تتأهب دولة العراق لاستضافة القمة العربية الرابعة على أرضها فى ظل ظروف بالغة الصعوبة تمر بها المنطقة العربية فقد سبقتها قمة 1978 وقمة عام 1990 وقمة 2012 والقمة القادمة مايو الجارى هى الأصعب نظراً لما تمر به المنطقة العربية من عدوان إسرائيلى وحشى وغاشم على الشعب الفلسطينى فى قطاع غزة، فضلاً عن إعلان إسرائيل بدعم الولايات المتحدة الأمريكية رغبتها بتنفيذ مخطط التهجير والاستيلاء على أرض قطاع غزة.. «الجمهورية» أجرت حواراً مع السفير العراقى بالقاهرة د.قحطان طه خلف ومندوبها الدائم لدى جامعة الدول العربية وللتعرف على أهم الملفات التى سيتم مناقشتها خلال القمة.
فى البداية أكد السفير العراقى أن القمة العربية القادمة ستكون من أهم القمم لأنها تعقد فى توقيت صعب جداً مع تهديدات للأمن القومى العربى والتهديد بتصفية قضية العرب الأولى التى تحتل الدرجة الأولى فى الاهتمامات العربية، كما سيتم مناقشة أخر التطورات والمستجدات اليومية للعدوان الإسرائيلى الغاشم والبربرى على الشعب الفلسطينى فى قطاع غزة والضفة الغربية والذى راح ضحيته حتى الآن ما يقرب من 60 ألف شهيد ومفقود ومائة ألف مصاب بهدف تصفية القضية وتهجير الشعب الفلسطينى من أرضه وسيكون هذا الملف على رأس الأولويات بل أهم الملفات التى سيتم مناقشتها فى القمة العربية التى سترفض كل هذه السياسات الإرهابية ضد الشعب الفلسطينى الأعزل وسنؤكد على حق الشعب الفلسطينى فى إقامة دولته على أرضه المحتلة وإنهاء الاحتلال كما أننا فى دولة العراق على المستوى السياسى والرسمى والشعبى نرفض تماماً الاعتراف بإسرائيل ونعترف فقط بدولة واحدة هى دولة فلسطين.
قال السفير العراقى د.طه خلف إن هناك تنسيقاً كاملاً بين القاهرة وبغداد بشأن القمة وهناك تشاور مستمر وجامعة الدول العربية والعراق ترفض تماماً الإجراءات التى تتخذها الولايات المتحدة بقيادة الرئيس الأمريكى ترامب للضغط على القاهرة وعمان لاستقبال الشعب الفلسطينى وتهجيرهم من أراضيهم بل وتساند مصر والأردن فى موقفهما الحاسم، ولذا ترفض جامعة الدول العربية كل هذه السياسات، وسيكون من أبرز القرارات التى ستتخذها القمة العربية برفض التهجير ودعم الموقف المصرى بقيادة الرئيس عبدالفتاح السيسى والذى أعلنها منذ بداية الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة عقب أحداث السابع من أكتوبر قبل الماضى برفضه تماماً لأى سياسة تهدف لتصفية القضية الفلسطينية، وأن مصر لن تشارك أبداً فى تصفية القضية على حساب الشعب الفلسطينى بل اعتبرها خطاً أحمر بالنسبة للأمن القومى المصرى وهو ما أكدته قرارات الجامعة العربية وكل الاجتماعات الرسمية العربية سواء فى الجامعة أو داخل المنظمات الدولية مثل الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي.
