حملت زيارة إيمانويل ماكرون الرئيس الفرنسى الأخيرة إلى مصر، ولقاؤه الرئيس عبدالفتاح السيسى رسالة قوية ودلالات عميقة أمام العالم، مؤكدة على أهمية مصر كشريك إستراتيجى محورى فى منطقة الشرق الأوسط وافريقيا بتأكيد الارتقاء بالعلاقات الثنائية إلى مستوى «الشراكة الإستراتيجية»، بعث الرئيس الفرنسى بإشارة واضحة إلى التزام بلاده بتعزيز التعاون الشامل مع مصر فى مختلف المجالات، بدءاً من القضايا السياسية والإقليمية الملحة، مروراً بالتعاون الاقتصادى والاستثمارى الطموح، ووصولاً إلى التنسيق الأمنى لمواجهة التحديات المشتركة.. كما عكست الزيارة تقدير فرنسا للدور المصرى القيادى فى المنطقة، وجهودها فى تحقيق الاستقرار ومكافحة الإرهاب، بالإضافة إلى دورها الإنسانى البارز تجاه القضايا الملحة كالأزمة فى غزة..
وتأتى زيارة ماكرون لمصر فى توقيت بالغ الأهمية، يشهد تحديات إقليمية ودولية متصاعدة، مما يضفى على المباحثات مع الرئيس السيسى أهمية استثنائية.. وقد عكست الزيارة عمق العلاقات التاريخية والإستراتيجية التى تربط بين مصر وفرنسا، والحرص المشترك على تعزيز التعاون الثنائى فى مختلف المجالات، بالإضافة إلى التنسيق الوثيق بشأن القضايا ذات الاهتمام المشترك على الساحتين الإقليمية والدولية.
وأبرز نتائج الزيارة تمثلت فى الارتقاء بالعلاقات الثنائية إلى مستوى «الشراكة الإستراتيجية»، وهو ما يعكس التوجه القوى لدى البلدين نحو تعميق التعاون وتوسيعه ليشمل كافة المجالات الحيوية.. وقد تم التوقيع على إعلان مشترك يؤسس لهذه الشراكة الإستراتيجية، مما يفتح آفاقاً جديدة للتعاون فى المستقبل.
وعلى الصعيد السياسي، تناولت المباحثات بين الرئيسين القضية الفلسطينية وتطورات الأوضاع فى قطاع غزة بشكل مستفيض.. وقد أكد الجانبان على ضرورة التوصل إلى وقف فورى لإطلاق النار، وضمان تدفق المساعدات الإنسانية بشكل كامل، وإحياء عملية السلام على أساس حل الدولتين.. كما تم التباحث حول الأوضاع فى ليبيا والسودان وسوريا ولبنان، والتأكيد على أهمية الحفاظ على وحدة وسيادة هذه الدول وضرورة الحلول السياسية للأزمات.. وقد تجلى التوافق فى وجهات النظر بين البلدين بشأن العديد من هذه القضايا، مما يعزز دورهما المشترك فى تعزيز الأمن والاستقرار الإقليمي.
أما اقتصادياً فى شهدت الزيارة زخماً كبيراً فى تعزيز التعاون الاقتصادى والاستثماري.. وأعلن الرئيس الفرنسى عن دعم بلاده لجهود التنمية الاقتصادية فى مصر ورؤية 2030، .. كما تم التأكيد على أهمية زيادة التبادل التجارى وتشجيع الاستثمارات الفرنسية فى مصر.
وفى مجال التعاون الأمنى تم التأكيد على استمرار التنسيق والتعاون المشترك فى مواجهة التحديات الأمنية والإقليمية، بما فى ذلك مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة. وتعتبر فرنسا شريكاً مهماً لمصر فى مجال التسليح ونقل التكنولوجيا العسكرية.
وعلى الصعيد الثقافى والعلمي، تم التأكيد على أهمية تعزيز التبادل الثقافى والتعليمى بين البلدين.. وشهدت الزيارة توقيع العديد من بروتوكولات التعاون بين الجامعات والمؤسسات التعليمية المصرية والفرنسية، بهدف تبادل الخبرات وتطوير البرامج الأكاديمية المشتركة ونقل الشهادات الفرنسية إلى مصر.
بالإضافة إلى المباحثات الرسمية فى القاهرة، تضمنت الزيارة لفتة إنسانية مهمة بزيارة الرئيسين ماكرون والسيسى لمصابى غزة فى مستشفى العريش العام، مما يعكس التضامن المصرى الفرنسى مع الشعب الفلسطينى والتأكيد على ضرورة تخفيف معاناته.
وهنا يمكن القول إن زيارة الرئيس الفرنسى الأخيرة لمصر كانت ناجحة ومثمرة على مختلف الأصعدة.
ومن المتوقع أن تترجم نتائج هذه الزيارة إلى خطوات عملية ومبادرات مشتركة فى المستقبل القريب، بما يعود بالنفع على شعبى البلدين ويسهم فى مواجهة التحديات المشتركة.