أخطر فترات التصعيد العسكرى فى الشرق الأوسط
إسرائيل اختارت التصعيد.. وواشنطن تتوقع هجوماً انتقامياً مزدوجاً.. لإيران وحزب الله
تل أبيب تتوقع الهجوم فى 13 أغسطس.. فى أعياد الكوارث اليهودية
عواصم العالم:
إيران تريد الانتقام وليس التصعيد العسكرى
أحمد البرديسى
نار الحرب تحت الرماد دائماً فى الشرق الأوسط.. نار الحرب نائمة أو كامنة تحت الرماد.. لكنها دائماً جاهزة للاشتعال والانفجار العظيم فى أى لحظة.. وفى كل وقت يبدو الشرق الأوسط فى انتظار «ساعة صفر» جديدة لبدء حرب جديدة.. مادامت هناك دولة باسم اسرائيل أقيمت فى فلسطين بالاغتصاب والاستيطان وبالعدوان والتوسع.
الحرب بطبيعتها، معادلات وحسابات وأهداف وحتى أطماع.. لكن 2024 سوف يبقى عاماً تتذكره اسرائيل، وربما لا تنساه مطلقاً إلا بعد فوات الأوان.
يعيش الشرق الأوسط حالياً أخطر الساعات فى تاريخه الحديث كله.. فى انتظار سيناريو ضربات الانتقام المزدوج لإيران وحزب الله اللبناني، بعد اغتيال فؤاد شكر رئيس أركان ميليشيات حزب الله فى بيروت، واغتيال اسماعيل هنية الرئيس السياسى لحركة حماس فى قلب طهران.
ذكرت تقارير مخابراتية فى واشنطن ولندن أن إيران تخطط لتوجيه ضربة انتقام عقابية لإسرائيل فى يوم احتفالات اليهود بيوم الكوارث والأحزان الكبري، يوم «تيشا بآف»، وهو يوم الأحزان الذى يحتفل فيه اليهود بذكرى سقوط الهيكل الأول خلال الغزو البابلى وسقوط الهيكل الثانى على أيدى الرومان.
أكدت التقارير أن إيران سوف تقوم بالتنسيق مع حزب الله اللبناني، بتوجيه ضربة انتقامية مزدوجة فى يوم «تيشا بآف»، وهو يأتى هذا العام فى يوم 12 أغسطس الحالى وهو يوم السبت، ولابد أن يصوم اليهود لأكثر من 25 ساعة فى اليوم التالى 13 أغسطس.
ذكرت الصحف الإسرائيلية أن اسرائيل اعتادت أن تتعرض للحرب والهجوم العسكرى المفاجئ منذ حرب اكتوبر 1973، حين خطط العبقرى الرئيس أنور السادات لمباغتة اسرائيل بالحرب فى هذا اليوم.
وفى يوم السبت ٧ أكتوبر 2023، تعرضت اسرائيل لمفاجأة هجوم حركة حماس الرهيب، وهو من الأيام المقدسة فى اسرائيل يطلقون عليه «عيد السكوت» أو «سيمجا توراة».
فى الانتظار
يقف العالم حاليا على أطراف أصابعه، فى انتظار ضربة انتقامية إيرانية ضد اسرائيل، مجهولة الموعد.. لكن التقارير القادمة من واشنطن تؤكد أن الولايات المتحدة الأمريكية قد استعدت بقواتها وأساطيلها لكل سيناريوهات الحرب والتصعيد العسكرى فى الشرق الأوسط، وأكدت «نيويورك تايمز» أن الشرق الأوسط تحول بسرعة إلى منطقة مشتعلة ببراكين الحرب والتصعيد العسكري.
أشارت إلى أن أمريكا تبذل جهوداً كبرى مع فرنسا فى محاولة للحد من مخاطر التصعيد وتجنب اشتعال حرب إقليمية واسعة وشاملة بين اسرائيل من جهة وإيران وحزب الله وميليشيات الحوثى فى اليمن.
أكدت الصحف العالمية أن إيران فى الواقع لا تريد التصعيد الإقليمى الشامل.. لكنها تريد معاقبة اسرائيل على جريمة اغتيال اسماعيل هنية رئيس المكتب السياسى لحركة حماس فى قلب طهران.
أكد الحرس الثورى الإيرانى أن اسرائيل سوف تتلقى العقاب فى الوقت المناسب.. لكن متي؟!، لا أحد يعرف متى أو كيف.
