* منذ أيام وفى الاسبوع الاول من أبريل 2025 بدأت ضغوط الادارة الامريكية بقيادة ترامب فرض قيود جديدة على العالم و(الصين) ومنها رفع الرسوم الجمركية بنسب مختلفة على (60 دولة فى العالم) وخص الصين بنسبة 30 ٪ وفورا ردت الصين بالمثل ورفعت الرسوم الجمركية على أمريكا فى بداية طويلة لحرب اقتصادية قاسية بين الدولتين قد تصل مستقبلا لحرب عسكرية فى العالم أجمع ! ترى ما هى الخلفية الحقيقية لهذا الهلع الامريكى من الصين وتقدمها الاقتصادي؟ ولكى نعرف الاجابة نحتاج الى التاريخ ورواياته المجهولة حتى نستطلع (السر) وراء هذا الاعجاز الصينى الكبير والذى سبب كل هذا الهلع الامريكى وزيادة قيوده الضرائبية والاقتصادية على العملاق الصينى وأين نحن (مصر تحديدا) من هذا الصراع الكبير الذى سيجتاح العالم أجمع؟ ما السر وراء هذا التقدم العلمى الهائل للصين والذى لم يعد أحد يجهله أو يتجاهله؟
>>>
> ثمة أسباب وأسرار.. بات على كل دولة فى عالمنا المعاصر وتحديدا دول ما يسمى بـ(العالم الثالث) أن تعرفها لتستفيد بالنموذج الصينى وتقترب منه.. ومن بين تلك الاسرار يأتى العلم والادارة الراقية المنضبطة ومحاربة الفساد دون خوف وتطوير آليات العمل الشعبى بما يخدم الهدف الاكبر وهو فرادة الصين وقيادتها للتقدم العلمى فى العالم.. والقدرة الفذة على تحويل (الفائض البشري) الى أحد ركائز القوة وليس خصما منها !وفى ثنايا بحثى عن (السر الاكبر) لهذا التقدم العلمى والاجتماعى والانسانى المذهل للصين وقعت بين يدى تلك القصة.. أو المعلومة التى تكشف جانبا من (السر العظيم) لمعجزة الصين الجديدة.. وهو سر تقول سطوره هذه المعلومات بالغة الاهمية!
>>>
> كما نعلم جميعا ومن كتب التاريخ ووثائقه أن الصين كانت دولة فقيرة جداً وضعيفة حتى العام 1977 وكانت أعلى المنتجات الصناعية الرئيسية فى البلاد هى «الغزل والأقمشة والفحم الخام والحبوب والقطن» واليوم أصبحت الصين دولة صناعية عملاقة – فى كل المجالات تقريبا – تفوقت على الدول الغربية الكبرى كما نعلم.
> وقصة تحول تنمية اقتصاد الصين من هزيل ضعيف الى الأول عالمياً تحكيها هذه السطور والتى تقول: إنه بعد عام 1978 وبعد تولى «دينج هسياو ينج» الأب الروحى للنهضة الحديثة فى الصين طلبَ من اللجنة المركزية للحزب الشيوعى الحاكم، الموافقة على التعاقد مع خبير تنمية إدارية واقتصادية عالمى للنهوض بالواقع الاقتصادى المتردى للصين الشعبية وبعد رفض طلبه سبع مرات لم ييأس حتى فى المرة الثامنة أقنعهم بفكرته ووافقت اللجنة.
وخاطب «دينج هسياو ينج» شخصياً عمادة كلية الإدارة والاقتصاد والسياسة فى جامعة أكسفورد البريطانية، الأولى عالمياً فى هذا التخصص، وأبلغهم عن رغبة الصين، بالتعاقد مع بروفيسور متخصص بالتنمية الاقتصادية والإدارية، للعمل مع الحكومة الصينية بصفة مستشار أول، ويُدفع له خمسة أضعاف راتبه الحالى مع امتيازات إضافية أخرى كتذاكر السفر المجانية ثلاث مرات بالسنة وعطلة 60 يومًا فى السنة مدفوعة الثمن.
