ما هو مستقبل الحياة فوق كوكب الأرض؟
يؤكد المفكرون دائماً أنهم يشعرون بتفاؤل تاريخى تجاه المستقبل.. لكن التشاؤم السياسي.. يهزم أى محاولة للتفاؤل أحياناً كثيرة.. فقد تمكنت البشرية من تحقيق إنجازات علمية وتكنولوجية كبرى فى هذا العصر.. المفروض أن تعود هذه الإنجازات علينا بالأمن والسلام والاستقرار والرفاهية.. لكل شعوب العالم.
مع ذلك فقد تغلبت نوازع الشر والحرب والصراعات المسلحة دائماً على صناع القرار السياسى فى القوى الكبرى على مدى العصور.
وتحولت المنافسة الاستراتيجية الاقتصادية والتكنولوجية فى صراعات كبري.. تفتح الأبواب دائماً أمام شياطين الحرب والمعارك الدموية بلا انقطاع.
الصورة الدموية واضحة تماماً هذه الأيام.. فوق الخريطة السياسية لكوكب الأرض.. إذا لم تكن هذه هى الحرب العالمية.. فإن هذا العالم يعيش دائماً فى حالة حرب لا تنتهى ولا تتوقف أبداً.. القراءة المنطقية البسيطة لما نراه فى العالم اليوم.. تؤكد أن الإنسانية قد دخلت فى سباق رهيب ومرهق للغاية من أجل اللحاق بما يسمى حالياً «الفرصة الأخيرة» من أجل الحياة والتقدم فى هذا العالم.
.. وهذه تبدو أسمى النوايا الطيبة.. لكن الطريق إلى جهنم.. مفروش دائماً بالنوايا الطيبة!!
يؤكد التاريخ السياسى والاستراتيجى والتكنولوجى لهذا العالم.. أننا نعيش فى مرحلة تحول فارقة لم يسبق لها مثيل بكل معنى الكلمة.. ولا يمكن التنبؤ بما يمكن أن يأتى به المستقبل.
فقد حدثت إنجازات علمية وتكنولوجية كبرى فى الذكاء الاصطناعي.. تفوق الخيال.. والطريق مفتوح لإنجازات أعظم قادمة وقريبة جداً.. ويحدث دائماً أن الصراعات بين القوى العالمية هى التى تعجل بهذا السباق العلمى والتكنولوجي.. فى النهاية تؤدى هذه الإنجازات إلى اختراع أسلحة وأدوات للحرب والقتال.. تفرض تغييرات واسعة على خطوط وحدود الخريطة السياسية والجغرافية للعالم. نعم الحياة فى هذا العالم ليست جميلة كما نتمناها.
وتتردد حالياً فى عواصم العالم الكبرى والصغرى الكثير من المخاوف العاصفة حول كل هذه القضايا.. وتزامن كل ذلك مع انعقاد القمة العالمية لمجموعة العشرين فى ريودى جانيرو عاصمة البرازيل التى شارك فيها الرئيس عبدالفتاح السيسى بدعوة من الرئيس البرازيلى لولا دا سيلفا الذى يترأس هذه الدورة للقمة.
وذكرت لوموند الفرنسية أن قمة العشرين أصبحت أكبر تجمع لزعماء العالم.. وتفوقت فى أهميتها على مجموعة الدول السبع الصناعية الكبري.
الفرصة الأخيرة
يتزامن كل ذلك مع سباق الفرصة الأخير ة الذى تشارك فيه كل دول وشعوب العالم تقريباً.. بوعى أو بلا وعي.. سواء بالتخطيط أو بالصدفة!!
إن كانت عواصم القوى الكبرى والمتوسطة.. تتعمد ألا تترك شيئاً للصدفة ولا يمكنها الاستسلام للصدفة أو الخطأ كل شيء بالتخطيط الاستراتيجى المسبق.
من هنا تؤكد الولايات المتحدة الأمريكية أنها قد دخلت فعلاً فى السباق من أجل الفرصة الأخيرة لها فى هذا العصر.. رغم أنفها بعد الصعود الاقتصادى والتكنولوجى الباهر للصين.
وبعد تردد طال مداه.. اضطرت دول الاتحاد الأوروبى بقيادة ألمانيا وفرنسا للدخول فى السباق العالمى «للفرصة الأخيرة».. الذى تحدثت عنه مجلة فورين أفيرز الأمريكية وقالت بالتحديد إن قمة العشرين هى فرصة أمريكا الأخيرة فى هذا العصر.
