لعبت الدبلوماسية الرئاسية دورًا كبيرًا خلال السنوات العشر الماضية فى استعادة التأثير والدور المصرى ..والعلاقات المتوازنة مع القوى العالمية والإقليمية وتعزيز العلاقات الثنائية وفتح مساحات واسعة للتعاون على كافة المجالات.
الدبلوماسية الرئاسية لها أهداف واضحة.. أولها المصالح المصرية العليا، ودعم كل سبل التعاون مع الدول والقوى المختلفة فى كافة المجالات وثانيها حشد المواقف الدولية الداعمة للقضية الفلسطينية وثالثها توحيد الصف العربى فى مواجهة التحديات.
زيارة الرئيس السيسى لروسيا تأتى كجزء من هذا السياق المصرى الذى تعمل به الدولة خلال السنوات العشر الماضية، علاقات قوية ومتميزة مع كل القوى الدولية والإقليمية، ومد جسور التواصل مع الجميع والتوازن والتنوع وعقد شراكات إستراتيجية تصب فى مصلحة الشعوب.
قال د. سمير فرج الخبير الإستراتيجى والعسكرى أن أى زيارة يقوم بها الرئيس السيسى خارج البلاد يكون لها ثلاثة أهداف، هدف سياسى خاص بالمنطقة والظروف التى تمر بها، والهدف الثانى إذا كانت الزيارة داخل المنطقة فالهدف توحيد الصف العربى أما الهدف الثالث فهو تحقيق هدف اقتصادى لصالح مصر من خلال زيارة الرئيس لبعض الدول ولقائه مع رجال الأعمال والمستثمرين وممثلى الغرف التجارية وحثهم على الاستثمار فى مصر لتنشيط التبادل التجارى وإطلاعهم على التسهيلات التى تقدمها مصر للمستثمرين لذلك فالهدف الرئيسى لزيارات الرئيس هو مصر وصالح مصر والأمة العربية، وهناك بعض الزيارات عندما نتحدث فيها عن الجانب السياسى فرسالتها أننا لسنا مع طرف ضد الآخر فوجود الرئيس فى روسيا يؤكد أننا نقم علاقات متوازنة مع روسيا ولا نغفل دور الجانب الأمريكى ولا الجانب الأوروبى حيث زار مصر الفترة الماضية الرئيس الفرنسى ماكرون فى زيارة استثنائية، ولذلك فكل هذه الزيارات تصب فى صالح مصر والحفاظ على الأمن القومى المصرى سياسياً واقتصادياً وعربياً.
أضاف أن زيارة الرئيس السيسى إلى روسيا بشكل خاص لها أهمية كبيرة حيث إن مصر نجحت فى إقناع الرئيس بوتين ببذل مزيد من الجهد والقيام بدور أكبر للوقوف بجانب القضية الفلسطينية حيث إن قراره بحل القضية الفلسطينية من خلال حل الدولتين جاء بجهد من الرئيس السيسى فالهدف السياسى من زيارات السيد الرئيس الخارجية يكون خاصا بمصر والعالم العربى وما يحدث فى غزة وكذلك كانت زيارة اليونان من قبل وحققت هذه الزيارات الهدف منها بجعل جميع الدول توافق على أنه لا تهجير للفلسطينيين والتأكيد على أن سيناء خط أحمر.
السفير عزت سعد المدير التنفيذى للمجلس المصرى للشئون الخارجية ومساعد وزير الخارجية الأسبق قال إن زيارة الرئيس السيسى إلى روسيا تأتى تلبية لدعوة من الرئيس بوتين للمشاركة فى إحياء الذكرى الـ 80 لانتصار روسيا فى الحرب العالمية الثانية ولكنها أيضاً تنطلق من مبدأ تنويع الشراكات وانفتاح مصر على جميع القوى الدولية على قاعدة المصالح المشتركة والمنافع المتبادلة فجوهر السياسة الخارجية المصرية يقوم على الدبلوماسية المرنة والتحرك على أساس بناء علاقات مع جميع الدول سواء الصغيرة أو الكبيرة من منطلق المصالح المشتركة وهو ما تمثل فى زيارات الرئيس خلال الفترة الماضية حيث زار اليونان قبل روسيا وقبلها أيضاً زار كلا من قطر والكويت فى إطار التنسيق والتشاور العربى، ورؤية مصر بالنسبة إلى روسيا أنها عضو دائم فى مجلس الأمن وعضو نشط ولديها رؤية للحوكمة العالمية تتفق مع رؤية مصر حيث تنظر مصر دائماً للأمم المتحدة باعتبارها الجهاز المركزى المعنى بتسوية المنازعات بين الدول على خلاف الإدارة الأمريكية التى أصبحت فحاول أن تحتكر النظام الدولى القائم على القانون الدولى، فالزيارة تعد مهمة من جوانب كثيرة سواء فى الإطار الثنائى أو المتعدد الأطراف استناداً أن كلا البلدين لديهما نفس الرؤية فيما يتعلق بالوضع الدولى وقواعد القانون الدولى واحترام ميثاق الأمم المتحدة.