ووسط تصاعد الخوف والقلق حول العالم من مخاطر الحرب والتصعيد العسكرى بين إسرائيل وإيران.. خرجت إسرائيل على العالم منذ ساعات قليلة مضت بمفاجأة جديدة، وأكدت صحف تل أبيب أن جنرالات الجيش الاسرائيلى تقدموا إلى رئيس الوزراء الاسرائيلى بنيامين نتنياهو بخطة شاملة للقيام بضربة إجهاض استباقية ضد ميليشيات حزب الله اللبناني.
الضربة الوقائية
أكد الجنرالات الاسرائيليون أن اسرائيل لا يمكنها الانتظار والوقوف السلبى فى انتظار ضربة انتقام من ميليشيات حزب الله، لذلك لابد أن يأخذ الجيش الاسرائيلى بزمام المبادأة ويبدأ الحرب فوراً على حزب الله فى لبنان، لإحباط أى محاولة من جانبه للقيام بهجوم عسكرى ضد اسرائيل.
أوضح جنرالات الجيش الاسرائيلى أنه من الحكمة أن تبدأ اسرائيل الحرب ضد لبنان، بدلاً من انتظار ضربة الانتقام من حزب الله.
هكذا تتزايد مخاطر احتمالات الخطأ فى الحسابات فى كل لحظة.. وأصبحت منطقة الشرق الأوسط على فوهة بركان، يوشك أن يشتعل بنيران الحرب الشاملة فى أى لحظة.
من الواضح تماماً أن إيران تبحث عن عنصر المفاجأة، وضرورة توجيه ضربة انتقامية مفاجئة لإسرائيل، فى توقيت مفاجئ وبسلاح مفاجئ وضد هدف اسرائيلى صاعق.. لكن كيف ومتي؟!، لا أحد يعلم.
كل شيء ممكن
يؤكد الخبراء حول العالم أن كل مشاهد وسيناريوهات الحرب والتصعيد العسكرى بين اسرائيل وإيران قائمة وممكنة ووشيكة الحدوث.. ويقولون فى تل أبيب حالياً إن اسرائيل مستعدة لأسوأ سيناريوهات الحرب والتصعيد العسكري.
فقد تقوم إيران بتوجيه ضربة انتقامية لإسرائيل مفاجئة بأكثر من ألف صاروخ وطائرة مسيرة فى ساعة خاطفة، تتعرض فيها قواعد الجيش الاسرائيلى والقواعد الجوية والمدن الرئيسية لهجمات كاسحة من جانب ايران وحزب الله.
من الواضح حتى الآن أن ايران تدرس بدقة وتقوم بتقييم الموقف بحسابات دقيقة للغاية، لتحديد أسلحة ووسائل الانتقام والأهداف والتوقيت وتحقيق عنصر المفاجأة.. فقد كان حادث اغتيال هنية فى طهران انتهاكاً صارخاً لسيادة إيران وكرامتها.
يؤكد الخبير العسكرى الاسرائيلى تسيفى يازركيلي: فى الواقع أن الحرب لم تتوقف، لكى تبدأ من جديد.. الحرب تتصاعد إلى آفاق بعيدة وغير محسوبة على الاطلاق.
لا خطوط حمراء
قال إن اغتيال فؤاد شكر رئيس أركان حزب الله فى قلب ضاحية بيروت الغربية، واغتيال اسماعيل هنية فى قلب طهران، من الأحداث التى تنطوى على عملية تصعيد عسكرى غير محسوبة على الاطلاق، سواء مع حزب الله أو مع ايران.
أوضح الخبير العسكرى الاسرائيلى أنها عملية تصعيد كبرى تجاوزت خلالها اسرائيل كل الخطوط الحمراء، وهذه رسالة يريد من خلالها رئيس الوزراء الاسرائيلى نتنياهو أن يؤكد لإيران وحزب الله أن اسرائيل قد استعادت قوتها وقدرتها على الردع.
يؤكد أن الواقع حالياً، أن الشرق الأوسط يقف على فوهات براكين الحروب والصراعات الدموية الواسعة.. وبهذا التصعيد الجديد، تعترف اسرائيل بأنها دولة لا تعرف الرحمة، فقد ارتكبت المجازر وجرائم الإبادة ضد أبناء الشعب الفلسطينى فى غزة على مدى عشرة أشهر مضت، ولم تتوقف حتى هذه اللحظة.. وفى كل الأحوال، إن سلسلة الاغتيالات الاسرائيلية الجديدة هى ضربة البداية لحرب جديدة فى الشرق الأوسط.