يقولون فى باريس إن أوروبا تبحث لنفسها عن فرصة أخيرة سواء مع أمريكا أو بعيداً عنها.. بعد الظهور الثانى للشبح الأمريكى المخيف دونالد ترامب.
تختلف الصورة فى بكين.. حيث تتحدث الصين وتؤكد أن هذه هى فرصتها الأخيرة التى أتيحت لها بعد ألفى عام بالتمام والكمال.. هذه فرصة الصين فى هذا العصر.. وعلى مدى التاريخ اليوم والغد.
قادة الجنوب
ارتفعت فى قاعة قمة العشرين فى ريودى جانيرو.. أصوات قادة وزعماء مجموعة البريكس.. بقيادة مصر والهند والبرازيل وروسيا وجنوب أفريقيا والسعودية.. بمايؤكد أن دول الجنوب العالمى هى فرصة النظام الدولى القادم الأخيرة.. وهى أيضاً فرصة دول الجنوب العالمى الحاسمة فى هذا العصر.. هناك إحساس واضح بالثقة واليقين فى المستقبل بين قادة وزعماء مجموعة بريكس.
وذكرت مجلة فورين أفيرز الأمريكية بوضوح أن دول مجموعة العشرين ومجموعة بريكس.. هما فى الحقيقة صناع كل الفرص العظيمة للمستقبل فى هذا العالم.. وفى هذا العصر.. ولابد من اغتنام هذه الفرصة والفوز بها قبل فوات الأوان.
كل الدول والقوى تبحث عن فرصة.. بعد أن تضاءلت الفرص.. وتراجعت بسبب الحرب ومخاطر الصراعات الكبرى فى أوكرانيا.. وبسبب الحروب الإسرائيلية الدموية فى الشرق الأوسط.. وبسبب الصراعات القائمة والمحتملة فوق كوكب الأرض.
وذكرت صحيفة لوموند الفرنسية أن قمة ريودى جانيرو.. هى فى الواقع «قمة الصراعات العالمية الكبري».. فى القرن الحادى والعشرين.. وقالت إن المناورات العالمية الكبرى فى انتظار عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض فى واشنطن.
بايدن.. ضيف شرف
أوضحت لوموند أن دول مجموعة العشرين.. هى القوة الاقتصادية الصاعدة فوق مسرح السياسة العالمية.. وجاء فوز دونالد ترامب فى انتخابات الرئاسة الأمريكية فيما يشبه المفاجأة المنتظرة.. وهناك مخاوف كبرى تساور جميع الأطراف فى أن الرئيس الأمريكى المنتخب سوف يتبع سياسات أمريكية حمائية جديدة.. ضد جميع الأطراف.. الحلفاء والشركاء والأًصدقاء وحتى الأعداء والمنافسين لأمريكا.
ذكرت الصحيفة الفرنسية أن ترامب ينطلق من رؤية أمريكية خاصة.. تنطوى على نوع من «العنصرية القومية الأمريكية» فلا يوجد معنى أو تفسير آخر لشعار ترامب «أمريكا أولاً».. وفى النهاية نجد الصين هى التى تحقق المكاسب.
قال مراسل لوموند فى ريودى جانيرو.. إن الرئيس الأمريكى المنتخب دونالد ترامب.. أصبح منذ اللحظة الأولي.. هو الحاضر الغائب فى اجتماعات قمة العشرين التى امتدت على مدى يومى 18 و19 نوفمبر الحالي.
ينظر قادة وزعماء مجموعة العشرين إلى الرئيس الأمريكى جو بايدن من خلال القمة على أنه ضيف الشرف الذى جاء إلى القمة.. ليمثل أمريكا..وليقول وداعاً.. لزعماء الدول المشاركين فيها.. وهذه الدول هى حالياً القوى الصناعية والاقتصادية الكبرى فوق كوكب الأرض.
الشبح.. الشبح
ومن جلسة لأخرى خلال القمة لاحظ المراقبون أن شبح الرئيس الأمريكى المنتخب ترامب يطارد الجميع.. والمعروف أن اجتماعات هذه القمة تشهد عادة منافسات دبلوماسية طاحنة.. تعكس مدى الصراع والمنافسات الاقتصادية الساخنة بين دول الشمال الغنية ودول الجنوب العالمى الصاعدة.
