يطل علينا شهر رمضان الكريم بالكثير من المعانى النبيلة، فهو شهر القرآن والإيمان والنقاء ومغفرة الذنوب والحمد والشكر على نعم المولى عز وجل وهو أيضاً شهر الإنسانية والعطاء والإحساس بالآخر وفرصة ثمينة للتوبة والتطهر من الذنوب وأيضاً للتسامح والمحبة والتصالح مع النفس والآخرين.
شهر رمضان المبارك كما يقولون «شكل تاني» فى مصر، الأجواء رائعة لا تجدها فى كل بقاع الأرض فى كل شيء، فى الأجواء الروحانية والإنسانية والعادات والتقاليد بين المصريين، الزينة والأنوار تضيء شوارعنا شرفات المنازل فوانيس رمضان، حياة وأجواء مختلفة تتعانق مع الإيمان والعبادة وتلاوة القرآن وصلاة التراويح ثم السهر والصحبة واللمة بين الأهل والأصدقاء تصفو النفوس حتى يكاد الناس يتمنون لو ان السنة كلها رمضان وهناك شعور غريب مع مرور كل يوم من عمر هذا الشهر، نتمنى انه لا ينقضى لأن معنى ذلك اننا نقترب من نهاية أعظم وأكرم شهور العام، لذلك هناك دعاء غالب دائما يردده الناس.. اللهم بلغنا رمضان.. لذلك فإن هذا الشهر كنز عظيم للتوبة والمغفرة والتقرب من الله وإصلاح وترميم الضمائر والنفوس.
يأتى شهر رمضان هذا العام والعالم فى أشد الحاجة إلى مقاصد ومعانى هذا الشهر الكريم، فقد بلغ الظلم واستباحة دماء الأبرياء بالقتل والإبادة مداه وقد انطفأت أضواء ووهج الإنسانية وتعالت المادية وانعدمت الضمائر حتى باتت حياة الإنسان مهددة ربما لا تعى قوى الشر هذه المعانى لكن الدول والشعوب العربية والإسلامية فى حاجة شديدة إلى العودة إلى تلاحمها وتكاملها وتضامنها ووحدتها ولديها رصيد غير محدود من القيم الإنسانية السامية والمبادئ النبيلة فهى أرض الأديان والرسالات يمكنها أن تعيد التوازن وتحقق النصر على الظلم والباطل حتى تعود الحكمة من حياة البشر.
يأتى رمضان شهر الخير والرحمة والعطاء والانتصارات والأمجاد ومصر فى خير وقوة وقدرة تتحرك بثقة إلى الأمام وتتقدم رغم الظروف والتحديات والتداعيات الصعبة التى فرضت عليها جراء الأطماع والمخططات والصراعات لكنها فى ذات الوقت تظهر قوة وقدرة تخطى وعبور هذه الصعاب تقف شامخة واثقة رادعة لكل من يحاول المساس بأمنها واستقرارها وأرضها وقرارها وثوابتها وخطوطها الحمراء.. تناصر الحق وتجاهر به ولا تخشى فيه لومة لائم.
يأتى شهر رمضان الخير والنعم ومصر فى أعلى مراتب الأمن والأمان والاستقرار تستضيف بكرم ورحمة الفارين من ويلات الخوف والفوضى والفتن والارهاب وتفتح قلبها للصديق والشقيق، تدافع عن حقوق مشروعة لأشقائها من أبناء أمة العرب العظيمة.
يطل علينا شهر رمضان والمصريون يحفظون لوطنهم أمنه واستقراره ووجوده وتماسكه بفضل وعيهم والتفافهم خلف قيادتهم لذلك تتحطم على صخرة اصطفافهم كل المؤامرات والمخططات والأطماع وتسقط الأكاذيب والشائعات وحملات التشويه والتشكيك لتواصل مصر وشعبها طريق البناء والقوة والقدرة وتصبح الرقم الأكبر فى معادلة المنطقة فهى القوة الاقليمية العظمى التى تتحرك بشرف من أجل الأمن والاستقرار والسلام.