رفضت جامعة أكسفورد طلبه فى بداية الامر لكنه لم ييأس وعاودَ الكَرَةَ ثانيةً وعرض عليهم أن يدفع للكلية رواتب الأستاذ للسنة الماضية كلها، وافقت العمادة وعملت إعلان ووضعته فى لوحة إعلانات الجامعة، وتقدم احدهم وكان اسمه وجنسيته الاولى مفاجأة.. فلقد كان هو البروفيسور من أصل عراقى (الياس كوركيس الاستاذ فى جامعة اكسفورد البريطانية) والذى وافق على العرض وذهب للصين، وأمرَ «دينج هسياو ينج» وزراء الحكومة الصينية بتنفيذ ما يطلبهُ منهم الخبير وأول خطواته كانت كما تذكر القصة والوثائق الصينية..
وقد حدد الخبير أربع نقاط أساسية لمشروعه مع حكومة الصين :
أولاً: العمل من أجل حكومة نظيفة وأمينة ونزيهة.
ثانياً: تضيق الفجوة الاقتصادية بين شرق وغرب الصين بتبادل الخبرات المتوفرة.
ثالثا: العمل على تقليل التضخم بالعملة.
رابعاً: قام شخصياً بتدريب الوزراء على الإدارة والقيادة وتعلم الإنجليزية، ونقل الوزراء هذه التجربة إلى موظفى وزاراتهم كانت الصين.
>>>
وتقول باقى قصة (السر العظيم للصين) بعد ثلاث سنوات من بداية عمل البرفيسور العراقى ووضعه خطة إستراتيجية لكل وزارة، أخذت تجربته الإصلاحية لاقتصاد الصين تظهر للعيان، وبعد خمس سنوات من عمله استطاعت الصين من بلورة مفهوم اقتصاد السوق الاشتراكية وتحديث أول عملية ونظرية بين الحفاظ على دور الدولة التدخلى فى الاقتصاد من جهة وخلق فضاءات أو جزر اقتصادية ليبرالية متعولمة ومن جهة ثالثة عمل الخبيرعلى ربط الاقتصاد الصينى بالاقتصاد العالمى وتلك التجربة الحديثة سمحت للصين بالاندماج بدون أن تعانى من الزلازل التى تواكب عادة التحول من اقتصاد مغلق إلى اقتصاد متعولم.
>>>
> اليوم (2025) وبعد كل هذه التطورات العالمية المذهلة بين القوى العظمى خاصة أمريكا والصين وأحدثها قضية (الرسوم الجمركية) نسأل عن فرص مصر بعد رفع الرسوم الجمركية على الصين؟ لقد أثار انتباهى ذلك المقترح المهم للصديق اللواء/ فكرى النمس أحد أبطال حرب أكتوبر (والذى كرمته الدولة فى أكتوبر الماضى لتاريخه ودوره المقدر فى حرب أكتوبر1973) حيث يرى أن رفع أمريكا للجمارك على الصين ــ من وجهة نظره ــ يفتح لمصر فرصا اقتصادية كبيرة، خاصة فى التصدير والاستثمار.. ويقول هذة بعض الطرق للاستفادة المصرية:
أولا: بما إن الجمارك الأمريكية على البضائع الصينية زادت، فالشركات الأمريكية ستبحث عن بدائل أرخص. ومن الممكن أن تستثمر مصر ذلك خاصة فى صناعات الملابس، المنسوجات، الكيماويات، والأغذية الزراعية، وهى قادرة على ذلك وبها الايدى العاملة المدربة.
ثانيا: جذب الاستثمارات الأجنبية: حيث إن شركات عالمية عديدة تبحث عن تجنب الرسوم الجمركية بين الصين وأمريكا وتمثل لها مصر سوقا استثماريا مثاليا للجذب.
ثالثا: دخول الشركات المصرية مكان الشركات العالمية وبخاصة الصينية وغيرها فى السوق العالمي.
رابعا: زيادة التبادل التجارى المصرى مع الصين التى ستبحث عن أسواق جديدة تصدر لها وتعوض خسائرها مع أمريكا ومن الممكن أن تستغل مصر وتتفاوض مع الصين على صفقات تجارية أفضل، سواء فى الاستيراد بسعر أقل أو فى زيادة صادراتها للصين وإنشاء مناطق حرة ولوجيستية لاعادة التصدير لأمريكا واوروبا.
خامسا: تعزيز التصنيع المحلى كبديل عن الصينى والامريكى وستزيد فرص العمل.
الخلاصة – كما يقول اللواء فكرى النمس فى مقترحه المهم والذى على الدولة دراسته والاستماع بإنتباه شديد له – هو أن مصر لو أدارت الازمة وخططت لها وفقا لمصالحها بشكل جيد فإنها ستكسب كثيرا فى كل المجالات والاسواق والاستثمارات.