تفرغ لقضية بلاده دون سواها، وترافع فيها بجد وإخلاص وترك ما عداها.. عرف الداء ووصف الدواء، وأصدر اللواء، ونادى بالجلاء، وكان من أهل الحكمة والبناء، تحولت شوارع القاهرة يوم جنازته إلى سجادة حمراء وتبارى فى رثائه الكتاب والشعراء.
شاهد مصطفى كامل أحوال بلاده وقد سيطر الانجليز على مقدراتها يستنزفون خيرها ويستعبدون شعبها.
فى سنة 1892 اتصل بعبدالله النديم خطيب الثورة العرابية ليعرف منه أخبارها وأسرارها وفى سنة 1895 عاد إلى فرنسا ليدعو لقضية بلاده أمام المحافل الأوروبية.
ندد بالاحتلال البريطانى بعد حادثة دنشواى 1906 وكشف سوءاته وفى خطاب مفتوح إلى الأمة الانجليزية حتى أن صحيفة تريبيون طالبت بمنح الاستقلال لمصر.
كتب المقالات فى الصحف المصرية والأوروبية وألقى الخطب الحماسية فى المنتديات المحلية والدولية.
وعلى حداثة سنه رزقه الله حلاوة اللسان وحسن البيان، ولاتزال كلماته تتردد حتى الآن ومنها:
> لا حياة مع اليأس ولا يأس مع الحياة.
> لو لم أكن مصريا لوددت أن أكون مصريا.
> بلادى بلادى لك حبى وفؤادى لك حياتى ووجودى لك دمى ونفسى لك عقلى ولسانى لك حبى وجفاني، فأنت الحياة ولا حياة إلا بك يا مصر.
طلب العون من الدولة العثمانية لكنها كانت أضعف أن تمد له يد المساعدة وطلبه من فرنسا لكنها وقعت الاتفاق الدولى مع بريطانيا 1904 وهنا أدرك أن الحقوق تنتزع بأيدى أصحابها واصل مصطفى كامل كفاحه وتحققت أحلامه تباعا فى حياته بعد وفاته.
نشر اللواء خبر وفاته بعرض الصفحة الأولى وهى المرة الأولى التى تنشر فيها الصحف المصرية العنوان الكبير المنتشر «المانشيت» شارك فى جنازة مصطفى كامل ربع مليون مصرى اجتمعوا خلفه فى موكب مهيب وبدت الطرابيش الحمراء على رءوس المشيعين كأنها سجادة حمراء تمشى فى شوارع القاهرة.
تمت الصلاة عليه بجامع قيسون بشارع محمد على ودفن يوم الثلاثاء 11 فبراير 1908 بمقابر الإمام الشافعى ويتوسط تمثال مصطفى كامل الميدان المسمى باسمه بالقاهرة وله متحف بميدان صلاح الدين بالقلعة.
قال أمير الشعراء أحمد شوقي:
المشرقان عليك ينتحبان
قاصيهما فى مأتم والدانى
يدعو إلى العلم الشريف وعنده
أن العلوم دعائم العمران
يا حب مصر ويا شهيد غرامها
هذا ثرى مصر فنم فى سلام
فلعل مصراً من شبابك ترتدى
مجداً تتيه به على البلدان