ألقى د.مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، أمس، كلمة- نيابة عن الرئيس عبدالفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، فى المنتدى الثالث والثلاثين لرؤساء الدول والحكومات الأعضاء بالآلية الأفريقية لمراجعة النظراء الذى يُعقد افتراضيًا برئاسة جوليوس مادا بيو، رئيس جمهورية سيراليون، رئيس المنتدي، وبحضور موسى فقيه محمد رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي، وعددٍ من رؤساء الدول الأفريقية.
بدأ رئيس الوزراء كلمته بنقل تحيات الرئيس السيسي، والذى حالت ارتباطات مُسبقة دون مشاركته فى هذا الاجتماع، وأعرب عن تقديره للرئيس جوليوس مادا بيو، لقيادته الحكيمة لمنتدى الآلية. كما توجّه بالتهنئة للرئيس عبدالمجيد تبون، رئيس جمهورية الجزائر الديمقراطية الشعبية الشقيقة لتوليه رئاسة منتدى الآلية فى المرحلة المقبلة، مؤكدًا دعم مصر لمهمته.
أكد د.مصطفى مدبولى أن مصر أتمت بنجاح عملية المراجعة فى عام 2020، كما حرصت فى السنوات التالية على التنفيذ الجاد للتوصيات المرتبطة بها، استمرارًا لجهود الدولة من أجل تعزيز مبادئ الحوكمة الرشيدة ومواصلة مسيرتها الوطنية للبناء والتنمية، مُشيرًا إلى أن تنفيذ برنامج العمل الوطنى جاء خلال فترة شهدت انتشار جائحة كوفيد-19، والأزمة الروسية- الأوكرانية، بما لهما من آثار على الاقتصاد والتجارة الدولية.
أشار إلى التقرير المرحلي، الذى تم عرضه فى المنتدي، والذى يعكس التقدم الذى أنجزته مصر فى هذا الخصوص، وقال إنه فيما يتعلق بمجال الحوكمة السياسية، واصلت مصر جهودها لتعزيز الديمقراطية والحوكمة وفقًا لأولوياتها الوطنية، والتزاماتها بموجب الاتفاقيات الإقليمية والدولية، بسن التشريعات وتنفيذ السياسات التى تستهدف إعلاء حقوق الإنسان، وتمكين المرأة والشباب، ودعم دور المجتمع المدني.
وأضاف: أن مصر حرصت على إتمام انتخابات مجلسى النواب والشيوخ فى موعدها عام 2020، رغم الظروف التى فرضتها الجائحة، كما أجريت الانتخابات الرئاسية فى ديسمبر 2023، بمتابعة من الإعلام والمجتمع المدني، والمنظمات الدولية والإقليمية. وقد شهدت تلك الانتخابات إقبالًا كبيرًا من الناخبين داخل البلاد وخارجها، بنسبة مشاركة بلغت 66.8٪.
أضاف أنه تحقيقًا للمشاركة المجتمعية فى بحث أولويات وقضايا العمل الوطني، تم إطلاق «مبادرة الحوار الوطني» بمشاركة ممثلى الأحزاب السياسية والنقابات العمالية ومنظمات المجتمع المدني، بهدف وضع التوصيات، ارتباطًا بمسيرة مصر نحو بناء «الجمهورية الجديدة». أن الدولة المصرية عملت على تنفيذ «الاستراتيجية الوطنية لتمكين المرأة المصرية 2030»، لضمان حقها فى التعليم والخدمات العامة، وكذلك فى تولى المناصب العليا بالحكومة والقطاع الخاص.
وقال: انه بالنسبة لتمكين الشباب، بلغ تمثيلهم فى مجلس النواب نسبة 32.6٪ من إجمالى الأعضاء، وحرصت الحكومة على مواصلة سياستها فى تعيين الشباب بالوظائف العليا. لافتًا إلى قيام مصر بتنظيم النسخة الثالثة من «منتدى شباب العالم» فى عام 2022، بمشاركة الشباب من مصر والدول الأفريقية الشقيقة وباقى دول العالم، للتعبير عن آرائهم وتوصياتهم حول قضايا التنمية والسلام.. وأكد أن الدولة استمرت فى تعزيز دور المجتمع المدني، ومن ضمن ذلك إعلان عام 2022 «عامًا للمجتمع المدني» تأكيدًا على أهمية مساهمته فى تحقيق التنمية المستدامة، والمشاركة فى نشر ثقافة حقوق الإنسان، وتقديم الخدمات فى المجتمع.
وقال د.مصطفى مدبولى إن مصر تبنت نهجًا شاملًا ومتكاملًا لمكافحة الإرهاب، يقوم على البعدين الأمنى والتنموي، وهو النهج الذى نتج عنه انحسار العمليات الإرهابية، وجاء إلغاء حالة الطوارئ كرسالة واضحة أن البلاد آمنة وتخلو من الإرهاب، كما حرصت الحكومة المصرية على مراجعة وتقوية التشريعات المتعلقة بمكافحة الإرهاب، وتعزيز التعاون الإقليمى والدولى لمواجهة هذه الظاهرة التى تسبب معاناة الشعوب.