يعترف الإسرائيليون بأن عمليات اغتيال شكر فى بيروت وهنية فى طهران، تعتبر عمليات نوعية من الناحية العسكرية والمخابراتية.. وهذه العمليات تغير وجه الحرب وسيناريوهات الحرب فى الشرق الأوسط.. فقد قامت اسرائيل بتوجيه ضربات لإيران بقوة وجرأة فى هذه المرة، ويدعى الخبراء العسكريون فى تل أبيب أن اسرائيل تمكنت من استعادة قدرتها على الردع وامتلكت زمام المبادرة الاستراتيجية فى الشرق الأوسط.
تحولات إستراتيجية
يقول الخبير العسكرى الاسرائيلى ديفيد واينبرج إن سلسلة الاغتيالات الاسرائيلية تنطوى على تحولات استراتيجية كبرى فى الشرق الأوسط.. فقد انطلقت قوة اسرائيل العسكرية بلا حدود للردع والحرب ضد حزب الله وإيران.. وذكر أن رئيس الوزراء الاسرائيلى نتنياهو يخطط لقيادة تحالف عسكرى أمريكي- إسرائيلى للحرب ضد إيران.
فى النهاية، لابد أن تتحسب اسرائيل لمخاطر الهجوم الإيرانى الواسع متعدد الجبهات.. واسرائيل تقف دائما تحت حصار حلقة النار الإيرانية من كل اتجاه.. وتبقى هناك حقيقة، وهى أن اسرائيل مازالت عاجزة عن تصفية حركة «حماس» فى غزة أو مواجهة «حزب الله».
يقول واينبرج إن حلفاء أمريكا وأوروبا يخدعون أنفسهم، لأنهم لا يتصورون أن إيران وروسيا ليسا فعلاً فى الحرب العالمية الثالثة ضد اسرائيل وأمريكا والغرب.. وأكد أن ما يجرى حالياً فعلاً من سيناريوهات الحرب العالمية الثالثة.
أكد الخبير الاسرائيلى أن اسرائيل لن تبقى طويلاً تحت سيطرة أصحاب القلوب الضعيفة فى واشنطن، الذين يطالبون بوقف الحرب فى غزة، والتخلى عن تحقيق النصر النهائى ضد حركة حماس.
يؤكد الخبراء الاسرائيليون أن اغتيال كل من محمد الضيف القائد العسكرى لحماس فى خان يونس، واغتيال اسماعيل هنية القائد السياسى لحماس فى طهران، واغتيال فؤاد شكر قائد ميليشيات حزب الله فى بيروت، عبارة عن سلسلة نوعية من الاغتيالات، التى غيرت وجه الشرق الأوسط تماماً، وأعطت أبعاداً جديدة تماماً للصراع القائم.. بين اسرائيل من جهة، وإيران وميليشيات حزب الله من جهة أخري، وقد تجاوزت هذه التغيرات العميقة الشرق الأوسط وما وراء الشرق الأوسط فى أمريكا وأوروبا.
إعادة التوازن
إسرائيل فى الواقع كانت تريد إعادة صياغة توازن القوى الإقليمى فى المنطقة لصالحها من جديد.. لكن هذه الاغتيالات فتحت الأبواب واسعة أمام مخاطر انفجار واشتعال الحرب الواسعة بصورة لم تحدث من قبل.
تدعى اسرائيل انها تمكنت من اغتيال 50٪ من القيادات العليا والوسطى فى حزب الله اللبنانى خلال الأشهر العشرة الماضية، ويعتبرون أن هذه رسالة واضحة لزعيم الحزب اللبنانى السيد حسن نصرالله، بأنه الهدف القادم للاغتيالات الاسرائيلية.
فقد حددت اسرائيل بذلك خطوطاً حمراء جديدة أمام حزب الله.. لكن اغتيال «هنية» فى طهران يؤكد لإيران رسالة واضحة أن اسرائيل يمكنها الوصول إلى أى هدف داخل إيران، وتدمير حتى المنشآت النووية الإيرانية.. والأهم من كل ذلك، أن اسرائيل قد استعادت توازن الردع ضد إيران.
أكدت صحف عالمية كبرى خلال الساعات الماضية أن اسرائيل قد أعلنت فعلاً الحرب فى الشرق الأوسط، بل ومن الصعب على اسرائيل أن تحقق النصر فى أى حرب.