الرئيس البرازيلى لولا دا سيلفا.. رئيس الدولة المضيفة للقمة والرئيس الحالى لهذه الدورة لقمة العشرين.. التى من المنتظر أن تنعقد المرة القادمة فى أمريكا.. تحت رئاسة دونالد ترامب فى 2026!!
حرص دا سيلفا على عقد سلســلة من اللقاءات الثنائيــة مع كبــار قادة وزعمــاء ورؤساء الدول المشـــاركة فى القمــة.. وفى مقدمتهــــم الرئيــس عبدالفتاح السيسي.. باعتباره يمثل مصر وقارة أفريقيا والدول النامية فى الجنوب العالمي.. ورحبت وفود الدول المشاركة فى القمة.. بالخطاب التاريخى الذى ألقاه الرئيس السيسى فى افتتاح القمة.. وأكد الرئيس البرازيلى أن مشاركة الرئيس السيسى فى القمة يوضح مدى أهمية الدور القيادى لمصر فى دعم احتياجات وأولويات الدول الصاعدة فى الجنوب العالمي.
مصر.. مواقف ومبادئ
وقد أكد الرئيس السيسى فى خطابه التاريخى أن مواجهة التحديات العالمية الاقتصادية والمناخية.. وأزمات الحرب والصراعات الدولية تتطلب إرادة سياسية قوية من جميع القوى والدول والأطراف فى العالم.. أضاف أن مصر تطالب من جديد بوقف التصعيد والحرب فى فلسطين ولبنان.. وإنهاء هذه المأساة الإنسانية.
وقد أشادت وفود الدول المشاركة فى القمة بالدور التاريخى الثالث الذى تقوم به مصر فى دعم ومساندة الشعب الفلسطينى وحقه المشروع فى الأرض وإقامة دولته المستقلة ذات السيادة.. داخل حدود الرابع من يونيو 1967.
رحبــت الــدول المشـــاركة أيضـــاً بقـــرار الرئيس السيسى التاريخى بإعلان انضمام مصر إلى التحالف العالمى لمكافحة الفقر والجوع.
ووصف المراقبون العالميون فى ريودى جانيرو.. اتفاق الشراكة الاستراتيجية بين مصر والبرازيل بأنه يمثل اختراقاً دبلوماسياً هائلاً فى العلاقات بين قوتين كبيرتين.. هما مصر فى أفريقيا والبرازيل فى أمريكا الجنوبية.. وبذلك فإن هذه الشراكة تعتبر جسراً جديداً للتعاون الشامل فى جميع المجالات الاقتصادية والتكنولوجية والسياسية بين دولتين.. وبين قارتين.
نظام عالمى جديد
أكد المراقبون أيضاً أن مصر أعلنت من جديد أنها تقف بقوة مع مبادئ العدالة والمساواة.. التى تتطلب ضرورة إقامة نظام عالمى جديد متعدد الأطراف.. وهذا يؤدى بالضرورة إلى تعزيز التعددية فى المؤسسات الدولية.. خاصة فى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة وبذلك أصبحت مصر مع جنوب أفريقيا والبرازيل والهند.. هى قوى الجنوب العالمى التى تطالب بحقوقها فى التمثيل العادل الفعال داخل مجلس الأمن الدولي.
وشهدت كواليس قمة العشرين مناقشات واسعة ومشاورات ممتدة بين رؤساء وأعضاء وفود الدول حول القضايا والأزمات العالمية الساخنة.. خصوصاً جرائم الحرب الإسرائيلية فى غزة والضفة الغربية ولبنان.. والصراع المتصاعد بين إسرائيل وإيران.
وترددت أنباء حول وجود خلافات قوية حول مجريات الحرب فى أوكرانيا خاصة بعد أن وافق الرئيس الأمريكى بايدن على السماح لأوكرانيا بضرب العمق الروسى بالصواريخ الأمريكية.. وأكد المراقبون أن هذه الخطوة الجديدة.. تهدد بتصعيد عسكرى جديد.. بما يوحى بأن بايدن يريد إشعال حرب عالمية قبل أن يغادر البيت الأبيض.
الفشل الأمريكي
وذكرت مجلة فورين أفيرز الأمريكية بوضوح أن قمة العشرين هى «فرصة أمريكا الأخيرة».. فى عصر المنافسة والصراع الاستراتيجى الرهيب بين القوى الكبرى فى العالم.
