لست مع أصحاب الرأى القائل أن عملية «طوفان الأقصي» قد أضرت بالفلسطينيين وبالقضية الفلسطينية وأن المقاومة قد أخطأت فى حساباتها وتقديرها للموقف..بل على العكس تماماً أجد أن هجمات السابع من أكتوبر حققت الكثير من المكاسب وكانت فى صالح القضية رغم الخسائر الفادحة فى البشر والحجر حيث أعادت إحياء القضية الفلسطينية التى كانت فى طريقها إلى طى النسيان.. وزاد تعاطف العالم مع معاناة الشعب الفلسطينى واعترفت دول عدة بالدولة الفلسطينية من بينها لأول مرة دول أوروبية صديقة لإسرائيل.. ولعل أهم مكاسب عملية «طوفان الأقصي» هو أن العالم أدرك تماماً أن الحل الوحيد لإنهاء هذا الصراع هو حل القضية الفلسطينية وتنفيذ «حل الدولتين».
لقد ظلت إسرائيل على مدى قرن إلا ربع تمارس سياسات التوسع والاستيطان وقمع الشعب الفلسطينى والعمل على طمس القضية الفلسطينية والدخول فى اشتباكات مع المقاومة الفلسطينية دون جدوى حيث لم تهنأ ذات يوم بالأمن والسلام.. فالقضية الفلسطينية التى حاولت إسرائيل لسنوات طويلة وأدها لم تنته بل عادت بفضل «طوفان الأقصي» إلى دائرة الضوء مجدداً.. كما أن اتفاقات التطبيع العربى دون حل القضية الفلسطينية لن يجعلها قادرة على الإندماج فى محيطها الإقليمى كما ثبت عملياً أيضاً أن الحروب لن توفر لإسرائيل أبداً الأمن والاستقرار.
لعلها المرة الأولى التى تخوض فيها إسرائيل حرباً على مدى تسعة أشهر ورغم ذلك لم تحقق أى هدف من أهدافها سواء المعلنة أو غير المعلنة بل العكس هو الصحيح حيث تكبدت خسائر فادحة على كافة الأصعدة العسكرية والاقتصادية والسياسية والاجتماعية وأصبحت تعيش فى شبه عزلة وخسرت أصدقاء كثر ودخلت فى قائمة «العار» وصارت دولة منبوذة تزداد كراهية كل يوم بين شعوب العالم بسبب ما تقوم به من إبادة جماعية فى قطاع غزة.. فما الفائدة التى عادت عليها من وراء كل ذلك؟.. أتحدى أن يخرج مسئول إسرائيلى واحد ليعلن عن هدف واحد حققته إسرائيل من هذه الحرب العبثية.. بل كل ماتحقق مجرد خسائر.
السؤال.. هل تستفيد إسرائيل من أخطائها وتنظر إلى ردود فعل العالم الرافض ماتقوم به فى قطاع غزة من قتل وتجويع وتعطيش وتدمير وتشريد وتدرك أخيراً أنها تسلك دائماً الطريق الخطأ الذى لن يحقق لها الأمن والأمان؟.. نعم كل الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة بما فيها الحكومة الحالية الأكثر تطرفاً ينتهجون سياسات خاطئة تجاه الفلسطينيين وقضيتهم العادلة بل وخاطئة أيضاً تجاه الإسرائيليين أنفسهم حيث لم تحقق تلك السياسات لهم الأمن والاستقرار الذى ينشدونه.. فلا المقاومة الفلسطينية ستنتهى طالما استمر الصراع ولا الشعب الفلسطينى سيندثر وأن الطريق الوحيد أمام إسرائيل هو الاعتراف بالدولة الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطينى المشروعة هذا إذا أرادت حقا أن تعيش كدولة طبيعية فى محيطها الإقليمي.