حذرت الصحف الفرنسية من أن بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الاسرائيلى شخصياً، يمكن أن يتعرض للاغتيال.. وذكرت صحف تل أبيب أن جهاز الأمن الداخلى الاسرائيلى طلب من نتنياهو فعلاً التزام الحذر فى تحركاته، وألا يغامر بالظهور فى أماكن مفتوحة دون الحماية الأمنية الواجبة.
ذكرت التقارير الساخنة القادمة عن واشنطن أن الرئيس الأمريكى جو بايدن قد عقد اجتماعاً عاجلاً فى «غرفة تقدير الموقف» فى بدروم البيت الأبيض مع كبار مستشاريه فى مجلس الأمن القومى الأمريكي.. وقد تلقى بايدن خلال الاجتماع تقارير عاجلة من المخابرات الأمريكية تؤكد أن اسرائيل سوف تتعرض لموجتين من الهجوم من جانب إيران وحزب الله فى ضربة انتقامية مزدوجة.
أكدت المخابرات الأمريكية أنها لا تعلم من الذى سوف يبدأ الهجوم أولاً، إيران أم حزب الله.
كما أن نوعية الهجوم غير معروفة، ومازال التوقيت الدقيق لموجات الهجوم الانتقامى المزدوج مجهولاً.
أكد مسئول كبير فى مجلس الأمن القومى الأمريكى أنه من الواضح أن الهجوم المزدوج لإيران وحزب الله مازال فى مرحلة التخطيط، وقد تم إبلاغ الرئيس بايدن ونائبته كامالا هاريس بذلك خلال الاجتماع الساخن، ومازالت أجهزة المخابرات الأمريكية تراقب التحركات العسكرية داخل إيران وفى جنوب لبنان، فى محاولة لتحديد نوعية الهجوم والأسلحة التى يمكن أن تلجأ لها إيران وميليشيات حزب الله، ومازال الغموض كثيفاً.. حيث لا تعلم أمريكا واسرائيل ما الأهداف الاسرائيلية المدنية والعسكرية التى يمكن أن تتعرض للهجوم.
تنسيق أمريكي– إسرائيلي
ذكرت تقارير واشنطن أن الولايات المتحدة قد أبلغت إيران فعلاً برسالة واضحة تؤكد فيها أنها سوف تدافع عن اسرائيل لو تعرضت لأى هجوم.
وقد أعطى الرئيس الأمريكى بايدن التعليمات الواضحة لمستشاريه فى مجلس الأمن القومى الأمريكي، بضرورة التنسيق الدقيق مع اسرائيل من الناحية العسكرية، للدفاع عن اسرائيل ضد أى هجوم.
ذكرت تقارير أقمار الاستطلاع والتجسس الأمريكية أن إيران قامت بتحريك منصات إطلاق الصواريخ ضد اسرائيل فى 12 موقعاً على الأقل، استعداداً لتوجيه ضربة انتقامية صاروخية لإسرائيل.
أوضحت صور الأقمار الصناعية أن اسرائيل يمكن أن تتلقى ضربات إيرانية بصواريخ باليستية وصواريخ كروز، بالإضافة لضربات بالطائرات المسيرة، وذلك من مناطق فى غربى إيران.
أفادت التقارير بأن الصواريخ الإيرانية سوف تنطلق من منصات متحركة على عربات فى مناطق قريبة من القواعد العسكرية الايرانية الموجودة تحت الأرض.
بإجماع الخبراء
هنا نكتشف أنه يوجد ما يشبه الإجماع بين كل خبراء الحرب والاستراتيجية فى أمريكا وأوروبا على أن اسرائيل قد اختارت التصعيد.. ويؤكد الخبراء أن رئيس الوزراء الاسرائيلى نتنياهو قد خطط لسلسلة الاغتيالات الاستعراضية الأخيرة، فى محاولة يائسة لاستعادة قدرة اسرائيل على الردع فى مواجهة حزب الله اللبنانى وإيران.
الواضح حتى الآن، أنه على مدى 10 أشهر من الحرب ضد حماس وحزب الله، تصاعد الصراع إلى آفاق بعيدة وأصبحت الأبواب مفتوحة أمام كل مخاطر وتحديات الحرب الإقليمية الواسعة، والحرب الشاملة التى يمكن أن تشمل إيران.
الاشتباكات الدموية مع حزب الله فى شمال اسرائيل وهجمات ميليشيات الحوثى فى جنوبى البحر الأحمر وإيلات وتل أبيب، تصاعدت حتى وقع أول صدام عسكرى مباشر بين ايران واسرائيل.