وأن أمريكا تحتاج إلى دول مجموعة العشرين.. أكثر من حاجة هذه الدول لأمريكا.. قالت إن دول مجموعة العشرين ومجموعة بريكس هى الآن الدول صانعة الفرص.. فرص الاستثمار وتوطين التكنولوجيا.. وفرص الانطلاق الاقتصادى الشامل فى العالم وبقدر ما تكون هذه الدول «صانعة للفرص» فإنها أيضاً تسعى وراء الفرص التى تحقق لها النمو السريع والانطلاق للآفاق الرحبة فى هذا القرن.. ومن هذه الدول بالتحديد هناك مصر والهند وتركيا والسعودية والبرازيل وإندونيسيا وجنوب أفريقيا.. وكلها قوى سكانية واقتصادية صاعدة.
اعترفت المجلة الأمريكية بأن الولايات المتحدة قد فشلت فعلاً فى علاقاتها مع دول الجنوب العالمي.. خصوصاً أن هذه الدول تدرك جيداً أن الدور القيادى الأمريكى المزعوم فى العالم.. يعكس رغبة فى الهيمنة.. وهى نوع جديد من الخداع الاستعمارى بأساليب أمريكية جديدة.
وقد حان الوقت كى تعترف واشنطن بتراجع النفوذ والبريق الأمريكى حول العالم.. أمريكا لم يعد لها شعبية بين دول الجنوب فى أفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية.. هكذا أصبحت الفجوة هائلة بين أمريكا ودول الجنوب العالمي.
أمريكا أصبحت فى قفص الاتهام إلى جوار إسرائيل.. أمام الرأى العام العالمى فى كل مكان.. فقد قدمت أمريكا لإسرائيل الدعم الشامل بالمال والأسلحة التى تم استخدامها فى ارتكاب أبشع جرائم الحرب ضد الشعب الفلسطينى فى غزة وفى لبنان.
حاولت دول الجنوب العالمى الضغط على أمريكا من أجل صياغة إطار أفضل وعادل للتعاون المشترك فى المنتديات العالمية متعددة الأطراف.. لكن هناك أزمة الثقة القائمة دائماً بعمق.. هكذا فشلت أمريكا فى التكيف مع التوزيع الجديد للقوة والنفوذ فى هذا العصر.. وفى النهاية.. اتضح أن سياسات ومواقف أمريكا تغذى الصراع والمنافسة الاستراتيجية متعددة الأطراف.. بدلاً من أن تغذى الشراكة والتعاون.
وأخيراً.. أدت هذه المواقف الأمريكية إلى وجود بدائل قوية جداً.. ومعادية جداً لأمريكا.. مثل مجموعة بريكس ومنظمة شنغهاى للتعاون وهى منتديات عالمية تسعى من أجل الشراكة والتعاون والتأثير.. وتحقيق أهداف التنمية المستدامة لكل الأطراف.. خاصة دول الجنوب العالمي.
قالت فورين أفيرز الأمريكية إنه من الواضح حالياً أن قيادة أمريكا للغرب.. لم تعد هى اللعبة الوحيدة فوق كوكب الأرض ولابد أن تسعى أمريكا إلى التعاون والشراكة الحقيقية مع القوى الصاعدة فى الجنوب العالمي.. مثل مصر والهند والبرازيل وإندونيسيا وتركيا والسعودية وجنوب أفريقيا.
اليوم.. أصبحت كل سياسات أمريكا موضع شك وتساؤل.. لأن أمريكا لا تنحاز لأى مبادئ إنسانية عادلة.. بل تنحاز دائماً للمصالح الأمريكية الضيقة.. وفى النهاية لا يتحمل تكاليف كل هذه المواقف الأمريكية القبيحة.. سوى الدول النامية فى الجنوب العالمي.. العالم أصبح يرى فى أمريكا حالياً شريكاً حقيقياً لإسرائيل فى جرائم الحرب والإبادة ضد الشعب الفلسطينى فى غزة والضفة.
أمريكا.. حسب مصالحها
هناك مفارقة كبرى يعانى منها الاقتصاد العالمى حالياً.. فقد كانت أمريكا اخترعت سياسات العولمة والتجارة الحرة.. والأسواق المفتوحة فى القرن الماضي.