أوضح السفير سعد أن الدعوة التى تلقاها السيد الرئيس السيسى تعكس خصوصية كبيرة فى العلاقات بين البلدين وإلى أى مدى وصلت له حيث تم ترقية العلاقات من المستوى الإستراتيجى فى 2018 إلى المستوى الإستراتيجى الشامل ومشاركة قوات مصرية فى العرض العسكرى تعد تطوراً يعكس أيضاً خصوصية العلاقات بين البلدين فى مختلف جوانبها بما فى ذلك الجانب العسكرى.
أشار إلى أن هذه الزيارة وقبلها زيارة الرئيس إلى اليونان تأتى امتداداً لسياسة تنويع الخيارات التى اتبعها الرئيس السيسى منذ توليه السلطة فى 2014 فكلما زادت مساحة عدد الدول الأصدقاء والشركاء فيعطى ذلك السياسة الخارجية المصرية مرونة فى التحرك وبناء علاقات تقوم على المنافع المتبادلة والمصالح المشتركة.
أضاف أن الدعوة تعكس أيضاً الوضع الجديد لدى روسيا فى الشرق الأوسط وكيف أن لديها أدواراً مهمة فى ملفات مختلفة وبالتالى من المهم أن تبقى مصر على مشاوراتها مع روسيا فى ملفات عدة منها الملف الفلسطينى وليبيا وسوريا.
إن تراجع الدور الأمريكى واضح فى مشكلات كثيرة فى المنطقة مما أدى إلى أن الولايات المتحدة أصبحت جزءا من المشكلة وليس الحل وخاصة فيما يتعلق بملفات مهمة تهمنا وتؤثر على الأمن القومى المصرى مثل الملف الفلسطينى فإدارة ترامب المنحازة بشكل سافر إلى إسرائيل ضد فلسطين وكذلك فى سوريا فالضربات الإسرائيلية المتلاحقة للأراضى السورية يوميا وانتهاك سيادتها وكل ذلك يتم بتشجيع من الولايات المتحدة الأمريكية والشروط التى وضعتها إدارة ترامب لرفع العقوبات على سوريا شروط تأتى فى صالح إسرائيل، كل ذلك يجعل من الضرورى طرق كل الأبواب والانفتاح على جميع القوى الدولية.
السفير عمرو رمضان مساعد وزير الخارجية الأسبق قال أن زيارات السيد الرئيس عبدالفتاح السيسى التى تشهدها هذه الفترة تعكس التحرك على أكثر من مستوى وصعيد سواء عربياً أو خليجياً أو أوروبياً أو أفريقياً، مشيراً إلى أن ذلك يأتى فى إطار السياسة الخارجية النشطة التى تلعبها مصر خاصة فى ظل الظروف الإقليمية والدولية المحيطة التى تتطلب أن تتحرك معها مصر فى محيطها سواء العربى أو الأفريقى أو المتوسطى والإقليمى من أجل تأمين مصالح مصر على هذه الأصعدة والتنسيق مع الشركاء الدوليين ودول الجوار التى تتبنى وجهات متقاربة من وجهات النظر المصرية فى الموضوعات المطروحة.
ويرى السفير رمضان أن هذه اللقاءات أحد أهم أهدافها تقريب وجهات النظر أو مزيد من تقريب وجهات النظر من أجل خلق زخم إقليمى ودولى للتحرك بشكل ايجابى وبما يخدم الرؤية المصرية على هذه الملفات.