أخيراً، جاءت سلسلة الاغتيالات الدموية التى قامت بها اسرائيل فى بيروت وطهران وخان يونس، لتفتح الأبواب واسعة أمام مخاطر الانفجار الشامل للحرب الواسعة والتصعيد العسكرى فى الشرق الأوسط.
لكن.. ولماذا؟!
يطرح التساؤل نفسه بقوة فى واشنطن: لماذا تحاول اسرائيل التصعيد الآن بهذه الصورة الخطيرة؟!
ذكرت مجلة «فورين أفيرز» الأمريكية أن اسرائيل لديها قدرات مخابراتية تساعدها على اختراق الداخل الايراني، وهذا ساعدها فى ملاحقة واغتيال خبراء البرنامج النووى الايراني، وتعاونت المخابرات الأمريكية والاسرائيلية فى اغتيال الجنرال قاسم سليمانى قائد الحرس الثورى الإيرانى فى بغداد.
أوضحت المجلة الأمريكية أنه يوجد تعاون وثيق بين جهاز المخابرات الاسرائيلى «الموساد» وأجهزة المخابرات الأمريكية والأوروبية وحتى مخابرات حلف الناتو.. ويقدم تحالف الاستطلاع والتنصت الإلكترونى العالمى المعروف باسم «العيون الخمس» خدمات كبرى لاسرائيل، وهذا التحالف الأنجلوساكسوني، يضم أمريكا وبريطانيا وكندا واستراليا ونيوزيلندا.
هذا التحالف الإلكترونى الرهيب، قادر على اعتراض ورصد وتسجيل كل المكالمات التليفونية التى تجرى فوق كوكب الأرض، ورصد كل مكالمات أجهزة التليفون المحمول، ويضاف إلى كل ذلك طائرات التجسس الإلكترونى الأمريكية والبريطانية التى تجوب البحرين الأحمر والمتوسط والخليج العربى على مدار الساعة، وهناك خدمات خاصة تقدمها السفارات الأوروبية فى طهران وبيروت لإسرائيل.. هكذا تبدو قدرات اسرائيل واسعة على اختراق العمق الإيرانى لأبعد مدي.
واقع إسرائيل المرير
ينطوى التصعيد الراهن على حسابات اسرائيلية من نوع جديد تماماً، ولا يمكن الحكم عليها حاليا بالخطأ أو الصواب.. لكن من الواضح بشدة أن اسرائيل اختارت التصعيد العسكرى ولجأت إلى التصعيد العسكرى فى الشرق الأوسط، أو أعلنت الحرب الإقليمية فى المنطقة.
قد تكون هناك أخطاء فعلاً فى الحسابات أو فى المعادلات الاستراتيجية الإسرائيلية.. وفى وكل الأحوال من الواضح بجلاء أن اسرائيل قد اتخذت قراراً متعمداً باستفزاز إيران لأقصى مدى ودفعها للقيام برد انتقامى مضاد فى دورة جهنمية من التصعيد العسكرى بين اسرائيل وإيران.
فى النهاية، كما يؤكد الخبراء نكتشف أن اسرائيل تواجه واقعاً مريراً وحقائق صعبة للغاية على أرض الواقع.. إسرائيل تحاول أن تعطى للغرب انطباعاً وهمياً بأنها مازالت قوة عسكرية لا تقهر فى الشرق الأوسط.. وهذه قراءة سيئة وفهم خاطئ تماماً للحقائق المريرة القائمة على الأرض فعلاً.. وأصبحت تل أبيب وكل مدن اسرائيل الكبرى فى مرمى صواريخ حزب الله وإيران.. كما أصبح ميناء إيلات الاسرائيلى مدمراً ومعطلاً، وهو منفذ اسرائيل الضيق الوحيد على البحر الأحمر.
يعترف جنرالات المؤسسة العسكرية فى تل أبيب بأن اسرائيل فى واقع مرير للغاية، بعد أن اكتشفت انها ليست قوية كما كانت تتصور.. ويشعر كل العاملين فى مجال الأمن القومى الاسرائيلى بالغضب العميق، بسبب الفشل الأمنى والعسكرى والمخابراتى الذى يقف وراءه نتنياهو وحكومته حتى الآن.
الأسوأ من كل ذلك، أن صُناع الهزيمة والفشل العسكرى والمخابراتى فى اسرائيل مازالوا فى مواقعهم، ولم يتعرضوا للمحاسبة أو المحاكمة.