الآن هناك فزع عالمى حقيقى من الرئيس الأمريكى المنتخب دونالد ترامب.. سياسات وشعارات ترامب تثير مخاوف مختلف دول العالم فقدأصبحت أمريكا اليوم هى التى ترفض مبادئ التجارة الحرة والعولمة والأسواق المفتوحة.. بل إن أمريكا تتعمد فرض حظر على صادرات التكنولوجيا العالمية ليس للصين فقط بل للعديد من دول العالم مما يفرض المزيد من المصاعب والعقبات على دول الجنوب العالمى وعلى مشروعات التنمية فيها.
وتزايدت المخاوف والمخاطر بعد فوز ترامب بالرئاسة للمرة الثانية فقد تعهد ترامب من جديد بالعودة لانفراد أمريكا بالقرار فى ظل شعاره القديم «أمريكا أولاً».. الذى ينطوى على عنصرية اقتصادية أمريكية فاضحة!!
وهذا يعنى أن ترامب يخطط لاتباع سياسات اقتصادية عدوانية ضد أسواق الدول الصاعدة.. والمفاجأة المثيرة.. أن سياسات دونالد ترامب معادية حتى لشركاء وحلفاء أمريكا فى أوروبا واليابان وكوريا الجنوبية وتؤكد مجلة فورين أفيرز ان سياسات ترامب معادية فى الواقع لكل شركاء وأصدقاء وأعداء أمريكا فى وقت واحد.. أمريكا.. ضد الجميع.. هذا مستحيل!!
بل إن ترامب أعلن الحرب على المهاجرين الأجانب فى أمريكا.. وهى بلد مهاجرين.
بداية ونهاية
.. العالم يعيش حاليا فى أواخر عصر ينتهي.. وبدايات عصر جديد.. ما هو وكيف يكون.. لا أحد يعرف.. ولا أحد يمكنه التنبؤ.. وقد واجهت البشرية دائما تحديات عاصفة على مدى الزمن.. وهذه التحديات هى التى صنعت التاريخ.. وأقامت الحضارات.
.. ويواجه العالم حاليا منعطفا تاريخيا خطيرا.. ليس فقط على مستوى الصراعات الإستراتيجية بين القوى الكبري.. ولكن حتى على مستوى التقدم العلمى والثورة التكنولوجية فى مجالات الذكاء الصناعي.. ومحركات الصواريخ التى تزيد سرعتها على عشرة أضعاف سرعة الصوت.. وربما أكثر.
إلى أين تأخذ كل هذه التحولات الخطيرة فوق كوكب الأرض؟!
.. بل إلى أين سوف تأخذنا فى هذا الكون الواسع.. وما فيه من كواكب بعيدة.
.. وقد أكد المفكر الإستراتيجى الأمريكى هنرى كيسنجر فى توصياته الأخيرة.. قبل وفاته.. ان أجهزة الكمبيوتر فى أجيالها الجديدة.. وآلات الروبوت الذكية.. هى التى سوف تتولى صياغة إستراتيجيات الدول.. ونظم الحكم فيها فى القرن الحادى والعشرين.
آلات الربوت والذكاء الصناعي.. سوف تشارك فى صناعة القرار.. وسوف تتحمل المسئولية النهائية عن كل شيء فى هذا العالم .. ويقول كيسنجر.. ان ما نتحدث عنه فى هذا المجال.. لن يحدث غدا.. لأنه فى الواقع يحدث الآن.. فى واشنطن.. وربما فى اليابان والصين.
.. وقريبا سوف تتولى الآلات الذكية والروبوت وضع الإستراتيجية العسكرية العليا للدولة.. وربما اتخاذ قرار الحرب والسلام..وسوف نكتشف فى النهاية ان الذكاء الصناعى هو الذى سوف يقرر مصير النظام العالمى فوق كوكب الأرض.. وهذه قصة قادمة يمكن ان نتحدث فيها.
.. لكن اجتماعات قمة العشرين فى ريو دى جانيرو تأتى هذه المرة فى توقيت يتزامن مع نهاية عصر.. وبداية عصر.. وهذا يؤكد مدى أهمية مشاركة مصر بقيادة الرئيس عبدالفتاح السيسى فى أعمال هذه القمة التاريخية.. التى هى فى الواقع يمكن ان تكون منصة الانطلاق نحو العالم والمستقبل.. ومن أجل هذا المستقبل دخلت كل دول العالم فى السباق المفتوح من أجل الفرصة الأخيرة للبشرية فوق كوكب الأرض.