أوضح السفير العراقى أن الحرب الإسرائيلية على الشعب الفلسطينى الأعزل تعتبر انتهاكاً لحقوق الإنسان والقانون الدولى وللأسف نرى أن الاستهتار الإسرائيلى بكل القيم والقوانين الإنسانية مدعوم من بعض الدول، ولكن العمل العربى المشترك سيؤدى فى النهاية إلى النتيجة المرجوة فى إنصاف الشعب الفلسطينى خاصة أن هذه القضية هى قضية العرب الأولى وأن الموقف العربى حتى الآن واضح ولا غبار عليه برفض العدوان الإسرائيلى على فلسطين ولبنان وسوريا واليمن وكل الدول العربية بالإدانة واستنكار هذه السياسات الإرهابية ودعم الشعب الفلسطينى فى كل المؤسسات الأممية ومحكمة العدل الدولية، ولكن يبقى دعم بعض الدول الغربية بشكل كبير لإسرائيل فى العدوان على الشعب الفلسطينى يعطيها الاستمرار فى نهجها بالعدوان، وهو ما يثير الاستغراب فى استمرار انتهاك إسرائيل للقانون الدولى وحقوق الإنسان بقتل الأطفال والنساء وتشريد الناس وحصارهم وتجويعهم فى قطاع غزة والدول العربية تسعى بكل استطاعتها لمواجهة العدوان الإسرائيلى ولكن يبقى للأسف موقف بعض الدول الغربية الداعم بلا حدود لإسرائيل لاستمرارها فى العدوان الإرهابى على الشعب الفلسطيني.
قال السفير إن انعقاد القمة العربية فى العراق فى ظل الظروف الصعبة والتى تشهدها المنطقة العربية يؤكد أن هناك استقراراً فى دولة العراق ونهضة كبيرة فى كافة الجوانب الاقتصادية والسياسية والأمنية، مما يمكن العراق من الاستمرار فى القيام بدور إقليمى ومحورى أكبر من أى وقت مضى مع استمرار حالة الاستقرار الأمنى بعد القضاء على التنظيمات الإرهابية والتى أعاقت لفترة طويلة عملية التنمية الاقتصادية وهددت الاستثمارات وعملية التنمية والبناء فى كل مناطق العراق، والذى يذهب للعراق الآن ثم يعود بعدها يجد أن هناك تغييراً كبيراً فى كل القطاعات فى الشوارع والإعمار والتنمية.
أوضح السفير العراقى بالقاهرة أن العلاقات المصرية العراقية فى أفضل فتراتها خاصة بعد تولى الرئيس عبدالفتاح السيسى السلطة، حيث لوحظ اهتمام كبير من القاهرة للعلاقات مع بغداد فى ظل اهتمام وتأكيد رئيس الوزراء العراقى المهندس محمد شياع السودانى والذى أكد مراراً وتكراراً على اهمية العلاقات مع مصر، وقد زار القاهرة أكثر من مرة وعقد عددًا كبيرًا من الاتفاقيات مع الحكومة المصرية، وقام بتفعيل عمل اللجنة العليا المشتركة بين البلدين وتم توقيع عدد من الاتفاقيات فى بغداد لمزيد من الاستثمارات بين البلدين والتى وصلت إلى 29 اتفاقية فى كافة المجالات بين البلدين بدعم كامل من رئيس الوزراء العراقى محمد شياع السودانى والرئيس عبدالفتاح السيسى مما ترتب عليه تطور كبير وزيادة فى حجم التبادل التجارى بين البلدين وزيادة الاستثمارات المصرية فى العراق والجميع فى العراق يرى الشركات المصرية والتى تعمل فى مجال البنية التحتية والإسكان والطرق والمدن الجديدة فى كل شوارع العراق، مما يؤكد على قوة العلاقة بين البلدين والثقة المتبادلة بين الشعبين فضلاً عن علاقات الأخوة والمودة بين الشعبين العراقى والمصرى وتجلى ذلك فى زيارة نائب رئيس الوزراء ووزير النقل كامل الوزير الذى زار العراق ووقع على عدد من الاتفاقيات والمشروعات التى سيتم تنفيذها فى العراق عن طريق الشركات المصرية.
وقال إن بغداد والقاهرة هما القلبان النابضان فى المنطقة العربية منذ مئات السنين وقد عادت بغداد لممارسة دورها الريادى فى المنطقة والعالم العربى بعد أن استطاعت الخروج من نفق الإرهاب المظلم الذى أعاقها لسنوات عن ممارسة دورها الريادى فى المنطقة العربية والشرق الأوسط.
