دائماً ما كانت سيناء رمزاً للعطاء منذ أن حبانا الله بوجودها فى مصر.. ودائماً ما كانت مطمعاًمن الجميع.. فهى للصديق تمثل فرصاً استثمارية غير مسبوقة لموقعها ومناخها وثرواتها الطبيعية ….وللعدو تمثل موقعاً إستراتيجياً وأمنياً يطل على البحرين الأحمر والأبيض ويعتبر خط الدفاع الأول إذا ما حاول العدو اقتحام الجبهة الشرقية للبلاد …فهى تمثل قلب وروح الدولة المصرية حيث ارتوت أرضها بدماء شهدائها الأبرار من رجال القوات المسلحة والشرطة المصرية وأيضاً من سقطوا شهداء من أهلها المدنيين نتيجة عمليات الغدر والإرهاب فتمكنت عناصر التنظيمات الإرهابية من اتخاذ العديد من مواقعها ملاذاً لهم وانطلاقاً منها لعملياتهم الإرهابية خاصة خلال الفترة من 2011 وحتى 2014 بمساندة تنظيم جماعة الإخوان الإرهابية فى محاولة للسيطرة على سيناء وإعلان قيام الدولة الإسلامية عليها وإنشاء قوة موازية للجيش المصرى لفرض السيطرة واستخدام العنف لإثارة القلاقل فى البلاد ونشر الذعر والفتنة والتشكيك فى قدرة الدولة على فرض سيطرتها عليها.
لابد من الاعتراف أن تنمية سيناء لم يكن محل اهتمام الدولة المصرية فيما قبل عام 2014 والاكتفاء ببعض الخدمات اللوجستية والصحية والتعليمية التى كانت لا تغنى ولا تثمن من جوع وهو الأمر الذى أدى الى توسيع الفجوة والهوة بين أبناء سيناء وباقى المحافظات المصرية حتى تلك المحافظات القريبة منها مثل الإسماعيلية والسويس وبورسعيد…. وهو الأمر الذى جعل الســيد الرئيس عبد الفتاح السيسى يضع خطة إستراتيجية تحقق ثلاثية الأمن والتنمية والسلم الاجتماعى كضرورة تنموية تفرضها مقتضيات الأمن القومى للبلاد فى المقام الأول.. فلم يعد الاهتمام بسيناء يختزل فى تقديم بعض الخدمات بل أصبح يرتبط برؤية واضحة للتنمية المجتمعية وتكون جزءاً من صياغة كلية للعقد الاجتماعى الجديد الذى يستند الى مطالب العدالة الاجتماعية والاهتمام بالإنسان المصرى فى كل ربوع البلاد دون استثناء لما يمثله ذلك من تفعيل وترسيخ مفهوم المواطنة وتجاوز لمشاعر الانعزال عن باقى الوطن.
شهدت مصر على مدار تاريخها معضلة لتحقيق التوازن بين الأمن والتنمية فى المناطق الحدودية على الرغم من أهميتها شرقاً أو غرباً أو جنوباً ولكن كانت سيناء تحديداً محل اهتمام القيادة السياسية خاصة من الناحية الأمنية من خلال تكثيف عمليات مكافحة الإرهاب التى تقوم بها قوات إنفاذ القانون أو من الناحية الثقافية من خلال برامج تثقيف شبابها أو من الناحية الاقتصادية من خلال العديد من المشروعات القومية التى تقوم بها الحكومة لتحقيق التنمية الشاملة فى سيناء.
ومن خــلال رؤيتـــى الأمنيــة أســــتطيع القـــــول إن الرئيس عبدالفتاح السيسى كان ثاقب الرؤية عندما أهتم بتوعية أهل سيناء خاصة من الشباب والعمل على إعادتهم الى الرؤية الصحيحة للدين الإسلامى السمح الذى ينبذ العنف والتطرف ويحض على الاندماج السلمى فى المجتمع حيث أطلق الرئيس مبادرة لتطوير الخطاب الدينى انطلاقاً من الاقتناع بضرورة إيلاء المواجهة الفكرية للاهتمام اللازم لتحصين المجتمع من مخاطر الاستقطاب الفكرى وقد قام الأزهر الشريف بدور فعال فى رصد مظاهر التطرف وتدشين حملات توعوية لنشر صحيح الدين ومحاربة الفكر المتطرف من منطلق أن استخدام العقل والفكر إحدى أهم الوسائل المساندة لاستخدام المواجهة الأمنية التى يقوم بها رجال القوات المسلحة والشرطة المدربين على أعلى درجات الكفاءة والجاهزية.
كانت -سيناء- ومازالت رمزاً للعطاء ومن المنتظر إنه خلال السنوات القليلة القادمة سوف نجنى ثمار المشروعات الاستثمارية والتنموية والسياحية التى بدأت تظهر بوادرها مؤخراً وها نحن نحتفل هذه الأيام بأعياد تحريرها الذى جاء فى أعقاب انتصار أكتوبر 1973 وهو اليوم الفارق فى الصراع العربى الإسرائيلى والذى أكدت فيه مصر كلمتها بأنها لن تترك حبة من ترابها وأستطاعت أن تعيد الأرض مرة أخرى لحضن الوطن …وايضاً يمكن القول بأن هذا الاحتفال لا يقتصر على الانتصار العسكرى فقط بل يشمل نجاح المواجهات الأمنية ضد العناصر الإرهابية التى اتخذت من جبالها ودروبها مواقع تقوم من خلالها بعمليات تدمير وإرهاب وإرباك وقتل وترويع بهدف استقطاع تلك المنطقة الإستراتيجية التى تمثل عمقاً أمنياً وحدودياً تسعى قوى الغدر الى السيطرة عليه …وقد استمرت تلك المواجهات والعمليات الأمنية حوالى 10 سنوات حتى تم تطهيرها بالكامل وبدأ العمل على تطويرها والنهوض بها من خلال بناء مدن جديدة ومد نطاق محافظات الإسماعيلية والسويس وبورسعيد لمسافة 30 كيلو متراً والدخول الى سيناء وإقامة العديد من المشروعات بها…ولعل النقطة الأهم هنا إنشاء 5 أنفاق أسفل قناة السويس لتسهيل حركة المرور ونقل البضائع وربط سيناء بالدلتا.
وكل عام ومصرنا الغالية دائماً فى خير وسلام وأمان.