يكفى وصما للسرقة أنها سرقة وللسارق أنه سارق أيا كان نوع المسروق وأيا كان قدره أو قيمته . سرقة الكهرباء جريمة فى حق المجتمع، فى حق الوطن وجميع أبنائه، وهى نوع من الفساد فى الأرض، والدعوة إلى استباحة ذلك دعوة زور وبهتان وافتراء على الدين والوطن والقيم، وهى دعوات ساقطة وأتفه من أن يُستدل على بطلانها، ففيها هدم للوطن، وتدمير للقيم، وتشويه للدين الذى يأمرنا بالوفاء بالحقوق، ألم يترك نبينا صلى عليه وسلم عند هجرته الإمام على بن أبى طالب بمكة ليرد أمانات المشركين الذين آذوه وآذوا أصحابه وأخرجوهم من ديارهم ؟!
والسرقة هى السرقة، واللص هو اللص، والحرام هو الحرام، سواء أكانت السرقة للمال نقدًا أم مقومًا أم فى شكل خدمة احتال شخص ما فى سرقتها أو عدم سداد مقابلها، وسواء أكان ذلك فى مجال الكهرباء، أم فى مجال المياه، أم الغاز، أم فى استخدام وسائل النقل، أم فى مجال الاتصالات، أم فى أى مجال آخر، مع تأكيدنا على ما يأتي:
أولاً: إن حرمة المال العام أعظم وأشد من حرمة المال الخاص، فالمال الخاص يتعلق بصاحبه سواء أكان فردا أم مجموعة أفراد، أما المال العام فهو مال المجتمع بأسره، مال أبناء الوطن جميعا، والاعتداء عليه اعتداء على المجتمع كله، وعلى الوطن بكامله، وعلى الدولة وكيانها.
ثانيًا: إذا كان الإنسان لا يمكن أن يترك ماله نهبًا للسرقة أو الضياع فإن أى قائم على المال العام يقصر فى الحفاظ عليه هو آثم، وإذا تسبب بإهماله فى ضياع المال العام أو تلفه أو عدم تحصيله ارتكب بذلك إثمًا عظيمًا.
ثالثًا: إن المجتمع بأسره وبجميع أبنائه مطالبون متضامنين بالحفاظ على المال العام وصيانته، والحرص عليه، والعمل على تنميته، وحمايته من كل يد يمكن أن تمتد إليه بغير حق، أو أن تتسبب فى ضياعه أو تحاول نهبه أو المساس به.
رابعًا: إن لصوص الخدمات : كهرباء أو غيرها لا يقلون خطرًا عن لصوص المال والأعيان، ويجب تغليظ العقوبة على ذلك ؛ لأن هؤلاء اللصوص إنما يؤثرون على مستوى هذه الخدمات، ويرهقون المنتظمين فى سداد مقابلها، فهم معتدون على حق المجتمع بأسره، ويعيشون عالة وسحتًا على حساب من ينتظمون فى دفع مقابل هذه الخدمات، أو على حساب ما يقدم لها من دعمٍ من المال العام الذى هو مال أبناء الوطن جميعًا.
خامسًا: إن هناك فئتين أشد ظلمًا وبغيًا وجرمًا وإثمًا من هؤلاء اللصوص، الأولي: أولئك المفسدون الذين يعملون على إتلاف الخدمات أو تعطيلها لحرمان المجتمع منها أو يدعون إلى ذلك، والثانية وهى أشد جرما وأعتى فسادا، وهم من يفتون ظلما وجورا وافتراء على الله ورسوله بحل استباحة سرقة المنافع والمرافق العامة وعدم سداد مستحقاتها.
سادسًا: نؤكد أن الذين يسرقون الكهرباء أو المياه أو غير ذلك آكلون للسحت، يصدق فيهم قول نبينا «صلى الله عليه وسلم»: «كل لحمٍ نبتَ من سحتٍ فالنارُ أولى به».