الحوار الوطني، نقطة فارقة فى مسيرة الدولة المصرية، وبات نموذجاً لتحقيق النجاح والتوافق المجتمعى وأيضاً الاصطفاف الوطني، توصياته ومخرجاته تعبر عن إرادة وطنية، وإجماع سياسى وطني، رفيع المستوي، يزيل مظاهر الاحتقان والخلاف، ويضع أيدينا على أفكار ورؤى ومقترحات جديدة، تدفع مسيرة الدولة الوطنية للأمام. وينهى أزمات شائكة، ومعلقة، ومزمنة على مدار عقود، مشكلة مصدر للاختلاف والاحتقان، وما خرج من الحوار الوطنى بطبيعة الحال إضافة قوية للمسيرة المصرية، وقيمة مضافة، ربحت منه مصر الكثير. يرتكز على المصداقية العالية، والنوايا الصادقة، والانفتاح الفكري، والرأى والرأى الآخر، من هنا أرى أن تعميم نموذج الحوار الوطني، ليشمل كافة مناحى الحياة، ليكون عقيدة فى كافة المجالات والقطاعات، تتعرف من خلال الحوار المتخصص، عن كافة الأزمات والثغرات والإصلاح الحقيقى نحو الأفضل.
تطبيق «الحوار» فى كافة المجالات والقطاعات الحقيقة هو فكرة مستلهمة من تحركات ونشاطات كامل الوزير نائب رئيس الوزراء للتنمية الصناعية، ووزير النقل والصناعة، لقد بدأ مهمته بالحرص على لقاء جميع الأطراف فى مجال الصناعة، تعرف على المشاكل والأزمات والعقبات، وحقيقة، ما يجرى من روتين وبيروقراطية، وأسباب التعثر ووضع يده على تشخيص حقيقى للأوضاع وأسباب عدم تحقيق الأهداف فى مجال الصناعة قاطرة الاقتصاد والنمو خلال السنوات الماضية.
«الوزير» لم يحقق ذلك إلا بالتواصل واللقاءات والحوار والنقاش والاستماع والإنصات وبدأ يضع «رؤيته» الواقعية للنهوض بمجال الصناعة، وتشجيع المستثمرين وتذليل كافة العقبات، حتى المصانع التى أقيمت على أراض زراعية، يسعى إلى تقنين لها ووضع تعديلات تشريعية، وفى إطار من الفريق الواحد، والتكاملية فى العمل من خلال مجموعة من الوزارات والهيئات والأطراف ذات الصلة، بقطاع الصناعة والوصول إلى نتائج واضحة وملموسة يمكن البناء عليها.
من هنا وفى ظنى أن الرجل سوف ينجح وسوف يشهد قطاع الصناعة نقلة وطفرة هائلة، لأن أسس «بيت الصناعة المصرية» الذى يضم كافة الأطراف ويسعى إلى حل جميع العقبات والأزمات ويؤسس لمنصة رقمية للتواصل مع الجميع ويفتح قلبه وعقله للحوار والنقاش والاستماع والإنصات واتخاذ القرارات الفورية ومتابعة تنفيذها وهذا هو الأهم.
تجربة الوزير فى توقيت يصل إلى المشهد تأخذ من روح الحوار الوطني، لتفكيك المشاكل والأزمات وحل القضايا والملفات العالقة، لذلك أطرح مقترحاً أراه مفيداً لتحقيق النهوض فى كافة القطاعات وليكون لكل قطاع «منصة» للنقاش والاستماع والحوار، وعرض الأزمات بشكل واقعي، وجمع كافة المعنيين والأطراف بهذا القطاع، لذلك نحتاج «حواراً» تخصص فى كافة المجالات والقطاعات، حوار فى مجال الصناعة يضم الصُنَّاع ورجال الأعمال، وأصحاب الخبرات، بل وممثلين عن العمال، لنصل فى النهاية إلى رؤية شاملة، وإرادة قوية لحل كافة الأزمات والعقبات وبالتالى توحيد الصفوف نحو تحقيق الأهداف الاستراتيجية والوطنية التى تدفع الاقتصاد المصرى إلى النهوض وتخفيض فاتورة الاستيراد، لأنه فى النهاية الهدف هو مصلحة مصر.
لذلك أطالب بروح «الحوار الوطني»، أن لدى كل قطاع ومجال حواراً مفتوحاً هى مجال الزراعة مثلاً، للتعرف على الأهداف عن كثب، وأبرز المشاكل والمعوقات التى تواجه الفلاحين والمزارعين، والمستثمرين فى هذا القطاع، ولماذا لا يكون هناك تكامل بين الصناعة والزراعة، فالزراعة فيها شق «صناعي».
