سوريا فى العقل الجمعى المصرى لها مكانة رفيعة لما لها من تاريخ مشترك فى مواجهة العدو فى خط الدفاع الاول والجيش العربى السورى كان الجيش الاول ولدينا الجيشين الثانى والثالث مثلما تم خصم الجيش العراقى من منظومة الدفاع العربى المشترك تم خصم الجيش العربى السورى من المعادلة بعد تدمير الكيان الصهيونى لمعظم مقدراته ويقال ان 80٪ منه تم تدميره بل احتلال عشرات الكيلو مترات من الارض دون ان نسمع سوى اعتراضات خافتة من الحكام الجدد.
الشارع المصرى يترقب التطورات فى سوريا لان سوريا والسوريين دخلوا عالم السياسة بكل تعقيداته بعد اكثر من نصف قرن من حرمانهم من المشاركة فى تقرير مصيرهم. بدأ السوريون منذ سقوط آل الاسد فى ممارسة السياسة على ان يكون لهم كلمة فى شكل الدولة التى يأملون فى تأسيسها وفى اختيار ممثليهم فى السلطة وفى العمل على نيل حقوقهم السياسية دون منح و من الغريب والملاحظ انه منذ سقوط نظام بشار لم نر الا اصواتا خافتة للمعارضة السورية.
الغريب ايضا اقتصر نشاط المعارضة السورية على التعليق على الاحداث والتعبير عن هواجسهم من تفرد المجموعة الحاكمة بالسلطة مثل اى مراقب خارجى رغم انزعاجهم المكتوم من الانفراد بصياغة شكل الدولة.
الخوف على شكل الدولة الذى يتم التخطيط له ليس قاصرا على اهل سوريا بمكوناتهم بل الخوف ممتد للمحيط الاقليمى والدولى وربما توافد الغرب على دمشق ولقاء الجولانى والبوح بما فى القلوب بل وصل الامر الى ان يكون ذلك فى شكل تعليمات ومطالب لما يجب ان يكون عليه الوضع فى سوريا وعرض المشاركة فى صياغة الدستور من قبل الفرنسيين والتخوف الالمانى وابداء عدم الثقة والخوف بارتداء المسئولة الضيفة لسترة واقية قبل لقاء الجولانى بل اتى على لسانها فى شكل امر حق مكونات الشعب السورى فى المشاركة فى الحكم واحترامه حقوق الاقليات وخاصة الاكراد والمسيحي.
اللافت للنظر يبدو ان الجولانى يمتلك مشروعا سياسيا خاصاً به ومازال لم يعلن عن ملامحه رغم اعلانه عن بدء الاستعداد لحوار وطنى وعقد مؤتمر وطنى ربما بهدف الحصول على ما يكفى من شرعية بجانب الشرعية الثورية حتى يتسنى له البدء فى مشروعه فى الداخل السورى ولكن يبدو ان ما أعلن عن تعديل مناهج التعليم كان بالون اختبار وسرعان ما اعلن عن التراجع عنها فى الظاهر بعد ابداء انصار الدولة المدنية رعبهم من التعديلات التى لا تؤدى سوى للاحتراب او للتهميش فى حدها الادني.
المراقبون يتوقعون ان ينتهى المؤتمر لوقف العمل بالدستور وحل مجلس الشعب وتشكيل حكومة انتقالية لتحل مكان حكومة تصريف الاعمال ثم البدءفى تشكيل لجنة لصياغة الدستور وهنا يبدأ انقشاع الغموض ويتجلى ملامح سوريا الجديدة لتأتى الانتخابات التشريعية التى سيحدد قانون الانتخابات المنظم لها شكل البرلمان وسمات وماهية من سيفوز.
كل هذا يحتاج إلى وقت قدره الجولان باربع سنوات ربما هذا يمنحه فرصة لقيادة سوريا بمساعدة حكومة تحصل على شرعيتها من المؤتمر المهندس بمعرفته لتحديد اطاره التمثيلى وبرنامجه ويبقى السعى للعام الجديد لنيل الشرعية الدولية والاكتفاء بالشرعية الثورية داخليا.