لقد تعرض الشعب الاسرائيلى فى تل أبيب وحيفا والقدس الغربية لعملية انكسار نفسى خطيرة وعميقة، بعد هجوم حماس الصاعق.
ساعة واحدة.. صاعقة
لقد تصورت اسرائيل فيما يبدو انها يمكن أن توجه ضرباتها لإيران، دون أن تتعرض علاقاتها الخاصة بأمريكا لأى خطر.. لكن خلال ساعة واحدة وصاعقة تحول إحساس اسرائيل بالثقة المطلقة، إلى إحساس بالضعف المطلق، بعد هجوم حماس بالتحديد، وتعرضت كل نقاط القوة العسكرية والتكنولوجية الاسرائيلية للدمار والهدم فى لحظة واحدة، وتحطمت أسطورة التفوق العسكرى الاسرائيلى المزعوم.
وفى لحظة الحقيقة المريرة يوم ٧ أكتوبر 2023، اكتشفت اسرائيل انها قد سقطت وأصبحت فى حالة شلل وعجز تام عن ردع أضعف أعدائها فى الشرق الأوسط وهى حركة حماس.. وعلى مدى الأشهر العشرة الماضية اتضح أن اسرائيل عاجزة أيضا عن ردع حزب الله اللبنانية فى الشمال.. واليوم هى عاجزة تماماً أيضا عن ردع قوة إقليمية اسمها إيران.
اكتشف الاسرائيليون أن الأسوار العالية والحدود المحصنة، عاجزة عن حماية مدن ومستوطنات اسرائيل فى الجنوب قرب غزة وفى الشمال قرب الحدود مع لبنان.
الواقع العسكرى يؤكد حالياً أن الجيش الاسرائيلى قد تبعثرت ألويته ووحداته وبالغت فى الانتشار الكثيف من قطاع غزة جنوباً، وحتى الضفة الغربية فى الوسط، وأخيراً حتى حدود لبنان فى الشمال.
وحين قصفت اسرائيل القنصلية الايرانية فى دمشق، لم يتصور أحد فى تل أبيب أن تتعرض اسرائيل لضربة إيرانية بهذا الحجم من الصواريخ والطائرات المسيرة، التى اضطرت الأساطيل الأمريكية والبريطانية والفرنسية للاشتراك مع اسرائيل فى التصدى لها.. وفى أفضل الحسابات تمكنت 25٪ من الصواريخ الايرانية من الوصول لأهدافها داخل اسرائيل بدقة، ومن بينها القاعدة الجوية الاسرائيلية قرب تل أبيب التى تتمركز فيها طائرات «إف 35».
مأزق إستراتيجي
هذه الدورة الراهنة من التصعيد العسكرى الإقليمي، لن تؤدى لوقف النار فى غزة أو الإفراج عن الرهائن، وحتى عندما تنتهى الحرب فى غزة، فإن ذلك لن يؤدى لإيجاد حل لمأزق اسرائيل الاستراتيجي.
وهم النصر
هذا المأزق الاستراتيجى الاسرائيلي، يؤكد أن صراع البقاء والوجود بين اسرائيل والشعب الفلسطينى فى فلسطين المحتلة، هو الخطر الحقيقى الذى يهدد وجود وبقاء دولة اسرائيل.. وهذا يؤكد أن الصراع بين ايران واسرائيل واحد من مظاهر ومعادلات الصراعات الإقليمية فى الشرق الأوسط.. لكن الصراع الفلسطيني- الاسرائيلي، هو الصراع الوجودى الحقيقى فى الشرق الأوسط، وقد فشلت اسرائيل دائما فى إيجاد الحل لهذا الصراع.
الاغتيالات الاستعراضية الاسرائيلية فى بيروت وطهران قد تعطى لإسرائيل احساساً وهمياً بالنصر.. والآن تخطط إيران لمفاجأة استراتيجية صاعقة لإسرائيل تفوق هجوم حماس.. وهناك أيضا انتقام حزب الله.. كل شيء أصبح الآن ممكناً ويمكن تخيله ويمكن أن يحدث.. بما فى ذلك الحرب الشاملة مع إيران وحزب الله.
فى كل لحظة يبدو الشرق الأوسط فى انتظار «ساعة صفر» جديدة لبدء حرب جديدة.. وتبقى نار الحرب جاهزة للاشتعال والانفجار العظيم فى أى لحظة.. مادامت هناك دولة باسم إسرائيل فى فلسطين المحتلة.