لاشك أن هناك منهجية للنمو الاحتوائى الشامل لمصر ليكون لنا نسيج اقتصادى كقوة دافعة أساسية تحتاجها أى دولة سواء متقدمة أو نامية لقدرتها فى الاعتماد على الذات بالاصل والارتكاز على تكامل الأدوار للوصول إلى اقتصاد تنافسى قائم على المعرفة والاكتفاء الذاتى وقدرتها على توفير فرص العمل وتحسين الإنتاجية وزيادة الدخل وحجم الابتكار وهنا نتحدث عن أحد الأعمدة الاقتصادية لمرحلة اليقين الاقتصادى إلا وهو ملف الاكتفاء الذاتى المصرى زراعيا باعتباره أمرًا حتميًا لتنويع الاقتصاد ودعم الابتكار والتكنولوجيا واعطاء الاكتفاء الذاتى مرونة اكبر بمعنى انعطافها سريعا بالطرق العلمية وتبنى حلول مستدامة وتنافسية وتكون محورًا للتميز والقدرة على التكيف مع المتغيرات العالمية بمحفظة زراعية تعتمد على الاستدامة والذات وتخلق بيئة تمكينية لإطلاق العنان المقومات الزراعية تحت مبدأ احرث أرضك ثم دافع عنها فى نفس الوقت.
مازلنا نتحدث عن رحلتنا مع البناء المستمر خلال السنوات الماضية مع القيادة السياسية المصرية التى أدركت أن بداية الأمور هو ضرورة وجود حلم لاستعادة مجد مصر القائم على رؤية قائد يرى بلده العظيم مصر ويعرف قيمتها ومقدراتها ويسعى كى يضعها فى المكانة التى تستحقها فى مصاف الدول العظمى بحلول عام 2030.
ولكل بناء قواعد وكلما كانت القواعد راسخة على أساس علمى سليم كان البناء ثابتا بدون تهويل أو تهوين بناء غير قابل للهدم بل بناء أكثر قدرة على الاستدامة لقرون من السنين كما كان الحال فى دولتنا القديمة على ضفاف نهرنا الخالد غير ملتفت لآراء الهادمين، لذلك كان يجب وضع إستراتيجية ورؤية الاكتفاء الذاتى التى تمثل أمنًا قوميًا والطريق الأوحد للنجاة من أطماع الكبار وأخطائهم والوصول ايضا إلى الدرجات العليا فى سلم التنافسية العالمية.
ولنبدأ بفلسفة الجمهورية الجديدة فى الاكتفاء الذاتى ومعناه الحقيقى وهو مانراه جليا فى المشروعات القومية العملاقة التى تقوم القيادة السياسية بتدشينها وافتتاحها من حين لآخر «مشروعات تمثل اهرامات جديدة ولكنها أهرام» الاكتفاء الذاتي.
ان مصر بموقعها الجغرافى وقدراتها البشرية والبنية التحتية المتقدمة ووجودها وسط كبار المستهلكين العالميين ووجود أهم ممر ملاحى الذى يؤهلها للشراكة التكاملية لتنمية اقتصادية مستدامة مع أى دولة فى المنطقة وكذلك بناء صرح الإكتفاء الذاتي.
أن فكر الدولة المصرية الجديدة لايعتمد على لعب دور الضحية أمام العالم ولا يعلق أموره على دائرة الاحتياج وانتظار الفرج من الخارج فالمصريون لا يسلمون حياتهم للخارج متناسين أنهم المصدر الحقيقى لكل شئ.
وبالرغم مما لحق بنا من وجودنا فى بؤرة الاشتباك ومسارح النزاعات قصداً لإرباك التنمية فى مصر الا ان الدولة لم تقف عند هذه العبارة المقيتة التى تسمى الظروف الراهنة وانما تخطت كل التداعيات التى لم تترك كبيرا أو صغيرا من الدول وكان واقعها كارثيا على الجميع وقفزت على عبارة الأمور الظرفية.
ليست كل الاخبار سيئة خصوصاً أن الحروب لاتعرف منتصرا فى المشاهد الاقتصادية عالميا وانما الكل خاسر ومن هنا جاءت الأخبار الجيدة من منظمة الفاو فى لحظة كنا نحتاج فيها إلى الاخبار الحسنة عندما ذكر تقرير منظمة الفاو منذ شهور قليلة أن مصر دولة آمنة غذائياً بل حققت الاكتفاء الذاتى فى 82 سلعة غذائية واتجهت إلى التصدير ولولا الحروب غير المتوقعة فى المنطقة والأزمات العالمية المتتالية لكان لها شأن آخر فى ملف الاكتفاء الذاتى بمسألة السيادة الغذائية.