يجب ألا يمر رمضان علينا مرور الكرام، لابد أن نتوقف كثيرا أمام أحوالنا، وليكن هذا الشهر الكريم طاقة فياضة لتطهير أنفسنا من الجشع والاحتكار والمغالاة والأنانية والانتهازية ونتذكر ان هناك بسطاء وأكثر احتياجا فى أشد الحاجة إلى العطاء والدعم والمساعدة، فما نقص مال من صدقة ولابد أن نجزل العطاء لهذه الفئات فالدولة رغم صعوبات الأزمات الاقتصادية القادمة جراء رياح وعواصف الاضطرابات والصراعات، إلا انها لا تدخر جهدا فى دعم ومساندة هذه الفئات بأشكال كثيرة وتحالفات مهمة فى مجال العطاء الانسانى والتنموى وفى ظل قيادة تعطى المواطن الأولوية الأولى وتنحاز لهذه الفئات لذلك وجدنا أناسا لم يكن أحد يتذكرهم مثل العمالة المؤقتة و»الأرزقية» وكبار السن، لذلك لا ينقطع الخير من أهله، فالمال مال الله من هنا من القادرين والأغنياء والأثرياء عليهم واجب اضافى وهو دعم الفئات الأكثر احتياجا فى ظل أزمات اقتصادية عالمية صعبة وفى شهر رمضان يتضاعف أجر أعمال الخير وهو طبع فى المصريين.
رمضان فى مصر بالفعل شكل تاني، فرحة هذا الشهر الكريم تشمل كل المصريين مسلم ومسيحى يتشاركون فى كل شيء، تجدهم على مائدة افطار واحدة، تجد اخواننا وشركاء الوطن من المصريين المسلمين أيضاً يقدمون الدعم والمساندة لاخوانهم المسلمين، فهذه هى مصر التى تعيش آمنة مطمئنة واثقة بروح أبنائها.
يطل علينا شهر رمضان ومصر رغم الصراعات والأزمات العالمية لا ينقصها شيء، يعيش المصريون على كامل أراضيهم يفرضون سيادة الوطن، لديهم أقوى المؤسسات الوطنية، جيش عظيم قوى وقادر هو جيش المصريين وشرطة وطنية تؤدى مهامها فى حماية الأمن والأمان ومؤسسات عريقة وعصرية تصنع دائما الفارق فى حماية هذا الوطن، كما ان مصر وفى ظل رؤية القيادة السياسية لا يوجد فيها أى نقص أو عجز فى أى سلعة، كل شيء متوافر وبأى كمية والحكومة تبذل جهودا مكثفة بتوجيهات رئاسية من أجل توفير كل احتياجات المواطنين بجودة عالية وأسعار أقل والمعارض الرمضانية تنتشر فى كل ربوع البلاد والأسواق عامرة بكل السلع والخدمات تقدم للمواطن بسهولة ويسر وجودة، مياه، كهرباء، مواصلات، دولة تعمل بكل طاقتها وأبطال يسهرون على أمن مصر وحدودها.
رمضان يأتى بالخير والعطاء والرحمة والإنسانية وأيضاً الفهم والوعى والإدراك وهذا الشعب على قلب رجل واحد يتحمل تداعيات المؤامرات والحصار ويتحدى من أجل الحفاظ على كرامة الوطن وحماية أرضه وسيادته وثوابته.
رمضان أيضاً فرصة ذهبية للتسامح وإصلاح العلاقات بين الناس، فرصة لتذكر البسطاء والاعتذار والتصالح مع النفس والآخرين وإصلاح وترميم الضمائر، فرصة للعودة إلى مكارم الأخلاق وليكن دائما شعارنا «اللهم انى صائم».. قلب طاهر ولسان عف وهجر للجحود والنكران وتمسك بالشرف والمبادئ والقيم الأصيلة وعودة صفات جميلة هى الرجولة والشهامة والمروءة والعطاء والتجرد والصدق والتفاني، رمضان كريم.