الحوار أيضاً لابد أن يكون حاضراً فى قطاع الشباب والرياضة، نفتح قلوبنا وعقولنا للجميع لنعرف أبرز التحديات والمقومات والأهداف والآمال التى فى هذا القطاع، كيف ننهض بالرياضة، وكيف نصل إلى استراتيجية للتواصل مع الشباب وفق معطيات ومتطلبات العصر، وبناء الوعى الحقيقى حول قضايا الوطن وتحدياته وطموحاته وما يحدق به من تهديدات، وما يحاك له من مؤامرات، وحقيقة وأسباب الأزمات التى تواجه مسيرته، وأيضاً ما يحققه من نجاحات وإنجازات.
نحتاج لتحديد استراتيجية للرياضة لها ركائز ومحددات وضوابط ومعايير وقواعد أخلاقية، لا يمكن أن نحيد عنها، ليست بالمزاج، أو الهوى أو الغرض أو المصالح، الجميع يخضع لقواعدها دون وجود استثناءات، تطبق نفس المعايير على الكبير والصغير، لذلك علينا أن نتحدث جميعاً فى كافة قطاعات الرياضة وبحضور ومشاركة الجميع، بما فيهم الإعلام الرياضى ويمثله المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام.
لا يجب أن يطغى الاهتمام بالرياضة على الاهتمام بالشباب والبناء الفكرى والعقلي، على أن تتحول الشباب والرياضة إلى البيت الوطنى للشباب وفق استراتيجية محددة الأهداف، يمكننا الوصول عبر الحوار إلى مطالب الشباب وتساؤلاتهم وما يشغلهم وما لديهم ربما من معلومات مغلوطة وجب تصحيحها. جميع الأطياف والأطراف المسئولة عن الشباب لابد أن تكون حاضرة، الشباب والرياضة، الثقافة، الأوقاف، الأزهر، الكنيسة، وأيضاً الإعلام، لفتح آفاق الحوار، حول كافة شواغل الشباب، وإيجاد سبل لمخاطبتهم، والعمل على التواصل معهم لتحقيق الوعى والفهم فى توقيت بالغ الدقة، خاصة فيما يدور من حولنا من صراعات، وتوترات وأزمات، وحرائق.
فى ظنى أن حالة الحوار التى تعيشها الدولة المصرية هى ظاهرة صحية شديدة الخصوصية يمكن أن نستفيد من نجاحها فى تعميم هذا المشروع فى كافة القطاعات والمجالات من الصناعة والزراعة والسياحة، والاستثمار والتعليم وغيرها بل وفى المحافظات، هناك حوار يجب أن يجمع كافة القوى السياسية والوطنية، والمواطنين والمحافظين والمسئولين والخبراء والجامعات ورجال الأعمال والقطاع الخاص فى كل محافظة وبشكل دوري، يمكننا أن نضع أجندة بالموضوعات والقضايا والتحديات التى تواجه مسيرة العمل الوطنى فى كل محافظة، وأيضاً ما يواجه المواطنين والقطاعات المختلفة، تجلس، وتتجاور، وتناقش ونصل إلى رؤى وحلول.. فالجميع مسئولون عن هذا الوطن، هذا الحوار سوف يخلق روحاً تشع بالحماس والحيوية تشعر كل الأطراف بالأهمية والمسئولية.
«مصر ـ السيسي» انتهجت مسار الحوار على صعيد الخارج والداخل وهو ما يتسق مع عقيدة «الحكمة» والسلام والأمن والاستقرار والبناء، بل ووضعت الدولة المصرية قواعد واضحة للحوار الهادف والبنَّاء الذى يعتمد على الاحترام وقبول الاختلاف فى وجهات النظر، واحترام الآراء، والترحيب بالمقترحات والرؤى التى تدفع الوطن إلى المقدمة وتجابه التحديات، فنحن نختلف من أجل الوطن وليس عليه، ومصر تُعلى من شأن الحوار وتغليب لغة العقل فى الصراعات الداخلية فى الدول وأيضاً الحوار بين الدول المتصارعة والمتنازعة وما يحدث الآن من اشتعال يؤكد أهمية العودة إلى رؤية مصر فى تخفيف التوتر ووقف التصعيد، والعدوان، والعودة إلى الحوار والتفاوض من أجل إنقاذ المنطقة والشرق الأوسط.