بداية أؤكد اننى لا يعنينى من قريب أو بعيد من سيجلس على كرسى الحكم فى سوريا بعد خروج بشار الأسد وانتهاء حكم حزب البعث الذى ظل أكثر من 06 عاماً، ولكن القلب يعتصر ألما مما آلت إليه الأوضاع فى هذا البلد الشقيق الذى بات يعانى الفوضى والعبث، ففى الوقت الذى انتشرت فيه الفصائل المسلحة أو المعارضة كما يطلقون على أنفسهم فى الشوارع والميادين يحتلفون بالنصر على الأسد كانت هناك قوات الجيش الإسرائيلى تتوغل داخل الأراضى السورية وتحتل قرابة 003 كيلو متر كانت قد تحررت خلال حرب اكتوبر 37 بالدم والنار!!
وخلال ساعات قليلة استطاع الجيش الإسرائيلى السيطرة على موقع جبل الشيخ بعد انسحاب الجيش السورى فى الوقت الذى وصف فيه رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو، سقوط الرئيس السورى بشار الأسد بأنه «يوم تاريخي» جاء بعد ضربات وجهتها إسرائيل لإيران وحزب الله فى لبنان، مؤكداً أنه أمر القوات الإسرائيلية بالسيطرة على مناطق فى الجزء العازل لضمان أمن إسرائيل وقال «لن نسمح لأى قوة معادية بترسيخ نفسها على حدودنا».
وللأسف الأمر لم يتوقف فقط على الكيان الصهيونى فالمشهد فى سوريا الآن متشابك ومعقد فعلى أراضيها «قاعدتان روسيتان بحرية وجوية + قواعد أمريكية + احتلال صهيونى للجولان مليشيات إيرانية + جماعات إرهابية مرتزقة ومليشيات مسلحة»، تلك هى الحقيقية المؤلمة التى يجب أن نعيها جيداً.
وبعد سقوط الأسد وخروجه إلى روسيا، تواجه سوريا سؤالاً وجودياً: كيف يمكنها أن تُعيد بناء نفسها بعد كل هذا الخراب؟ بالقطع المهمة لن تكون سهلة، فى ظل وجود قوى داخلية وخارجية تسعى لاستغلال الوضع لصالحها، والاحتمالات متعددة ومتشابكة، لكنها تحمل فى طيّاتها فرصًا لبناء مستقبل جديد. على ألا يكون لهذه الأطراف والقوى الخارجية أى حضور فى سوريا ما بعد الأسد، والأهم الا تسير البلاد نحو «الأخونة»، وهو خطر يهدد التنوع والتعايش فيها.
فى نفس الوقت صعب أن يتخلى المقاتلون، الذين يعتمد عليهم النظام الدولى جزئياً، عن قبضة القيادة إلى أجل غير مسمي، إذا ما كانت التطورات قد تمت بالاعتماد عليهم وحدهم ، ولا يمكن تحقيق انتقال مستقر دون إشراف دولى يضمن تسيير الأمور بطريقة تمنع حدوث مجازر جديدة، وتفتح المجال للسوريين للتوافق على مستقبلهم.
وأهم أولويات المرحلة المقبلة العمل على إنهاء التدخلات الخارجية التى عرقلت تطور البلاد، لعقود طويلة، ويبقى الأمل الكبير ولن ابالغ إذا قلت الوحيد فى إرادة الشعب السورى لإعادة بناء بلاده، وإبعادها عن جميع أشكال التسلُّط، وبالطبع لن يحدث هذا إلا فى ظل وجود جيش وطنى من نسل الشعب كما هو الحال فى جيش مصر العظيم وليس من المرتزقة أو الميليشيات والجماعات الإرهابية ذات المذاهب والطوائف المختلفة.
سوريا التى كانت تنبض بالحياة لا تزال تمتلك من الإمكانيات ما يُعيدها إلى مكانها ومكانتها الطبيعية بشرط أن تتجاوز مرحلة العبث فى أسرع وقت حتى لا تتكرر مأساة البعث مرة أخري.