شدد على أن السيد الرئيس لا يتوقف عن التحرك وهذا أمر مهم ومفيد للسياسة الخارجية المصرية التى يجب أن تظل نشطة وأن تكون لها أهداف محددة تسعى إلى تحقيقها وأيضاً إلى جانب الأهداف طويلة الأمد وهناك أهداف قصيرة الأجل متعلقة بالتعاطى مع التحديات الإقليمية الآنية التى تشهدها منطقتنا ودوائر السياسة الخارجية المصرية سواء كان هذا يخص الأوضاع فى المنطقة العربية وتحديداً فى غزة وفلسطين بصفة عامة أو دول الجوار سواء الأوضاع فى السودان وليبيا وسوريا والوضع الأمنى فى البحر الأحمر وهو موضوع مهم وحيوى لمصر.. فعلى سبيل المثال مصر واليونان لديهما اهتمام بالملاحة فى البحر المتوسط وهى مرتبطة أيضاً بالملاحة فى البحر الأحمر.
أكد مساعد وزير الخارجية الأسبق أن زيارة السيد الرئيس السيسى إلى اليونان مهمة فى ظل التوقيع على الشراكة الإستراتيجية بين البلدين وهذا تتويج لمسار العلاقات المتطورة مع اليونان منذ بضع سنوات والتى تخدم الدائرة المتوسطية فى علاقة مصر الخارجية، وهناك عدة مجالات يتم التعاون فيها سواء سياسياً أو اقتصادياً مع اليونان من ضمنها موضوعات الطاقة والكهرباء والربط الكهربائى مع أوروبا،وهناك أيضاً موضوعات الغاز فى البحر المتوسط، وهناك موضوعات خاصة باليونان كبوابة أو كمدخل للاتحاد الأوروبى فى مجال التجارة وفى مجالات أخرى اقتصادية.
أشار إلى أن روسيا شريك رئيسى لمصر منذ عقود ومع تغير الأوضاع فى روسيا ظلت روسيا شريكا إستراتيجيا لمصر، وهناك أيضاً اتفاق تعاون إستراتيجى مع روسيا تم توقيعه منذ 8 سنوات، موضحاً أن روسيا مهمة فى مختلف المجالات التى لمصر فيها اهتمام سواء كانت عربية أو أفريقية أو إقليمية ودولية.
أكد أن أولويات مصر واضحة وهى تحقيق السلم والاستقرار فى محيطها الإقليمى من أجل العمل المشترك على البناء والتنمية وازدهار الشعوب التى يعانى معظمها أما من ويلات حروب عديدة أو من أوضاع اقتصادية صعبة وبالتالى الطريق إلى الخلاص من هذا هو تحقيق الاستقرار والتنمية من أجل مصلحة هذه الشعوب، مشددا على أن هذه ثوابت فى السياسة الخارجية المصرية، وأن مصر ليس لها أطماع خارجية، ومصر لا تلعب بالسياسة الخارجية ضد مصالح جيرانها فهى تركز على مصلحتها وتحقيق ما يصبو إليه المواطن المصرى من حياة أفضل وهذا لا يتأتى إلا باستقرار الأوضاع وتوجيه الجهود نحو التنمية.
أشار السفير رمضان إلى أن جولة السيد الرئيس التى فى إطار عدة جولات قام بها من قبل وسيقوم بها فى المستقبل القريب تصب فى نفس الغرض وهو العمل على تعزيز المصالح المصرية والنقاش مع الجوار والقادة الذين يجرى الالتقاء بهم حول رؤى مصر للتطورات الإقليمية والدولية وكيفية الدفع والتعاون المشترك فى هذه الرؤى من أجل تحقيقها والتعاطى مع التحديات القائمة حالياً.
يــرى الدكتـــــور إكـــــرام بـدر الدين استاذ العلوم السياسيه بجامعه القاهرة أن زيارات الرئيس السيسى للخارج تأتى فى إطار دبلوماسية القمة التى تنتهجها مصر خلال السنوات الأخيرة وحققت نتائج شديدة الأهمية.
ويتابع د.بدر الدين أن زيارات الرئيس للخارج تركز على مستويين من القضايا، أولهما، العلاقات الثنائية والعمل على تعزيزها فى مختلف المجالات سواء الاستثمار أو التجارة المتبادلة أو المشروعات المشتركة والتعاون الأمنى، بينما المستوى الثانى يركز على القضايا ذات الاهتمام المشترك وفى مقدمتها تطورات الأوضاع فى الشرق الأوسط خاصة القضية الفلسطينية واستمرار الحرب الإسرائيلية على غزة.
ويؤكد أن الدبلوماسية المصرية تعتمد على تعددية المحاور ،فالقاهرة تتحرك بقوة تجاه القارة الأفريقية وآسيا ونحو أوروبا مما يتيح لمصر تحقيق التوازن فى سياستها الخارجية.
