زينب عفيفى كاتبة روائية عملت بالصحافة الثقافية، وصدر لها ثمانية عشر عملا أدبيا، يختلف صوتها الأدبى عن الجميع، تكتب برقة ورمانسية، تبدو مثل مشرط الطبيب الدقيق الذى يعالج جروح الروح .. تبدو أعمالها مثل عزف موسيقى رائقة فى ليالى الوحدة..
> تدور معظم كتاباتك فى إطار رومانسي، فى رؤيتك للعالم ومشكلاته، فهل تعيشين الحياة بالطريقة ذاتها أم ماذا؟
>> لا أنكر أننى رومانسية بطبعى يمكن لأننى نشأت فى أسرة، شديدة الترابط وكنت طفلة محببة لأبى رحمة الله عليه كان يرانى أميرته الصغيرة، وأم فقدت بصرها فى شبابها وكنت أكثر أخوتى اقترابا منها، كانت تقول لى أنت عيونى التى أرى بها العالم فكنت أرى كل الأشياء جميلة كى أسعد أمى وصرت من طفولتى أرى الجمال والحب شيئان لا ينفصلان، ثم بعد فترة الطفولة وبداية معرفتى طريق القراءة من خلال مكتبتنا الصغيرة فى بيتا، وجدت روايات احسان عبدالقدوس ويوسف السباعى وعبدالحليم عبدالله أمامي، الرومانسية جزء من تكوينى وليس مذهبا فكريا انتمى إليه فقط، بل كل تعاملاتى الحياتية تخضع لعاطفتي.
> ماذا تعنى لك الكتابة؟
>> الكتابة وجدت فى حياتى كى أعيش واتنفس وأحب وأغضب وأثور، كل هذه الانفعالات لولا وجود الكتابة لكانت حياتى مظلمة، أننى أكتب لأننى أحب الكتابة، لأن هناك أشياء تثير دهشتي، وأخرى تؤلمنى ولذا أكتب لأن الكتابة فعل حياة بالنسبة لي.
>تقنية الكتابة فـ«عزيزى المستبد»، كانت الرسائل هل تفرض الفكرة أسلوب كتابتها أم تفكرين فى شكل الكتابة ثم تختارين الموضوع؟
>> كتابة الرسائل فى رواية «عزيزى المستبد» جاءت فى فترة العزلة، التى فرضها علينا فيروس كورونا، وفى العزلة والابتعاد عن عالم الآخرين تتفجر الحكايات بداخلنا والذكريات وقصص الماضى هروبا من المستقبل الذى تملأه المخاوف من فيروس لا أحداستطاع رؤيته بعينة المجردة، وما أثار الفزع داخل كل القلوب، وفى هذه المرحلة جاءت فكرة كتابة الرسائل التى وجهتها إلى صديق مقرب للروح وكانت الرسائل بمثابة البوح، الذى غالبا يأتى فى حالات الخوف فالخوف دائما يجعل الإنسان يحتاج إلى من يحتمى فيه ويعترف له وهذا يناسب متن فكرة الرسائل.
> لك تاريخ حافل فى الصحافة الأدبية فهل اثر ذلك على قرارك بالاتجاه للكتابة الأدبية؟
>> فى بداية عملى الصحفي، لم أكن أدرك هذه العلاقة بين الكتابة الصحفية والكتابة الإبداعية إلا حين عرضت أول مجموعة قصصية مكتوبة فى كراسة مدرسية على الكاتب أحمد رشدى صالح، نصحنى بالاهتمام بالصحافة فهى التى تصنع لى التجربة الحياتية التى حتما ستكون منبع أفكار للكتابة، ولكن الصحافة مثل الفريك لا تقبل شريكاً وأخذنى بريقها وتوارت الكاتبة بداخل الصحفية إلى أن جاءت لحظة كسرت قوقعتها وبدأت على استحياء فى كتابة أول كتاب بعنوان «إليك وحدك» وكان تصميم الغلاف بريشة الفنان يوسف فرنسيس ثم توالت أعمالى بريشة الفنان الكبير والتى أضافت إلى وجودى الأدبى بعدا عظيما فى هذا العمر المبكر. ثم توالت أعمالى التى بلغت بروايتى الأحداث «عملية تجميل» الصادرة عن الدار المصرية اللبنانية العمل الثامن عشر فى مسيرتى الأدبية بجوار المسيرة الصحفية. هذه التوأمة القدرية التى اقتسمها فى حياتى منذ ولادتى كتوأم لشقيقة ماتت لحظة ولادتها فصرت أحمل عمرى وعمرها، لأعيش بتوءمة مدى الحياة بين الصحافة والأدب.
> تعرض روايتك الأخيرة «عملية تجميل» خوف البشر من الشيخوخة، قدمت الرواية فرضية ماذا لو تمكنا من إزالة آثار الزمن، كيف جاءت فكرة الرواية؟
>> هذه الرواية كتبت نفسها بنفسها، كل الظروف المحيطة بى دفعتنى للكتابة فى هذا الموضوع الذى أصبح بين يوم وليلة حديث الشباب والكبار حين ذهبت لطبيب الأمراض الجلدية لعلاجى من أثر ناموسة لدغتنى وسببت لى التهابات فى وجهي، وفى عيادة الطبيب عثرت على فكرة الرواية التى اكتشفت أن معظم زبائن الطبيب لا يعانون من أمراض جلدية مثلى ولكنهم جاءوا من أجل الحصول على الجمال، فقلت للطبيب ماذا لو تم اكتشاف حقنة تمنح الشباب الدائم هل سيصبح الناس سعداء وبدأت أكتب فى الرواية والطبيب يمدنى بالأبحاث العالمية وبعض الحكايات الطريفة مع عشاق الجمال.. لكننى من المؤمنين بجمال الروح لأنه الأبقى.
> أحب اعمالك لقلبك؟
>> لن أجيب إجابة الأمهات بأنهم كلهم أولادى وأحبهم جميعا، لأن كل رواية منهم فيها جزء من حياتى ولا أنكر ذلك، لكن أحبهم إلى قلبى «أحلم وأنا بجوارك» لأن البطلة أم كفيفة تعيش مع ابنتها يقرآن الروايات ويعيشان مع أبطال الروايات قصصاً وحكايات وكل منهما تحلم بجوار الأخري، وهكذا كانت أمى الكفيفة تروى لى الروايات ولذا أحببت أن أخلدها فى رواية.