فالدول التى أهملت الزراعة فى ظل هذه الظروف الاستثنائية العالمية تتعرض لمخاطر كبيرة حتى ولو دول كبرى ولنا مثال فى تجربة روسيا والسؤال الهام الذى يطرح نفسه لماذا لم تتأثر روسيا بسلسلة العقوبات الغربية عليها بل تأثر من فرضوا العقوبات وكأنهم أطلقوا النار على أنفسهم.. والإجابة القاطعة أن روسيا تعمل أيضا تحت مبدأ احرث أرضك ثم دافع عنها فى نفس الوقت.
انها الزراعة قبل كل شىء.. فروسيا إلى جانب قوتها فى تصدير الغاز تعد أكبر مصدر للقمح عالميا ولهذا عندما ساءت الأحوال وزادت العقوبات الاقتصادية الأوروبية لم تتأثر بل يكفيها أن توقف تصدير الغاز والقمح ليجوع العالم أما التأثير المباشر عليها فسيكون محدودًا فلديهم ما يغنيهم من السلع الغذائية فلا يخشى عليهم أحد.
وهنا نقول إن القيادة المصرية حرصت منذ اليوم الأول على العودة إلى عهد الأجداد فى الزراعة وان يعود الفلاح المصرى منتجا مرة أخرى مشاركا فى نهضة بلاده، ومع ذلك لايعنى الاكتفاء الذاتى والاستغناء عن الآخرين أو عدم التبادل التجارى ولكن الفكر فى الاكتفاء الذاتى هو أن لكل دولة رسالتها وأهدافها وشغفها فى الحياة والغاية من حالة الاكتفاء هو توفير الصلابة الرافعة وجعل الدولة فى حالة حيادية قوية قادرة على التوازن بالإحساس والمعنى المطلق.
وصولنا إلى الاكتفاء الذاتى فى بعض السلع التى تسمى سلع المعاناة وغيرها من السلع الأساسية الحياتية تجعل الدولة تصل إلى بوصلتها الداخلية.
ومن ثم يحرر الدولة من كل سيناريوهات التبعية والتنازلات أو تسليم مفاتيح الدولة لدولة أخرى تحتاج إليها أشد الحاجة وهنا المعنى الحقيقى للاكتفاء الذاتى أن» تكون منتصرا مهما كانت الظروف الاقتصادية المحيطة.
لقد أدرك الرئيس السيسى مبكراً أن الوعى يتطلب الاكتفاء الذاتى وان مفاتيح سعادة المصريين فى امتلاكهم لكل ملفات عيشهم فلم ينتظر بل تحرك بكل قوة وبالعمل الدائم من أجل حلم كبير وهو الاكتفاء الذاتى تحدث من قبل المفكر الاقتصادى طلال ابوغزالة عن فكرة الاكتفاء الذاتى وعما تفعله مصر فى طريقها الاقتصادى للاكتفاء الذاتى وقال إن الفكرة الأساسية أن الاكتفاء بالاساسيات يعد سبيلا إلى الاعتماد على النفس وتطوير الإمكانيات الذاتية وتقليل الاستيراد كما أنه يدعم السيادة الوطنية أمام الدول الأجنبية، والاكتفاء يمثل القدرة على إنتاج جميع الاحتياجات الأساسية محليا. من خلال الاعتماد الكامل على الموارد والإمكانات الذاتية فهو حماية وطنية فى حال تعرض الدولة للحصار لاقدر الله وتحقيق العزة والكرامة والاستقلالية للدولة وقرارها وكذلك خلق فرص العمل وحل مشكلة من أهم المشكلات الاقتصادية ألا وهى مشكلة البطالة.
لقد نظر الرئيس السيسى إلى التنمية المستدامة وهدفها الأساسى المهم وهو الاكتفاء الذاتى لشعوب الوطن فتصبح مكتفية وليست عالة على الأخرين فإذا ملكت احتياجتها أو القدرة على توفيرها أصبحت مالكة لقرارها وسيادتها، والتنمية الحقيقية فى الأساس إمتداد طبيعى للنضال الوطني، فالاكتفاء الذاتى هو أحد تجليات التنمية المستدامة ولذلك انتهج الرئيس السيسى منذ تولى المسئولية إتخاذ هذه السياسة التنموية الاقتصادية الواضحة المعالم والنهج والمشروع الوطنى الشامل القائم على بنية قوية ليبدأ التيار التعميرى الكفائى فى قطاعات الدولة المختلفة.
