من الهام جدا.. قبل أن نطرق باب ..»الموقف الرابع».. الذى سيحيط ابتلاءه بموسي.. ونجتهد علميا لاستشفاف احكامات العزيز الحكيم سبحانه به.. وماهية غايتها كإعداد وتأهيل ..»موسي».. لما تخيره الله له كرسول لبنى إسرائيل بصفة عامة ..»ولليهود».. الذين كفروا منهم بصفة خاصة ..فإننا نود التذكير بما تفردنا بذكره.. «من قبل بفضل الله».. من أن الله رب العالمين.. قد قدر وأحكم وأقام.. «رباط».. ابتلائى عبودى سياسى تدافعى بين كل من ..»قوة ردع قدر مصر».. وبين شدة عداوة اليهود والذين أشركوا للمؤمنين.. أى ..»بين مصر وبنى إسرائيل بصفة عامة».. وما كان ذاك الرباط سوى نتيجة محققة ومؤكدة.. بمقياس الذكر الحكيم.. من خلال بحثنا العلمي.. وقد كانت بداية احقاق ذاك.. «الرباط».. هى منذ احتضان.. «مصر».. لتنشئة ورباية ..»يوسف ابن يعقوب».. وإعلاء شأن سلطانه بتمكينه من.. «خزائن الأرض».. ثم قيامه.. «باستضافة».. أبيه وبنيه جميعا.. أي.. استضافة بنى إسرائيل وأبيهم.. «إسرائيل».. بأرض مصر وكريم كرم ضيافتها..
كان للاستضافة السابقة ورباطها القدرى .. احكامات ربانية زمنية المستقبل.. منها ما هو فضل من الله وتكريم.. «لقدر مصر».. عقائديا وتاريخيا مثل.. قصة أم موسى وقنوتها.. «لوحى الله».. بأرض الكنانة المصرية.. وميلاد موسى وأخيه هارون بمصر.. وإحكام قدرهما وخاصة.. «موسي».. بما قدره رب العالمين.. «لفرعون مصر وجنوده».. من حزن أليم كنهاية لمن يتعالى على مرادات الله.. «خاصة بمصر».. بل وكان من التكريم أيضا.. لجانب قصة موسى وهارون.. قصة.. «إلياس».. أي.. إل ياسين بالقرآن المجيد.. بأرض مصر وحضنها.. إلخ.. ولكن ما كانت كريمة القرآن.. «مصر».. بعظمة محورية قدرها.. «دينيا ودنيويا إلى يوم الدين».. لنكون بمنأى من إجرام وتحريف وادعاءات.. «يهود بنى إسرائيل».. بل ومن نكرانهم للفضل وخيانتهم.. «للأمانات».. ونقضهم لأى مواثيق وعهود.. وذلك حتى كتابة هذه الكلمات.. «وذلك ما دعانا للتذكير بكل ما سبق».. والحذر من باطل ما.. «يبطنه».. اليهود الذى تبرأ منهم موسى فيما بعد.. (25/ المائدة).. وكذا قد برأ الله إبراهيم منهم من قبل (67/ آل عمران).
فى إطار استباق.. «الموقف الرابع».. أيضا وتقديم لما سيتحمله من احكامات ربانية.. يسعى اجتهادنا لاستشفافها ومحاولة بيان.. «ابتلائها».. ومردود ذلك علي.. «موسي».. قد توجب علينا ذكر ما هو آت بإذن الله..(١) موسى بمقتضى شطر غير قليل.. من زمن ربايته كان برعاية منهج فرعون العلمى والسياسي.. (18/ الشعراء).. رغم دفء حضن.. «زوجة فرعون المؤمنة بالله».. قد تعلم الكثير من.. علم الفلك والاهتداء برا وبحرا بالنجوم.. وتعلم الكثير أيضا من فنون بطش القتال.. «والاقتتال».. وقد كانت.. «وكزته القاتلة».. من ذاك التعليم.. وقد تعلم من فنون البناء والعمارة ما ليس بالقليل.. وكذا كان علمه بفنون سياسة القهر والإجبار.. وحينئذ.. قام تساؤلنا الذى نسعى للإجابة عليه هو.. هل كل ذاك العلم وإضافته إلي.. «إيمان موسى بالله».. على شريعة إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب.. ووصية يعقوب لبنيه.. (132/ البقرة).. وكذا ربايته بحضن أمه المؤمنة والمسلمة لله.. وكذا حضن القلة من بنى إسرائيل الذين.. «هادوا».. كان كل ذلك من أسباب اصطفاء موسي.. «بعد تعديل فتنته».. وما بها من خلط وغلط.. كى يكون رسولا خاصا لبنى إسرائيل.. «واليهود منهم بصفة خاصة».. (٢) فى إطار ثقافة الفكر الحق الديني.. «وعظيم أهميته دنيا وآخرة».. بصفة عامة وبصفة خاصة فى إطار.. «مبحثنا العلمي».. فعلينا أن نعلم بأن.. «لله رب العالمين».. بإحكام آياته خلقا وتعليما لخلقه.. «صفتان».. الأولى هى صفة.. «الألوهية».. والخطاب بها دائما موجه لمن آمن بالله وأسلم إليه.. والموصوف بها دائما أبدا ما يلفه.. «الغيب».. مثل الخطاب عن ماهية الموت والحياة.. بل وعن متى وكيف وأين يحق الموت.. وعن متى تقوم الساعة.. وعن ماهية البعث والنشور.. إلخ.. أى أنه حديث وتحديث تغيب عنه نوعية وكيفية وكمية.. «الأسباب».. أما الصفة الثانية فهى الصفة.. «الربوبية».. والتى دائما ما تترتل فى بيانها.. والأمر بها.. وباحكاماتها ونتائجها.. «الأسباب».. وتنوع كيفيتها وكميتها.. وتلك الصفة هى المهيمنة علي.. كيفية ونوعية وكمية.. «الأسباب ونتائج».. تفكر وتدبر واعقال.. «عبودية السياسة فى الأرض والناس».. سواء كان المعبود هو الحق سبحانه.. أو كان المعبود باطلا من دون الحق.. بل وعن أسباب التحول من الباطل إلى الحق.. أو الانتزاع من الحق والهبوط إلى الباطل.. «وكيفية هذا وذاك».. إذن.. بتلك الصفة التى تفتح أبواب رحمة الألوهية.. سنحاول استشفاف وربما استنتاجات احكامات الله الابتلائية.. التى حلحلت معضلة ما كان واقعاً به موسى من فتنة خلط وغلط.
وإلى لقاء إن الله شاء.
ملاحظة هامة
الأخذ بحق أسباب الربوبية.. والتوكل على الألوهية.. هو سبيل الفلاح سياسيا…