إن كان كل دولة ثروة تنعم بها، فسوف تظل الأرض هى ثروة مصر الدائمة ومصدر ثرائها مهما تغيرت الدنيا ، والأهم أن الدولة خلال السنوات الأخيرة استطاعت برؤية أن تستثمر هذه الثروة جيداً، فمن
قلب هذه الأرض يأتى الخير، غذاؤنا الذى نتقدم به خطوات كبيرة نحو حلم الاكتفاء الذاتى من أغلب السلع، ومن قلبها أيضا تأتى صادراتنا من السلع الزراعية التى تعد من أكثر الملفات التى حققت فيها الدولة المصرية نجاحات كبيرة.. تحسب لها عالمياً، فكلمة السر فى ارتفاع الصادرات الزراعية المصرية ليست فقط زيادة الإنتاجية، وإنما توسيع الرقعة الزراعية من خلال خطة استصلاح واستزراع 4.5 مليون فدان بطول مصر وعرضها، من توشكى الخير إلى دلتا مصر الجديدة ومستقبل مصر، وكلها مساحات إضافية من الأراضى ضاعفت إنتاجنا الزراعى وزادت صادراتنا، حيث شهدت الصادرات الزراعية المصرية تطوراً كبيراً فى السنوات الـ 10 الأخيرة، حيث بلغت نحو 7.44 مليون طن عام 2023 ، مقابل 4 ملايين طن فى 2014.. ووصل عدد الأسواق التى تم فتحها نحو 100 سوق، فيما بلغ عدد السلع التصديرية أكثر من 405 سلع لـ 165 دولة.. ويستهدف التصدير زيادة العائد الاقتصادى ودعم المزارع والمنتج وإيجاد عائد يحقق ربحية مناسبة تضمن الاستدامة.
تلعب الصادرات الزراعية المصرية محوراً مهماً فى دعم الاقتصاد الوطنى بالنقد الاجنبي، وهو ما اتضح من تزايد الطلب العالمى من أكثر من 160 دولة حول العالم على منتجات مصر الزراعية، وهو ما يعكس السمعة العالمية الطيبة التى اكتسبتها صادرات مصر الزراعية.
علاء فاروق وزير الزراعة واستصلاح الأراضى أكد أن قطاع الزراعة يمثل ركيزة أساسية فى الاقتصاد القومي، حيث تبلغ نسبة مساهمته فى الناتج المحلى الإجمالى أكثر من 15٪ ويستوعب أكثر من 25٪ من القوى العاملة، إضافة إلى مساهمته فى تعظيم الاحتياطى النقدى من العملات الأجنبية من خلال زيادة الصادرات، حيث وصل حجم الصادرات الزراعية من المنتجات الطازجة نحو 7.9 مليون طن بقيمة تتجاوز 4.04 مليار دولار، بما يعادل أكثر من 205 مليارات جنيه، علاوة على الصادرات من السلع الزراعية المصنعة، التى تبلغ قيمتها نحو 5.1 مليار دولار، بما يعادل 255 مليار جنيه.. ليتخطى إجمالى الصادرات الزراعية المصرية الطازجة والمُصَنَّعة 9.2 مليار دولار وهو رقم قابل للزيادة مع زيادة الرقعة الزراعية خاصة وأن الطلب على المنتج الزراعى يتزايد والأهم أن هذا لم يأت على حساب تلبية احتياجات السوق المحلية.
من جانبه أكد د.محمد المنسى رئيس الحَجْر الزراعى بوزارة الزراعة واستصلاح الاراضى أن الصادرات الزراعية شهدت تطوراً وطفرة غير مسبوقة فى السنوات الخمس الأخيرة وأصبحت من أهم موارد النقد الأجنبى وركيزة أساسية فى الاقتصاد القومي، بفضل ما تحقق من إنجازات بدعم القيادة السياسية فى ملف الأمن الغذائى من مشروعات قومية ساهمت فى تمكين الدولة من تحقيق قدر كبير من الاكتفاء الذاتى فى كثير من السلع والمنتجات الزراعية، مع وجود فائض للتصدير، إضافة إلى دعم المُصَدرِّين والتوسع فى منظومة التكويد والمتابعة وتطوير الحَجْرِ الزراعي، مما ساهم فى تصدر مصر المركز الأول عالمياً فى تصدير الموالح للعام الخامس على التوالي، إضافة إلى المركز الأول فى صادرات الفراولة المجمدة.
أضاف أن إجمالى الصادرات الزراعية مطلع العام الجارى حتى نهاية اكتوبر الماضى تجاوزت 7.1 مليون طن من المنتجات الزراعية بحوالى 4.1 مليارات دولار بزيادة قدرها مليار دولار وأكثر من 574 ألف طن عن نفس الفترة من العام الماضي.
أشار المنسى إلى أن أهم السلع الزراعية التى يتم تصديرها، الموالح والبطاطس والبصل والعنب والفاصوليا والبطاطا والمانجو والطماطم والثوم والفراولة والجوافة والرمان، وأن إجمالى الصادرات الزراعية من الموالح يبلغ مليونين و280 ألف طن، إضافة إلى تصدير 975 ألف طن من البطاطس الطازجة، لتحتل المركز الثانى فى الصادرات الزراعية بعد الموالح، بينما تم تصدير 281 ألف طن من البصل ليحتل المركز الثالث من الصادرات، واحتلت الفاصوليا طازجة وجافة المركز الرابع بإجمالى 239 ألف طن، واحتل العنب المركز الخامس بإجمالى 180 ألف طن، والبطاطا المركز السادس بإجمالى 175 ألف طن، فى حين احتلت المانجو المركز السابع فى الصادرات بإجمالى 127 آلاف طن، بينما احتلت صادرات الرمان المركز الثامن بإجمالى 85 ألف طن، بينما احتلت صادرات الطماطم المركز التاسع بإجمالى 37 ألف طن، يليه فى المركز العاشر الثوم بإجمالى 24 ألف طن، بينما حصلت الفراولة على المركز الحادى عشر فى الصادرات بإجمالى بلغ 21 ألف طن، واحتلت الجوافة المركز الأخير فى الصادرات بإجمالى 13 ألف طن.