وأوضح أن مصر أطلقت «الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان 202١-202٦» للنهوض بحقوق الإنسان بمفهومها الشامل، ويتم تنفيذها على أربعة محاور رئيسية هي: الحقوق المدنية والسياسية، والحقوق الاقتصادية والاجتماعية، وحقوق المرأة والشباب والطفل، والأشخاص ذوى الإعاقة، وكبار السن، بالإضافة إلى التثقيف وبناء القدرات. مُضيفًا أن مصر أنشأت «اللجنة الوطنية التنسيقية لمكافحة الهجرة غير الشرعية والاتجار بالبشر» ويتم تنفيذ استراتيجية وطنية فى هذا المجال بهدف حماية الفئات الأكثر عرضة للاستغلال.
وفى مجال الحوكمة الاقتصادية، أوضح د.مدبولى أن مصر بدأت تنفيذ المرحلة الثانية من الإصلاحات الاقتصادية (2021-2024) لمواصلة التحرك نحو اقتصاد متنوع وقادر على المنافسة، واستيعاب الصدمات الخارجية، مع تحقيق النمو المتوازن الأخضر والشامل، وبما يتوافق مع الاستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة: رؤية مصر 2030، وأهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة 2030، وأجندة أفريقيا 2063.
أكد أنه رغم التحديات التى تعرّض لها الاقتصاد الدولى خلال الفترة الأخيرة، ظلت مصر من البلدان القليلة التى حققت معدلات نمو إيجابية، إلا أنها -كغيرها من الدول- تأثرت بتباطؤ حركة الاقتصاد والتجارة الدولية نتيجة للحرب الروسية الأوكرانية والضغوط التضخمية العالمية.
وأشار إلى أنه فى إطار سعى الحكومة لجذب المزيد من استثمارات القطاع الخاص المحلى والأجنبي، أصدرت وثيقة «سياسة ملكية الدولة»، وتشمل القطاعات والصناعات التى تخطط الدولة للتخارج منها، بهدف زيادة مساهمة القطاع الخاص فى الاقتصاد، كما أصدرت عدة قرارات لتيسير إجراءات تأسيس الشركات، وتعزيز الحوكمة والتنافسية فى السوق المصرية.. كما أدلت الدولة اهتمامًا خاصًا لدعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر، وتم تخصيص تمويل بنحو 15.3 مليار جنيه مصرى خلال السنوات الماضية، استفاد منه حوالى 561 ألف مشروع.
أكد رئيس الوزراء أن مصر تواصل وضع زيادة التبادل التجارى والاستثمار مع الدول الأفريقية الشقيقة ضمن أولوياتها، الأمر الذى يعززه عضوية مصر فى تجمع «الكوميسا»، واقتناعنا بأهمية تفعيل اتفاقية التجارة الحرة القارية الأفريقية. كما تأتى رئاسة مصر الحالية للوكالة الإنمائية للاتحاد الافريقى «النيباد» ودور الوكالة المصرية للشراكة من أجل التنمية فى تعزيز التعاون وتبادل الخبرات مع الدول الأفريقية الشقيقة، بما فى ذلك عبر تنفيذ مشروعات مشتركة، ومنها مشروع «جوليوس نيريري» فى تنزانيا، ومشروع الربط الملاحى بين بحيرة فكتوريا والبحر المتوسط.. وأشار إلى استمرار جهود الدولة فى منع ومكافحة الفساد، لافتًا إلى أنه يتم حاليًا تنفيذ «المرحلة الثالثة» للاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد (2023-2030)، مع تعزيز التعاون الإقليمى والدولى فى هذا المجال.
وتطرق د.مصطفى مدبولى إلى ما يتعلق بحماية وتحسين البيئة، موضحًا أن الحكومة أصدرت «الاستراتيجية الوطنية لتغير المناخ 2050» بالتركيز على التوسع فى مشروعات الطاقة النظيفة والمتجددة، مؤكدًا أن مصر حرصت، بالتعاون مع أشقائها من الدول الأفريقية، على تسليط الضوء على خصوصية الاحتياجات والأوضاع بالقارة، لدى استضافتها لمؤتمر تغير المناخ (COP 27).
وبالنسبة لمجال الحوكمة المجتمعية، أوضح رئيس مجلس الوزراء أن الدولة المصرية عملت على الوفاء بمسئولياتها فى توفير الخدمات العامة لمواطنيها، وفى مقدمتها الحق فى الصحة والغذاء والتعليم، كما تم تعزيز حوكمة منظومة الدعم لتوسيع مظلة الحماية الاجتماعية وضمان وصول الدعم لمستحقيه، عبر منظومة «تكافل وكرامة» المخصص لها نحو 36 مليار جنيه مصري، مع رفع الحد الأدنى للأجور وزيادة المعاشات.
وأضاف أن الدولة تواصل تنفيذ استراتيجياتها لتحسين جودة أساسيات الحياة للمواطنين، ومن ضمنها برنامج «حياة كريمة» لتنمية الريف وصعيد مصر، وشملت مرحلته الأولى 1477 قرية بتكلفة تزيد على 200 مليار جنيه مصري.. كما يتم تنفيذ المبادرة الرئاسية «سكن لكل المصريين» لتوفير الوحدات السكنية لذوى الدخل المنخفض، فضلًا عن تنفيذ العديد من المشروعات القومية الكبري، والتى أسهمت فى تراجع معدل البطالة إلى أدنى مستوى له منذ ثلاثين عامًا.
أكَّد مُجددًا التزام مصر بتطبيق مبادئ الحوكمة التى اعتمدها الاتحاد الأفريقي، حرصًا على دعم مهام الآلية الأفريقية لمراجعة النظراء، وتحقيقًا لتطلعات شعوبنا فى إرساء الأمن والسلام والتنمية.