ويستعرض د.بدر الدين مكاسب مصر من زيارات الرئيس السيسى للخارج قائلاً: تؤدى هذه الزيارات إلى توقيع العديد من الاتفاقيات والبروتوكولات والمعاهدات مما يحقق مصالح مصر ويعزز من علاقاتها مع الدول المختلفة، وهذا ما شهدناه فى زيارة الرئيس إلى اليونان حيث تم التوقيع على اتفاقية الشراكة الإستراتيجية بين البلدين.
وحول الثوابت المصرية والتى يؤكد عليها الرئيس خلال زيارته للخارج.. يعتبر د. بدر الدين أن الرئيس دائماً يؤكد أهمية الحفاظ على مؤسسات الدولة الوطنية فى الدول التى تشهد صراعات مما يحول بين تفككها وانهيارها، كما يؤكد رفض مصر التدخل فى شئون الدول، بالإضافة إلى التأكيد على موقف مصر الثابت والرافض لمحاولات تهجير الفلسطينيين وضرورة البدء فى عملية إعمار غزة مع بقاء أهالى القطاع دون إبعادهم عن أرضهم.
«زيارات الرئيس السيسى للخارج تؤكد أن مصر منفتحة على دول العالم لتعزيز التعاون وتحقيق التوازن فى السياسة الخارجية».. أكد د.حسن سلامة استاذ العلوم السياسية، أن زيارة الرئيس الأخيرة إلى اليونان تعكس العلاقات الوثيقة بين البلدين فتوجد آلية تعاون ثلاثى بين مصر واليونان وقبرص، لذا فالزيارة تساهم فى تعزيز العلاقات خاصة أن البلدين أعضاء فى منتدى غاز شرق المتوسط
ويشير إلى أن توقيع اتفاقية الشراكة الإستراتيجية بين البلدين خطوة على الطريق الصحيح تفتح آفاقاً واسعة للتعاون وتتيح لمصر فرصة كبيرة لزيادة وتيرة التعاون مع اليونان فى مجال الطاقة مما يدعم تطلعات القاهرة للتحول لمركز إقليمى للطاقة.
وحول زيارة الرئيس السيسى لروسيا.. يؤكد د.سلامة أن مصر تربطها علاقات تاريخية قوية مع روسيا وتحرص القاهرة على تحقيق التوازن فى علاقاتها الخارجية مما يحقق المصالح المشتركة.. مشيرا إلى أن زيارات الرئيس للخارج ترتكز على عدة ثوابت فى مقدمتها تبنى نهج السلام واحترام سيادة الدول والابتعاد عن التدخل فى شئونها الداخلية والتوازن وعدم الانحياز لطرف ضد الآخر.
ويؤكد أن الأولويات التى تركز عليها زيارات الرئيس للخارج هى تحقيق التنمية المشتركة والعمل على حل القضايا الإقليمية المختلفة.. بالحوار وليس الصراعات.
يؤكد الدكتور طارق فهمى استاذ العلوم السياسية أن زيارات الرئيس للخارج تعكس أهمية الدبلوماسية الرئاسية فى لعب دور كبير فى رسم واستشراف السياسة الخارجية المصرية ،وقد نجح الرئيس السيسى فى بناء أسس لدبلوماسية نشطة وفعالة قائمة على فكرة المصالح المتبادلة والندية فى التعامل مع الدول.
وتابع أن الدبلوماسية الرئاسية نجحت فى حجز دور كبير لمصر فى الإقليم وخاصة فى ظل عدة عوامل ،منها عدم تورط مصر فى أى قضية إقليمية مشيرا إلى أن زيارات الرئيس للخارج أيضا حجزت لمصر دورا فى الترتيبات الاستراتيجية فى العالم ،وقد شاهدنا الحفاوة الكبيرة التى استقبل بها الرئيس السيسى فى اليونان وروسيا مما يؤكد على مكانة وقيمة الدولة المصرية
واستكمل أن السياسة الخارجية لمصر نجحت فى أن يكون لمصر دور ريادى ومحورى وقيادى فى الإقليم وأصبحت القاهرة توجه البوصلة الاستراتيجية والسياسية للاقليم ولا يقتصر دورها على قضية واحدة بل يمتد لمعظم القضايا بهدف تحقيق الاستقرار المنشود بالمنطقة.