خالد مسعود عضو المجلس التصديرى للحاصلات الزراعية يكشف أن صادرات الحاصلات الزراعية شهدت ارتفاعا خلال عام 2023، حيث بلغت 2.5 مليون طن، بقيمة إجمالية تتراوح بين 14 و15 مليار دولار.
أرجع مسعود ارتفاع معدلات التصدير لعدة عوامل، من بينها توقف الأرجنتين عن التصدير، ما أدى إلى زيادة الطلب على المنتجات الزراعية المصرية فى السوق العالمية، موضحاً أن قطاع الحاصلات الزراعية يمتلك إمكانات تصديرية إضافية تصل نصف مليار دولار، بشرط تعزيز الدعم الحكومى للشركات المصدرة وتلبية احتياجات السوق المحلية.
أشار مسعود إلى أن الشركات الزراعية المصرية تقوم بفتح اعتمادات مستندية لتسهيل عمليات التصدير والاستيراد، وأن العديد من الشركات خصصت جزءاً من إنتاجها لدعم السوق المحلية وتوفير النقد الأجنبى اللازم لتغطية مستلزمات الإنتاج.
شدد على ضرورة المسارعة فى رد الأعباء التصديرية وتقديم الدعم اللازم لتوسيع وجود الشركات الزراعية المصرية فى الأسواق الخارجية، وتحقيق النمو المستدام لهذا القطاع الحيوي.
أعرب مسعود عن تعرض القطاع الزراعى لتحديات عديدة، جراء أزمة نقص إنتاج مصانع الأسمدة، وتراجع إمدادات الغاز الطبيعي، الذى يشكل 78 ٪ من تكلفة الإنتاج، مشيراً إلى حدوث انفراجة فى تلك الأزمة بشكل جزئي، خاصة أن اليوريا والنترات هما أكثر الأسمدة استخداماً فى إنتاج المحاصيل الزراعية التى يعتمد عليها المزارع بشكل أساسي، وأن الأسمدة المستوردة تلبى نحو 40 ٪ من احتياجات السوق، مؤكداً على صعوبة التوسع فى الاستيراد حالياً، فى ظل القيود التى وضعتها الدولة للحفاظ على احتياطى النقد الأجنبي.
من جانبه أوضح د.إبراهيم حسن أستاذ الاقتصاد الزراعى بزراعة شبين الكوم الصادرات الزراعية المصرية أصبحت لها سمعة عالمية وعليها طلب من اكثر من 160 سوقاً عالمية وهذا انعكس فى الزيادة المستمرة سواء من حيث كمية السلع المصدرة أو العائد النقدى الذى تحقق من يناير وحتى أكتوبر 2024، حيث تلعب الصادرات الزراعية المصرية محوراً مهماً فى دعم الاقتصاد الوطنى بالنقد الأجنبي، لذلك هناك حالة رصد وتتبع بالكميات والعائد من التصدير، مصر لا تصدر من المنتجات الزراعية إلا ما يزيد على السوق المحلية فتلبية احتياجات المواطن أولاً ثم تصدير الفائض فالبطاطس على سبيل المثال ينتج منها نحو 7 ملايين طن تصدر منها نحو 5 ملايين بعد تحقيق الاكتفاء المحلي، وهناك تحركات مستمرة لفتح أسواق اضافية لتصدير البطاطس.
ويضيف د.حسن أن كمية الصادرات بلغت 7.9 مليون طن من المنتجات الزراعية، بقيمة 5.37 مليار دولار تقريبا، وفى بعض السلع الزراعية تظهر مصر ضمن أكبر المصدرين مثل البرتقال الذى أوشك موسم تصديره على الانطلاق فى الاول من ديسمبر حيث ستدخل الكميات المطلوب تصديرها إلى الحجر الصحى الاسبوع القادم للتجهيز والاعداد فمصر بعد اسبانيا وجنوب افريقيا ويقترب ما تصدر من البرتــقال نحو 2.2 مليون طــن بنحـو 800 مليون دولار وميزة البرتقال المصــرى انه يتمتع بجودة عالية وطعم مميز.
أشار إلى أنه فى ظل التضخم وارتفاع أسعار السوق المحلية، هناك ضغوط كثيرة لزيادة المعروض فى الأسواق المحلية وهذا يحد من انطلاق الاستيراد، ولكن نأمل مع زيادة التوسع الأفقى والرأسى وزيادة الإنتاج الزراعى أن نحقق التوازن بين التصدير والسوق المحلية، ونحرص على تحويل التصدير من المواد الخام إلى سلع غذائية مصنعة وإعطائها قيمة مضافة.. وهذا بالتاكيد سيزيد من القيمة السعرية لهذه المنتجات وتزيد من العائد النقدي.
يضيف حسن أنه من المهم العمل على تقليل نسبة الفاقد والهدر من المحاصيل الزراعية من الخضر والفاكهة والتى تصل إلى أكثر من 30 ٪ من جملة الإنتاج، وهذا يستلزم زيادة الإرشاد الزراعى لتنفيذ الممارسات الزراعية المناسبة التى ترفع الجودة وتقلل استخدام الأسمدة الكيماوية والمبيدات حتى تحقق معايير واشتراطات التصدير.