نستكمل جغرافية سيناء بعد شمالها المقسم الى ثلاثة قطاعات نأتى إلى سهول الوسط واهمها – على الإطلاق – وادى العريش وادى غزال ويلى هذه السهول جنوب سيناء المشتهرة جغرافيا باسم – الغابات الجبلية) وأكثرها ذيوعا هى جبال سانت كاترين ( المناجاة والطور والصفصافة) وغيرهم ولان الظاهرة الأغلب فى جغرافية سيناء هى التنوع ما بين جميع الاحوال الجغرافية مما اكسبها سمات حياتية عديدة سياتى الحديث عنها فيما يخص التنوع الديموجرافى وتوزيع الكتل السكانية وايضاً عن الحديث عن اقتصاديات سيناء والحرف السكانية المتنوعة ما بين الرعى والزراعة والصيد والتعدين والتجارة والصناعة والخدمية كالاستشفاء والسياحة ، وهى تقريبا الجغرافيا هى وحدها المسئولة عن فضيلة التعدد الحرفى فى سيناء الذى من الممكن استثماره فى جعل سيناء اكثر مناطق الجذب السكانى فى مصر على الاطلاق نظرا لتعدد مجالات العمل والأنشطة الاقتصادية بما يغطى رغبات واحتياجات المواطنين فى سوق العمل.
ونتوجه إلى خارطة سيناء عند منتصفها وجنوبها حيث نجد ان كلاهما مقسم الى ثلاثة قطاعات، ويعد إقليم الهِضاب فى الوسط الذى يتألف من وادى غزال ويقع بين خطى 30 و 29 ويقع فى منطقة وسط سيناء، وهو عبارة عن سلسلة هضاب تتخللها بعض الجبال التى تنحدر تدريجياً نحو الشمال، كما تخترق من الجنوب إلى الشمال وادى العريش ونقطة نخل فى الوسط، ويتراوح ارتفاعه ما بين 500 إلى 1500م فوق مستوى سطح البحر، وأشهر هضاب هذا الإقليم ( اقليم وسط سيناء) هى هضبة التيه والتى تمتد إلى نحو 140 كم، ثم هضبة العجمة التى تقع إلى الشمال من هضبة التيه وتمتد لنحو 115 كم، ورغم هذه السمات العامة لإقليم الهضاب فى وسط سيناء، إلا أنه من الممكن تقسيمها إلى ثلاثة قطاعات رئيسية هى كالتالى : القطاع الغربى وهو قطاع جبلى عبارة عن مجموعة كتل جبلية متقطعة بفعل الأودية، وأودية هذا القطاع تتجه غرباً.
ثم القطاع الأوسط وهو أقرب إلى هضبة، وأودية هذا الجزء اتجاهها شمالى جنوبى وتصريفها فى اتجاه الشمال.
وثالث تلك القطاعات فى الوسط هو القطاع الشرقى وهو أقل ارتفاعًا وتتخلله أودية تتجه نحو الشرق أشهرها وادى العريش، ويبلغ طوله حوالى 250 كم، ويقع معظم الوادى وروافده داخل الإقليم الأوسط فى سيناء، وهو أكبر أودية سيناء، وروافد وادى العريش متعددة ومتفرعة، لذلك فإن الكثير من مواقع وسط وشمال سيناء المعروفة تقع على واحد أو أكثر من هذه الروافد ولعلّ أبرز هذه المواقع نخل، بئر جبل، الحصن، بئر غادة، الثمد، الكونتيلا، القسيمة، والصبحة على الحدود الشرقية.
اما ثالث أقاليم سيناء هو إقليم المرتفعات فى الجنوب ، ويقع جنوب خط 29 ويطلق عليه إقليم الجبال، وهو – فى مساحته – يحتل الثلث الجنوبى والأضيق من شبه جزيرة سيناء، وهى المنطقة ما بين خليجى السويس والعقبة، ويمكن تقسيمه هو ايضا كسابقيه ( اقليمى الشمال والوسط) إلى ثلاثة قطاعات رئيسية ، أولها هى ساحل خلى السويس وثانيها هى ساحل خليج العقبة وبعدهما جبال جنوب سيناء وتختلف الارتفاعات فى هذه المنطقة من جهة لأخري، فهى فى صدر الحيطان عبارة عن مناطق مستوية تقريبًا لتكون بذلك ممرًا شمال منطقة وادى غرندل بحوالى 25 كم، وتستمر الارتفاعات من جبل حمام فرعون حتى أبو زنيمة بطول 4 كم، ثم تبدأ فى الانحدار حتى المنطقة الساحلية جنوب أبو رديس، أهم الأودية وأطولها هو وادى فيران الذى يحدد الخط الفاصل بين هضبة العجمة فى الشمال وكتلة الطور الجبلية فى الجنوب، وبفضل روافده – خاصة وادى أخضر ووادى سلاف ووادى الشيخ – فإنه يتوغل متجهاً إلى سانت كاترين مباشرة فى قلب الغابة الجبلية الأعلى فى سيناء.
ساحل خليج العقبة ويبدأ من نقطة رأس محمد فى الجنوب، ويمتد شمالاً حتى طابا، والمنطقة الساحلية من خليج العقبة تكثر بها المراسى والخلجان التى تصب فى بعض الوديان، أما أودية هذين القطاعين من جنوب سيناء فإنها تنتظم فى سلسلة تنبع من قلب الكتلة الجبلية فى الداخل ويتجه معظمها إلى الجنوب الغربي، كما أن بعضها يتجه نحو الغرب مباشرة، وجميعها تصب فى البحر الأحمر، ثم تنتشر مجموعة أودية أصغر تجرى من الشمال حول مجموعة سلاسل الجبال الساحلية، ويجرى بعضها من الشرق ثم تلتقى جميعاً قرب المصب على البحر، ومن أبرز الأودية فى هذه المنطقة وادى نصب وهو أطولها، وتؤدى بعض روافده العديدة إلى منطقة دير سانت كاترين، بينما يصب هو عند دهب، وأيضاً وادى قنى وهو وادى ضئيل قريب من الساحل، ووادى كيد ينتهى مصبه الرئيسى شمال محمية نبق، ووادى الأربعين، وجميع تلك الظواهر الجغرافية ترسم خريطة جنوب سيناء ما بين ساحلى خليج السويس وخليج العقبة.
وآخر قطاعات اقليم جنوب سيناء هى الكتلة الجبلية وتضم هذه المنطقة جسم الكتلة الجبلية الصماء فى سيناء، وبها تنتشر أشهر جبال مصر، ففى هذه المنطقة الجبلية توجد غابة من الجبال ذات الارتفاع الشاهق أبرزها جبل كاترين والذى يصل ارتفاعه إلى 2641 مترًا يليه جبل أم شومر ويصل ارتفاعه إلى 2586 مترًا، جبل الثيب، جبل موسي، جبل صباغ، جبل طربوش، جبل الصفصافة، جبل باب الدنيا، جبل مدسوس، جبل البنات، جبل سرابيط الخادم، وجبل غراب
والاجمل ما أبدعه الخالق بين ثنايا تلك الجبال من مناظر خلابة تدهش العقل وتعود بعوائد العملات الصعبة كما انها تعد فى حد ذاتها قلاع حامية لجنوب سيناء من آية اعتداءات او تدخلات ، فهكذا تعطى جغرافية سيناء – دون غيرها على سطح المعمورة – تنوعا كبيرا فى الفضائل التى لاحصر لها اقتصاديا وثقافيا واجتماعيا وايضاً استراتيجيا ، وسيأتى فى القادم حديثا عن الإنسان فى سيناء.