يشهد الشرق الأوسط تحركات دراماتيكية مفاجئة فالجميع منشغل حاليا بما يحدث فى سوريا بعد نجاح هيئة تحرير الشام فى السيطرة على المدن السورية بما فيها دير الزور معقل قوات سوريا الديمقراطية التابعة للأكراد والمدعومين أمريكيا، ثم الوصول إلى قلب العاصمة السورية دمشق بدون معارك عسكرية كبرى وخروج بشار الأسد ومغادرة قادته العسكريين وحداتهم وتفكيك النظام وتحرير الآلاف من السجون والمعتقلات.
فلم يكن أكثر المتفائلين يتوقع هذا السقوط السريع، ورغم قبول العرب بعودته إلى الحاضنة العربية ودعوته لحضور جلسات القمة العربية فى السعودية فى محاولة لمد يد العون له.
ما يقلق الجميع الآن هو التخوف من التركيبة الأيديولوجية لهؤلاء الفصائل الذين أصبح لهم السيطرة على مقاليد الحكم فى سوريا وهم الذين بدأوا مشوارهم أعضاءً فى جبهة النصرة والتحالف مع تنظيم القاعدة الإرهابى ثم الخروج عليها وتأسيس هيئة تحرير الشام وباتت مسألة احتوائهم وترويضهم هى المهمة الصعبة والشاقة للجميع.
يحدث ذلك فى الوقت الذى يحاول فيه الكيان الإسرائيلى استغلال الفرصة والظروف للإجهاز على ما تبقى من أسلحة ومعدات عسكرية كانت بحوزة الجيش العربى السورى والتى يتخوف من امكانية استخدامها لاحقا من قبل المسلحين التابعين لهيئة تحرير الشام ضد الكيان الإسرائيلى الذى تغلغل فى الجولان والقنيطرة ويحاول التهام مساحة أكبر من الأراضى السورية ليستغلها لاحقا فى إطالة أمد التفاوض على الخروج منها، وهو يعلم تماما أن تلك الجبهة ربما تكون أكثر صعوبة فى المستقبل القريب حينما تستقر الأوضاع الأمنية فى الداخل السوري.
تلك المؤشرات تنبئ بأن خريطة الشرق الأوسط سيطرأ عليها الكثير من الألوان والخطوط الرمادية والمزيد من التخبط طالما استمر العدو الإسرائيلى فى التمادى ومحاولة قضم الاراضى وتوسيع دائرة الاستيطان فى الجولان وقطاع غزة الذى يعانى من عدوان وحشى على مدار أكثر من 400 يوم وما زالت فصائل المقاومة الفلسطينية ترفض التركيع والتنازل ولاتزال متمسكة بأرضها وتقوم بتنفيذ عمليات عسكرية محكمة ضد الآليات العسكرية والجنود رغم الضغط العسكرى الهائل الذى تمارسه أحط الجيوش أخلاقية فى العالم والتى يجن جنونها كلما سقط أحد جنودها فتصب جام غضبها وحممها على المدنيين الأبرياء فتقتل وتصيب المئات يوميا دونما أن يحرك العالم ساكنا تجاه هؤلاء.
أعتقد الشرق الأوسط بات فى انتظار الساكن الجديد للبيت الابيض الأمريكى ليلملم أوراق هذا العالم ويغلق ملف الحرب الروسية- الأوكرانية والعدوان الإسرائيلى على غزة والتوافق للوصول إلى دولة سورية تتوافق مع السياسات الغربية.