على غرار فضيحة ووتر جيت التى أطاحت بالرئيس الأمريكى نيكسون عام 1974 بعد ثبوت التنصت على 64 مكالمة تليفونية وتسجيلها لقيادات الحزب الديمقراطى حينئذ، جاءت واقعة «سيجنال جروب» والتى تفجرت خلال الساعات القليلة الماضية فى الولايات المتحدة الأمريكية لتمثل نواة لفضيحة جديدة ربما سيكون لها ما بعدها، والبداية كانت عندما كشف الصحفى الأمريكى جيفرى جولدبرج، رئيس تحرير مجلة «ذا أتلانتيك» انه تمت إضافته إلى جروب على تطبيق سيجنال فوجد نفسه مع 18 شخصية تمثل إدارة الدولة الأمريكية، نائب الرئيس الأمريكى ووزير الدفاع ووزير الخزانة ومستشار الأمن القومى ورئيسة جهاز الاستخبارات ومبعوث ترامب للشرق الأوسط ومديرة البيت الأبيض وآخرين يشغلون أماكن غاية فى الحساسية والخطورة.
>>>
الصحفى وقف مذهولاً أمام وجوده فى جروب بهذا الشكل فلم يصدق نفسه وظن ان فخا رقميا نصب له للايقاع به وان كل ما يجرى من محادثات أمام عينه هى من وحى خيال الذكاء الاصطناعي، لكن مع بداية المحادثات والتى كانت متعلقة بالعملية العسكرية على اليمن وتفاصيلها السرية وجد الصحفى الأمريكى نفسه وسط كنز نادر وغير مسبوق من المعلومات شديدة الحساسية، كانت أول رسالة -كما وردت فى وكالات الأنباء – تقول – نقوم بتشكيل مجموعة لمناقشة المستجدات المتعلقة بالحوثيين، خصوصًا خلال الـ72 ساعة القادمة وفى صباح اليوم التالى بدأت الرسائل إلى التدفق مجددا داخل المجموعة وكتب «جو كنت»، رئيس المركز الوطنى لمكافحة الإرهاب «لا يوجد أمر عاجل يدفعنا إلى تنفيذ الضربة الآن.. الخيارات المتاحة اليوم ستظل متاحة بعد شهر».
>>>
بعد دقائق، رسالة جديدة من «جون راتكليف»، وزير الاستخبارات الأسبق، ثم رسالة من «بيت هيجسيث» موجهة إلى نائب الرئيس، تقول: «أفهم شواغلك – وأرى أن ترفع الأمر للرئيس، هناك تعقيدات واضحة فالاقتصاد، ووقف إطلاق النار فى غزة، ومسار السلام فى أوكرانيا، أمور متداخلة والمشكلة الحقيقية أن الشارع الأمريكى لا يعرف من هم الحوثيون، ولذلك يجب أن نُركّز على زاويتين الاولى نشير إلى إدارة بايدن والثانية، تمويل إيران للحوثيين وعموما الانتظار لأسابيع لن يغير من الأمر كثيرًا، لكن هناك مخاطرتين- الأولى أن يتم تسريب هذه المعلومات فنبدو مترددين؛ والثانية أن تبادر إسرائيل بالتحرك أو ينهار وقف إطلاق النار فى غزة، فنفقد زمام المبادرة، لكن يمكننا الآن إدارة كل هذا، فنحن مستعدون للتنفيذ،
>>>
لو كانت لى الكلمة الأخيرة، كنت سأعطى الضوء الأخضر الآن، هذه ليست مسألة تتعلق بالحوثيين فقط، المسألة تتعلق بأمرين: استعادة حرية الملاحة، وهو مصلحة قومية أساسية؛ وإعادة فرض الردع الذى قضى عليه بايدن» هنا تحدث نائب الرئيس جى دى فانس، فلننطلق الآن لكننى أكره أن نتحمل كلفة إنقاذ أوروبا مرة أخري»، ورد عليه هيجسيث بعد 3 دقائق قائلاً: «أتفق تمامًا مع كراهيتك لركوب أوروبا على ظهرنا، إنه أمر مُحبط لكن الحقيقة نحن الوحيدون على هذا الكوكب القادرون على تنفيذ هذه المهمة.. السؤال الوحيد هو التوقيت، وأعتقد أن الوقت الآن مناسب، فى ضوء توجيهات الرئيس بفتح الممرات البحرية ويجب أن نوضح لأوروبا ما ننتظره منهم مقابل ذلك، ويجب أيضًا أن نحدد آلية التنفيذ: مثلاً، إذا لم تُسهم أوروبا فى التكاليف، فما هى الخطوة التالية؟ إذا نجحت أمريكا فى استعادة حرية الملاحة بتكلفة عالية، فلا بد من تحقيق مكسب اقتصادى مقابل ذلك».
>>>
هذه هى القصة وبقيت الأسئلة: أولاً هل ما جرى كان مقصوداً أم صدفة؟ بمعنى هل هناك من تعمد إضافة هذا الصحفى بالذات وهو معروف بعدائه وكراهيته لترامب، ثانياً هل كان استخدام تطبيق سيجنال على وجه التحديد مقصود من البداية وكذلك اختيار ذلك الصحفى بهدف نشر المعلومات للترويج المباشر للتطبيق وتحقيق أرباح خيالية بعدما اصبح حديث العالم؟ ثالثاً هل تعمد أحد صقور المؤسسات الاستخباراتية الأمريكية ورجال الدولة العميقة إحراج إدارة بايدن التى استغنت عن جميع مؤسسات الدولة واعتمدت على شلة من رجال الأعمال يحلون محل مؤسسات الدولة؟