طالما حذرنا فى تلك المساحة من مخاطر تفشى فيروس السوشيال ميديا وسرطان التريند الذى بات ينخر فى جسد مجتمعاتنا العربية على حد سواء، وبات الشغل الشاغل للجميع أطفالاً وشبابا، رجالاً ونساء وشيوخ، الجميع على أتم الإستعداد للبيع، إلا من رحم ربي، هناك من يبيع نفسه، وآخر يبيع شرفه، وثالث يدعى الموهبة البائسة اليائسة، البعض يرقص ويتعري، والجميع يرفع شعار «شحتنى شكراً» لزوم الهدايا والذى منه الأسد والحوت والصولجان ولا عزاء للغلبان الشقيان التعبان اللى بياكلها بالحلال من عرق جبينه.
آفات التيك توك ومن يطلقون على أنفسهم لقب بلوجر وفود بلوجر وتيك توكر ويوتيوبر، دخلت كل بيت وعقل تستهدف تخريب القلوب والعقول، تخطو بخطى ثابتة وواثقة لتدمير الأجيال القادمة الأطفال والشباب، تستهدف حاضر الوطن ومستقبله، ذلك العرى والإنحطاط وحلم الثراء السهل والسريع لا يقل خطراً عن الإرهاب والمخدرات، الإنحطاط والتفاهة والعرى تحقق ملايين الأخضر واليورو وكله مستنى دوره، ليتوه الحلم وتحيد البوصلة، أنقلبت الموازين رأساً على عقب، وبات الجميع يرى ضالته المنشودة والملاذ فى تريند التيك توك، وإذا استمرت الأوضاع على تلك الشاكلة «يبقى على الدنيا السلام»،وتكون بذلك نجحت الدول المعادية بأجهزة استخباراتها بكل جدارة فى تنفيذ مخططاتها وتدمير الأجيال الجديدة ومستقبل الأمة دون نقطة دم أو طلقة رصاص واحدة.
تارة نسمع أن أحدهم حقق 50 مليون جنيه فى «جولة» لا تتجاوزبضعة دقائق، وأخر كسب أيفون 15 ذهب وساعة ألماظ وخاتم ألماظ ومجموعة هدايا تتجاوز الملايين، علاوة على الفيلات الفارهة وشقق مدينتى وسيارات لامبورجينى ومرسيدس موديل العام، فى الوقت الذى يعيش المجتمع حالة من الظروف الصعبة نتيجة الأزمات الإقتصادية العالمية وحروب المياه والنزاعات الحدودية ومخططات نهب الثروات.
بأى عقل أو منطق أستطيع اقناع طفل أو شاب بأن العلم هو من يرفع شأن الأمم، بأى حق أقنعه أنه بالعلم والعمل تحيا الأمم، كيف أقوم بإقناعه أن ما يحدث هو الشر بعينه وأنه لا يصح إلا الصحيح وهو يرى بعينه أن فلاناً لديه ثروات طائلة من التفاهة والعرى والإنفلات الأخلاقي، فى الوقت الذى يرى الطبيب الشاب والمهندس الشاب والصحفى الشاب لا يكفى راتبه للعيش الحاف وسداد فواتير الكهرباء والمياه وغيرها من أساسيات الحياة العادية، وبات المستقبل القريب محفوفاً بالمخاطر من جميع الإتجاهات وبفعل فاعل، بعدما أصبح العبث بعقول الأجيال الجديدة، هو الطريق الأسهل لتخريب الأوطان، هم لا يريدون رجالاً تجلب لنا الفخر، فقاموا بتحويل الفخر الى فجر، والعز الى ذل، العلم والقيم والكرامة الى انفلات وخضوع وحقارة، يريدون أن تمحى من ذاكرتنا انتصارات أكتوبر وتضحيات ودماء الشهداء التى سالت فى سيناء للحفاظ على الأرض والعرض، لذا بات لزاماً علينا أن ننظر بعين العقل والحكمة الى ما يحاك ضدنا من مؤمرات تستهدف أعز وأغلى ما نملك وهم أولادنا شباب الحاضر ورجال المستقبل، علينا أن نعى جيداً أن من يقوم بتوزيع الأموال بكل هذا الكم ليس غبياً أو صانع سعادة، إنما يسعى من وراء ذلك تحقيق هدف خبيث وتخريب العقول والمجتمعات بأيادى أبنائها علينا أن نفرض قيوداً حقيقية أو إلغاء تلك البرامج والتطبيقات لحماية ما تبقى من القيم.. حفظ الله مصر.