لم أتصور حجم السيناريو السريع لسقوط لدولة السورية أمام فصائل المعارضة لحكم بشار الأسد فى عدة أيام وسألت نفسى هل هذه سوريا التى دخلت مع مصر فى جبهة واحدة ضد إسرائيل فى حرب 1973وسرعان ما تذكرت السقوط المريع للعراق أثناء الغزو الأمريكى للعراق فى التسعينيات مع الفارق بين قوة كل عدو فى الجبهتين وحجم القوات المهاجمة مما جعلنى ادعو لمصر بالثبات والجاهزية لمواجهة أى معتد تسول له نفسه اختبار قوة مصر سواء كان اعتداء من جهة الشرق أو محاولات العناصر الجهادية من تنفيذ مخططات خارجية.
وها هى إسرائيل تنفذ مخططها التوسعى باحتلال الشريط الحدودى مع سوريا والذى ظل طوال 50 عاما منذ عام 74 يمثل منطقية عازلة وفقاً لاتفاق وقف اطلاق النار بطول 75 كيلو متراً من جبل الشيخ وحتى حدود الأردن بل وحرصت إسرائيل على احتلال قمم جبل الشيخ الذى يمثل منطقية إستراتيجية وسياحية مهمة.
أقول إن القوى لا يستطيع أحد أن يأكل لقمته وأن مصر نجحت فى صد هجمات الميليشيات المسلحة فى سيناء ودفعت ثمناً باهظاً فى اجهاض كل المخططات التى استهدفت الدولة المصرية واحتلال سيناء بما فيها محاولات العدو تهجير الفلسطينين إلى سيناء وقتل القضية الفلسطينية إلى الأبد.
ومن حق الشعب السورى أن يفرح بالتغيير ويختار قادته ويحارب الاستبداد والفساد ولكن فى نفس الوقت مطالب بأن يحافظ على الأرض السورية من الضياع، حيث احتلت إسرائيل الجولان من قبل وها هى تحتل الشريط الحدودى وستطلب فيما بعد عمل شريط حدودى جديد.
والمدقق فى الحالة السورية يجد ان الاقتصاد منهار وعدداً كبيراً من الشعب مهجر ونازح خارج وطنه ويعيش على المساعدات ولا يملك العتاد الحربى الذى يسمح له بالدفاع عن أرضه ضد أى اعتداء وانهارت بسرعة خطوط الدفاع عن العاصمة مع عدم وجود انتماء يشجع الأفراد على مقاومة العناصر الجهادية التى اختلفت انتماءاتها وتبعيتها وتوحدت فى هدف واحد هو إسقاط نظام بشار الأسد.
هنا ظهرت حكمة وبعد نظر القيادة السياسية ممثلة فى شخص الرئيس عبدالفتاح السيسى وحرصه على تقوية الجيش بتحديث المنظومات الدفاعية والهجومية وإمداد القوات البحرية والجوية والبرية بأحدث أنواع الأسلحة وامتلاك أسلحة الردع وتأكيد الرئيس أن الهدف الوحيد من ذلك هو حماية الوطن ضد المعتدين ومنع الاستيلاء على أراضى الدولة خاصة ان جميع الجبهات حول حدود مصر مستهدفة بما فيها أشكالية سد النهضة ومحاولة حجب المياه عن مصر رغم الحق التاريخى فى مياه النيل.
سوف تظل مصر تقف بالمرصاد لكل من تسول له نفسه الصيد فى الماء العكر داخلياً وخارجياً مع التركيز على بناء دولة قوية واقتصاد قوى قادر على الوقوف أمام التحديات العالمية فى عالم مضطرب يموج بالحروب والفتن والأزمات ونأمل أن تنجح سوريا فى لم شمل الفرقاء والجماعات إلى قامت بالتغيير وتتفرغ لبناء سوريا القوية بدلا من وقوعها فريسة لكل معتد غشيم وكفى العرب حروباً فرضت عليهم وفرصاً ضائعة لإصلاح ما ضيعته الحروب.