وللرد على كل من يشكك فى قدرات الوطن وغير المؤمنين بفكرة الاكتفاء الذاتى هؤلاء المرجفون الذين لا ينظرون إلا إلى الأخبار السيئة، تحدثنا التقارير الدولية التى لا تجامل أحدا ومنها تقرير منظمة الفاو العالمية للأغذية والزراعة الذى ظهر فى الأسابيع الماضية والذى تحدث عن الدول التى سوف تعانى من الجوع والعطش حتى عام 2030 ومنها دول صناعية كبرى لماذا؟ لأنها معتمدة على الاستيراد لطعامها بالكامل وأهملت الزراعة، أما مصر فمنظمة الزراعة الفاو العالمية تعتبرها نموذجًا فى الاكتفاء الذاتي
وسوف نعطى أمثلة فقط لبعض المحاصيل الزراعية التى رصدت المنظمة الاكتفاء ذاتيا فيها حيث قالت المنظمة إن احتياج مصر السنوى العادل 24 مليون طن خضار وفاكهة سنوياً وأقصى احتياج هو 28.5 مليون طن ولكن الذى حدث أن مصر وسياسات الرئيس السيسى نحو الاكتفاء الذاتى هو انتاج 37 مليون طن خضار وفاكهة 26 مليون طن من الخضــار المتنـــوع و7 ملايين طن فاكهة ولأول مرة مصر تدخل على خط انتاج وتصدير العنب وتصدر 120 الف طــن من العنـــب الاحمـــر و1.8 مليون طن من التمور فائقة الجودة، وتحتل المركز الاول لمصدرى التمور افريقيا بعد سنوات طويلة ظلت فيها تونس تحتل المركز الاول بل أصبح لدينا اكبر مزرعة تمور أو نخيل بإجمالى 2.3 مليون نخلة بتوشكى السعيدة والعوينات على مساحة 40 ألف فدان وعدد النخيل المثمر الكلى يصل إلى 3 ملايين و600 ألف نخلة وهو محصول أساسى واستراتيجى وانتاجنا يمثل 25٪ من انتاج العالم العربى تقريبا بعدد نخيل مثمر يتجاوز الـ 16 مليون نخلة ولدينا أعلى خمس محافظات فى إنتاج التمور وهى أسوان الوادى الجديد الجيزة الشرقية والبحيرة، هذا بالإضافة إلى بنجر السكر والذى وصلت المساحة المنزرعة منه 600 ألف فدان ويتم استلام المحاصيل بالباركود من المزارعين طبقا للشمول المالى الاحتوائى وكذلك إنتاج 1.8 مليون طن لمخزون استراتيجى يتجاوز الخمسة أشهر واستطاع جلب الاستثمارات فى غرب المنيا على مساحة 180 ألف فدان أما القمح ففى تقرير 23/ 24 بلغت المساحة المنزرعة 3.24 مليون فدان بإنتاج 9.4 مليون طن بمتوســــــط 19.3 اردب للفدان بخريطة حقيقية لمحصول القمح والتوسع الافقى يسير بشكل متواصل بالإضافة إلى التعاون مع معهد البحوث الزراعية الحقلية لإنتاج 14 صنفًا من الأرز بالطرق العلمية السلمية فى إطار رؤية وابتكار لامحدود للمنهج العلمى الزراعى ويتصدر الارز المصرى عالميا صنف جيزة 177 واشقاؤه من الأصناف، هذا بالإضافة إلى التصنيع الغذائى الذى يحتاج إلى حديث آخر منا لانه من مواطن القوة الزراعية، مصر التى اكتفت ذاتيا من الثروة الداجنة وتستعد للاكتفاء الذاتى من الثروة الحيوانية بأكثرمن 7.5 مليون رأس ومشروعاتها العملاقة فى إنتاج البتلو والتسمين والتهجين ومنتجات الألبان.. مصر تزرع اعلافها من الذرة البيضاء لتصل قدرتها إلى 5 ملايين طن كاكتفاء ذاتى و900 ألف طن ذرة رفيعة كذلك إنتاج البصل الذى يقدر بحوالى أكثر من 4 ملايين طن بالإضافة إلى الاكتفاء الذاتى من السكر ودخول مصر على خط المصدرين لتنافس فرنسا ولذلك طلبت فرنسا مشروعًا تكامليًا مع مصر ينفذ خلال 3 سنوات بداية من العام الماضى من خلال مصنع قنا الجديد كذلك الاكتفاء الذاتى من الأسماك وفى النصف الأول من عام 2022 اســتطاعت مصر ان تصــدر 2.8 مليون طن اسماك وجمبري.
