ثلاثة سيناريوهات يتم تداولها بين المراقبين والمحللين الإستراتيجيين فى أمريكا والغرب، أضيف عليها سيناريو رابع وان كان يعكس قدراً من الخيال، لكنه ومن الناحية العلمية واحتراماً لنظرية الاحتمالات يظل الباب مفتوحاً أمام سيناريوهات جديدة، وهناك سؤال مهم يحتاج إلى إجابات متعددة هذه الإجابات تمثل هذه السيناريوهات، هذا السؤال هو، لماذا أقدمت إسرائيل على ضرب إيران؟ أولاً قامت إسرائيل بهذا الهجوم بهدف ضرب البرنامج النووى الإيرانى مع الإبقاء على النظام الحاكم بوضعه الجديد بعد التخلص من الأحلام النووية، الثانى هو ضرب البرنامج النووى مع إسقاط النظام الحاكم.
>>>
الثالث هو إرباك وتخويف إيران فقط من خلال تلك الهجمات المؤلمة دون تدمير كامل للبرنامج النووي لإجبارها على الجلوس مع الأمريكان للتوقيع على ما تريده إسرائيل، ووفقاً للسيناريو الأول الذى تصبح إيران «كالرجل الضعيف» لا تهدد إسرائيل ولا دول الخليج، أما السيناريو الثانى والذى تفضله إسرائيل فيعنى ان تتحول إيران إلى دولة ليبرالية حليفة لأمريكا ومطبعة مع إسرائيل على غرار النموذج السورى الحالى وهذا ما يتمناه نتنياهو، أما السيناريو الثالث فهو يصب فى مصلحة ترامب الذى يستهدف تركيع إيران أمامه على مائدة المفاوضات ليخرج للعالم مبتسما بجوار المرشد الأعلى فى صورة تاريخية تناظر صورة كارتر مع السادات وبيجن عام 79.
>>>
لكن السيناريو الرابع هو ماذا لو فشلت إسرائيل فى تحقيق تلك الأهداف الثلاثة واتسعت نطاق الحرب وامتدت لتشمل حرب الناقلات؟ ماذا لو خرجت إيران وأغرقت ناقلات بترول وغاز فى الخليج العربي؟ ماذا لو أغلقت مضيق هرمز وأوعزت للحوثيين بإغلاق باب المندب؟ ماذا لو تلوثت مياه الخليج جراء أى تفجيرات نووية؟ وهنا تذهب إلى سيناريو خامس ينبثق من السيناريو الرابع وهو استمرار الحرب لفترة زمنية طويلة تمتد لسنوات، فزمن الحروب الخاطفة قد انتهى بلا رجعة، ولنا فى حرب روسيا وأوكرانيا وحرب غزة وحرب السودان العبرة، إسرائيل تجرعت حتى تضلعت من دماء الفلسطينين، ونتنياهو لا يستنشق إلا رائحة الموت.
>>>
ظهر بيبى نتنياهو – الذى شبهه ابنه بتشرشل- كما الثور الهائج الذى اشتم رائحة الدم وصار غير قادر على الحياة بدونها، لكن لا يمكن ان نحلق فى علياء التحليلات المخملية دون النظر إلى ثلاث زوايا أراها شديدة الأهمية، الزاوية الأولى الوضع الداخلى فى إسرائيل ومدى تقبل الإسرائيليين للحروب الطويلة ومدى صمود حكومة اليمين المتطرف، الثانية الوضع الداخلى فى إيران ومدى صمود نظام المرشد أمام هذه الحرب وهذه النتائج فى ظل ظروف اقتصادية شديدة التراجع مع استمرار العقوبات المفروضة على إيران من عقود طويلة، الثالثة الوضع الداخلى فى الولايات المتحدة ومدى قدرة الرئيس ترامب وإدارته على هضم ما تقوم به إسرائيل وامتصاصه ثم إخراجه للناخب الأمريكى فى صورة مقبولة تؤثر إيجاباً على مزاجيته فى السوبر ماركت.
>>>
هذه الزوايا الثلاث يجب ان تكون حاضرة ونحن نختار بين تلك السيناريوهات الخمسة وما ينبثق منها من تصورات جديدة، المهم الآن هو تأثير كل ما يجرى على الأمن القومى العربى – عفوا – أقصد الأمن القومى المصري، فوفقا لكل السيناريوهات سيكون هناك تأثيرات على مفهوم ومنظومة الأمن القومى المصري، فبعد سقوط حماس وحزب الله وبشار والفصائل الموالية لإيران ثم ما سيجرى لإيران بعد انتهاء هذه الحرب سيخلق واقعاً جديداًَ للإقليم لا يوجد فيه إلا مصر وتركيا كقوى إقليمية فاعلة وتاريخية، ربما تصنيف مصر وتركيا الآن على أنهما دولتان معتدلتان – حتى الآن – قابل للتغيير بعد أن تتحول إيران الى ما تحولت اليه سوريا!
>>>
هناك ملف آخر لا يجب ان نتجاهله ونحن نحاول جمع تلك المنمنمات الإقليمية وهو إعادة تعريف الحروب الحديثة الممتدة والخاطفة وكذلك إعادة تعريف الدور الاستخباراتى فى عصر الذكاء الاصطناعى والأهم من ذلك كله هو الأسلحة الفاعلة فى الحروب الحديثة، بيد ان أنظمة الدفاع الجوى التقليدية باتت فى حاجة إلى تحديث يتماشى مع الطائرات دون طيار والمسيرة بالذكاء الاصطناعي.