأن النص هو رأس الأمر سواء مع الشباب أو الكبار وأنا أردد وأكرر مقولة «مارلون براندو» أفضل ممثل فى تاريخ هوليود عندما قال:
بدون سيناريو جيد أنا عريان!
مع مراعاة أن النص التليفزيونى يختلف عن السينمائى فيما يدخل إلى البيوت مجانا.. من الضرورى أن تكون له مواصفات تجذب المتفرج لكى ينزل من بيته ويدفع ثمن التذكرة.. ولعل مشروع سينما الشعب الذى دعمته الثقافة الجماهيرية سمح لتدفق الشباب عليدور العرض لأن التذكرة مخفضة نسبيا عن سينما المول.. ومع انتشار قصور الثقافة فى أنحاء الجمهورية واستمرار الفيلم لعدة أسابيع يمكن أن يتحقق الإيراد.. وعندما يحدث هذا بعيدا عن مواسم الإجازات والأعياد.. أو يستمر الفيلم بعده أعرف أن المتفرج وجد فيه ما لم يجده فى غيره.. وكثير من الأفلام تحقق فى أيام العيد إيرادات يهلل لها البعض ثم تبدو مثل بالون منتفخ تم شكه بدبوس.
فهل يكسر جيل نور وغزى ودسوقى وعمر ومالك القاعدة ويسحب خلفه أسماء أحدث أم أنها طفرة سريعة والعبرة الاستمرار بشرط البحث عن الجديد.
وقد ينحاز الشباب لأبناء جيلهم ويدعمونهم أكثر وهو الضمان الحقيقى لأن المنتج عندما تتراجع الإيرادات سوف يعيد النظر فى رهانه على هؤلاء.
فهل يستثمر نور وإخوانه هذه الفرصة ويتمسكون بها أم يدير النجاح رءوسهم ويكررون أنفسهم وتنتهى زهوتهم ولحظات توهجهم سريعا كما بدأت سريعا!