إنها حقيقة فمصر غيرت طريقه تفكيرها وأصبحت تفكر على المدى البعيد قبل القريب وتنظر للاكتفاء الذاتى بنظرة الاستقلالية وتوزع مقدرات هذا الوطن على الحيز الجغرافى لجمهورية مصر العربية لدينا ايضا 5 ملايين نخلة تحت الزراعة فهناك ثلاثة مشروعات تمثل اهرامات زراعية عملاقة مستقبل مصر 2 مليون و200 ألف فدان ، شمال الدلتا 800 ألف فدان و66000 ألف فدان جنة مصر غير المليون ونصف فدان للقمح ومشروع الصوب الزراعية فى الساحل بالقرب من قاعدة محمد نجيب ومشروع الارز فى شمال الدلتا الذى حقق فائض انتاج 106٪ لقد أخذت مصر بمبدأ احرث أرضك ودافع عنها بنفس الوقت إنها الزراعة التى جعلت روسيا تقاوم حتى الآن الضغط الأوروبى والعقوبات فعندما تكون هناك دولة أو حكومة جعلت من الزراعة أولوية قصوى فلا تخشى عليها من أى خطر أو تهديد من أى دولة ولو قارة بأكملها.. فالزراعة شريان الحياة والسبيل إلى النجاة والبناء ولو اجتمع عليك العالم أجمع.
لدينا مصادر مياه احتياطية كأنهار صناعية بفكرها الجديد كمصدر أساسى للمياه وهى المياه الجوفية ومعالجة مياه الصرف الصحى ومعالجة مياه الأمطار بالإضافة إلى سعينا نحو الإكتفاء الذاتى مرة اخرى من الغاز الطبيعى كما فعلناها فى 2018 والعودة إلى الخريطة العالمية لتصدير الغاز حيث إن الطاقة إحدى ركائز التنمية وكلمة السر فى الأمن القومي
وإذا كنا نقول لاصحاب السيناريوهات الكارثية للاقتصاد المصرى فى ظل الظروف الراهنة عالميا والتضخم المستورد فنقول إن مصر لايقلق عليها أحد ولاداعى لسياسة التخويف فمصر تعرف كيف تدير أزماتها ولديها من الابتكار السياسى والحلول ما يجعلها تنفذ برامج جريئة. وقوية التزاما مع تقارير المؤسسات الدولية المالية التى تقول أن معدل النمو فى مصر رغم كل التحديات الاقتصادية العالمية سوف يحقق معدلاً جيدًا.
اما الخوف على الاحتياطى النقدى الذى يتزايد يوما بعد الاخر والحمد لله فابلغ رد هو وصف «مجلس التعاون الخليجى بعبارة أن الأمن القومى الخليجى جزء من الأمن القومى المصري» فمصر التى تتمتع بقوة استراتيجية وعسكرية ودورها المحورى للاستقرار فى الشرق الأوسط ومنطقة الخليج العربى وشمال إفريقيا والخلاصة عندما تكون هناك حكومة جعلت الزراعة أولوية قصوى من البداية فلا تخشى عليها من أى خطر أو تهديد من دولة أخرى أو حتى من العالم كله فالزراعة هى شريان الحياة والسبيل إلى النجاة حتى لو اجتمعت عليك الدنيا بما فيها عاشت أرضنا الطيبة وارتباطها بها كابر عن كابر وهى اهم مفرداتنا الحياتية وإحدى أهم الأدوات الجيواقتصادية لمصر
أن فكر الاكتفاء الذاتى سواء بالتصنيع المحلى أو الزراعة باعتبارها سردية حديثنا اليوم والحرص من القيادة على منظومة التشغيل المستدام والتدريب لتحمل معها طموح الشباب والخروج بأفكار لا تعتمد على التشغيل التقليدى وانما أعطت المفتاح للتكنولوجيا والتطوير والابتكار والرقمية لمنهجية تغيير الجغرافيا الحياتية وسط كل هذا الضجيج العالمى المشحون بعدم المصداقية وتآكلت فيه الثقة وصراع الكبار كانت مصر تبحث عن الاكتفاء الذاتى والمكون المحلى بقرارات سديدة وضعت لها عدة سيناريوهات بسياسة توافقية لزيادة المنافسة والمرونة ووجود مناخ استثمارى جاذب لريادة الأعمال وبناء قاعدة إنتاجية قوية ومتنوعة صناعيا وغذائيا والاستثمار فى بناء الإنسان كمربع من مربعات القوة لايأتى إلا بالاعتماد على الذات والاكتفاء الذاتى وهو القصد فى بناء اقتصاد عالمى مفتوح تعززه سياسات صناعية وزراعية واستثمار وتعليم وتدريب مع الارتكاز على البحث والتطوير والابتكار وهذا هو مربط الفرس الحقيقى لمنظومة ذات هيكل جوهرى لها عنوان بارز.. الاكتفاء الذاتى حلم يقترب فالاقتصاد هو الأحداث مهما كبرت أو صغرت ويلقى بتبعاته حياتنا ومستقبلنا يكمن فى الارتكاز على الذات تحت مبدأ احرث أرضك ثم دافع عنها فى نفس الوقت.