وقال السفير العراقى والمندوب الدائم لدى الجامعة لعربية إن طموح العراق أكبر بكثير فى تطوير العلاقات مع القاهرة والمتابع يعلم ويرى أن هذا العام أفضل من العام السابق سواء فى حجم التبادل التجارى بين البلدين وحجم الاستثمارات، وهناك تطور كبير فى العلاقات على كافة المستويات فعلى سبيل المثال وصلت الاستثمارات المصرية فى العراق عن طريق الشركات المصرية ورجال الأعمال المصريين فى العراق وصلت إلى نصف مليار دولار، وخلال الأيام القادمة سنضع حجر الأساس لمدينة الورد والتى ستنفذها إحدى الشركات المصرية وهو مشروع عملاق ستنفذه شركة مصرية عبارة عن 130 ألف وحدة سكنية وسيتم إنشاء طرق وجسور وسكك حديد ومدن جديدة.
أوضح أن الشركات المصرية أثبتت قدرتها ونجاحها على المنافسة وسرعة الإنجاز للمشروعات الكبرى فى مجال التشييد والبناء وأصبحت تستحوذ على رضاء وثقة المواطن العراقي، وأن زيارة وزير النقل والصناعة كامل الوزير لوزارة الإسكان والإعمار العراقى الأخيرة وكذلك لوزير النقل والشركات التى رافقت الوزير المصرى وتم خلالها الاتفاق على الكثير من الأمور والمشاريع، ونرى الآن ثمار هذه الزيارات والاتفاقيات وهناك تطور وزيادة فى عدد الشركات المصرية العاملة فى العراق من 4 شركات العام الماضى الآن 15 شركة فى كافة المجالات.
وأوضح أن هناك تحسناً كبيراً فى الزيارات الرسمية والشعبية بين البلدين والعشرات الذين يسافرون من مصر للعراق والعكس والطلاب العراقيين الذين يدرسون فى مصر بمعظم الجامعات المصرية والعلاقات بين البلدين فى أفضل حالاتها، وأن حجم التبادل التجارى بين مصر والعراق تقريباً مليار دولار بين البلدين وأن هناك إقبال كبير من العراقيين على زيارة مصر خاصة السياحة فى الأماكن المميزة فى مصر شرم الشيخ والغردقة والساحل الشمالى والإسكندرية عروس البحر المتوسط والقاهرة طبعاً وغيرها، وستظل مصر هى قبلة لكل مواطن عراقى سواء للتعليم أو العلاج أو السياحة، فكل أسبوع هناك 12 رحلة سياحية من بغداد للقاهرة خاصة مع ارتفاع مستوى المعيشة للمواطن العراقى والذى يصل عدد سكانه 46 مليون نسمة وزيادة دخله السنوي، لذلك يسعى لزيارة أم الدنيا لرؤية تاريخها وحضارتها وثقافتها العريقة وتاريخها، وعدد كبير جداً يذهب للسياحة خارج العراق وتظل مصر هى قبلة العراقيين وهى أم الدنيا وهى العروبة فالجميع يتمنى زيارة مصر للتعلم والسياحة والاستثمار فما يجمع الشعبيين عبر التاريخ أقوى من السياسة لذا نتمنى تذليل كافة عراقيل السفر بين البلدين ومنح تأشيرة الدخول بسهولة للعراقيين.
أوضح أن العراقيين على المستوى الرسمى والشعبى أكثر سعادة بانعقاد القمة العرابية على أراضيهم واستضافة الرؤساء والقادة والملوك والأمراء العرب فى بلدهم الثانى العراق ونتمنى أن تأتى القمة بنتائج إيجابية تنعكس على الواقع العربى وعلى إخواننا وأشقائنا فى فلسطين بإيقاف الحرب الأجرامية التى تدور على أرض فلسطين.