تختلف قبائل سيناء عن باقي محافظات مصر تراثيا لتأثرها بالهجرات من الجزيرة العربية والشام وفلسطين، ولعزلتها لفترات طويلة. .. وتتكون العائلة من الأفراد دون الأقارب من جدهم الرابع وما دونه،وتتنوع اللهجات بين القبائل بتنوع قبائلها ولكل قبيلة منطقة الكلأ والماء واللهجة التي تميزها عن غيرها,على الرغم من أن جميع اللهجات تنحدر من العربية،ولا يهجر البدوي منطقته إلا لظروف قاهرة، وولاؤه دائما ما يكون لقبيلته،عشيرته،عائلته،ويتصف بالحذر من المجهول ويعرف تطورات الطقس وموعد الأمطار، السيول،القحط،ويحب البدو المغامرة،والوضع الاجتماعي؛ يتعاظم،بالنخوة،الحمية،إغاثة الملهوف,مراعاة حرمة الجار ,العفاف,الصدق,الأمانة,الشجاعة,الكرم,حتى أن كبار السن يحترمون الفارس الشجاع,والمجتمع البدوي بطيء الاستجابة للمتغيرات الثقافية,الاقتصادية،بسبب تمجيدهم وافتخارهم بقيمهم ،وسير آبائهم وكثيراً ما لا يأتمنون للغرباء.
وتنتشر قبائل شمال سيناء من الشرق إلى الغرب كالتالي: قبيلة الرميلات، قبيلة السواركة، قبيلة الريشات، قبيلة الملالحة، قبيلة بلي،قبيلة البياضية، قبيلة الدواغرة، قبيلة العقايلة، قبيلة المساعيد، والسماعنة، و الأخارسة، قبائل وسط سيناء من الشرق للغرب، قبيلة الترابين،والأحيوات،والتياها،العبابدة، العزازمة، قبيلة الحويطات، قبائل جنوب سيناء قبيلة العليقات، القرارشة، مزينة، أولاد سعد، الجبالية، الصوالحة، الحماضة.
والمجتمع السيناوي؛ مجتمع قبلي له بناؤه الاجتماعي الخاص، وملامحه التي تميزه عن غيره من المجتمعات ،سواء الحضرية أو القروية، لوجود الضبط الاجتماعي المستمد من الموروث الشعبي , المتشبع بالعادات والقيم الاجتماعية .
تُكسب الأسرة الأفراد،الشجاعة،الفروسية،الشرف،النخوة الكرم،الشهامة ويقولون:المجالس مدارس طبقا للموروث الشعبي ,والفتى يخضع لسلطة أبيه الذي يوبخه إذا وقع منه ما يخالفه,وفي السابعة من عمره يرعى الأغنام في أماكن قريبة فيتعلم الصبر ومبارزة رفاقه ويحفظ أغنامه وأسرار أهله وقبيلته وفي المساء يستمع لحكايات الأم المليئة،بالحكم،أخبار القبيلة،آبائه,وفي الرابعة عشرة؛يواجـه الصحراء يرعى الأغنام،أما الفتاة فتنشأ على الطهي,تطريز الزي السيناوي،رعاية الأطفال كموروث شعبي.
كرم الضيافة
يشتهر أبناء سيناء بكرم الضيافة كموروث شعبي بحكم ظروف الصحراء القاحلة وبعد المسافات والترحال المستمر، ويسمون الضيف؛ ضيف الله،ويتنافس على ضيافته الجميع وإذا اختلفوا فيمن يضيفه؛ يرفعوا الأمر لكبيرهم الذي عادة ما يقوم هو بضيافته,ويُستقبل الضيف باحترام شديد دون أن يحدثوه في شيء لمدة ثلاثة أيام يقدمون له الطعام والشراب الذي يسمونه »القرى« دون مشاركة أحد له فيما يقدم من طعام حتى تنتهي الثلاثة أيام يبادرونه بالسؤال عن أحواله وعن الأهل ومن أين أتى وإلى أين هو ذاهب وغيره,ويتم حمايته داخل حدود القبيلة إذا كان غريبا عن الديار،أما إذا كان من أهل المنطقة فحمايته تلقى على أهل البيت، إلى جانب اهتمام المجتمع بحفظ الأمانة واحترام الكبير وحفظ الأعراض والممتلكات وصيانة حقوق المرأة
ويشتهر كذلك بالعزة والنجدة والأخذ بالثأر ومراعاة الجار وتعظيم الجميل وتكريم الإبل واحترام العرض والوفاء بالعهود والافتخار بالنسب والشجاعة وعلو الهمة وبذل المعروف والأنفة والجرأة في طلب الحق وحب المساواة والحرية والشورى في الشئون العمومية ومن عادتهم أن يرسل كبير الضيوف من قصعته نصيبا من اللحم إلى راعية البيت؛لأن النساء لا يأكلن إلا ما يتبقى من الطعام.
صلاة التراويح عند أقرب مسجد
وتتضح ملامح المجتمع السيناوي أكثر في المناسبات المختلفة كالأفراح والأعياد , إلا أنها تظهر بوضوح خلال شهر رمضان الكريم حيث تتزين الشوارع وتُعلق الأضواء حتى الصباح وتُضاء مآذن المساجد بعقود الأنوار وتكثر محلات الكنافة والقطائف ويطول السهر حتى قرب تناول وجبة السحور مع تجمعات الأسر والأصدقاء, تلتزم السيدات أكثر بالزي الإسلامي ,لا تنقطع تلاوات القرآن الكريم يسود الصمت طوال النهار الكل يتسابق لعمل الخير الأسواق تضج بمختلف أنواع المشتريات المنخفضة أسعارها عما كان قبل حلول شهر رمضان المبارك تكثر الطيور ومختلف أنواع اللحوم والأسماك خاصة البوري الذي تشتهر به سيناء يتصافح الناس كأنهم لأول مرة يتقابلون في مودة وتحاب يهنئون بعضهم البعض بالشهر الكريم فيضج المكان بأصوات موحدة ( رمضان كريم – كل عام وأنت بخير – فطارك عندي اليوم) يذهبون للصلاة يعودون لتكملة مشروباتهم , البعض يمضي بدجاج أو بالأسماك وبعض اللحوم وما جد من المكسرات ومستلزمات مشروب ما قبل تناول الطعام كعادة سيناوية والتسبيح والاستغفار لا يفارق أفواههم في كل مكان حيث يتميز اليوم بطقوس مختلفة تعكس أسلوب حياتهم البدوية القائم على الكرم والجود حيث تتجهز الدواوين ( مجلس القبائل) وتظهر روح التآلف بين العائلات لإعداد موائد الإفطار يتم تناول العصير ثم الذهاب لصلاة المغرب في المسجد والعودة لتناول الطعام يُحضرون معهم أي غريب لتناول طعام الإفطار ويتنافسون في استضافة عابري السبيل يقدمونه على أهل البيت بعد الترحيب به باعتباره ضيف الله يقف أحد الصبية يُزيد في طعامه يُناوله المشروب سواء كان عصير مانجو أو جوافة أو برتقال وعبارات الترحيب لا تنفك تخرج منه دون كلل أو ملل من الكبير والصغير يُناولونه المنشفة فور انتائه من الطعام يصطحبونه للمنضرة(غرفة استقبال الضيوف) يعودون لتناول الطعام يذهبون به بعد ذلك لصلاة التراويح عند أقرب مسجد أو زاوية, يتبادل الجميع أطباق المأكولات , ينفض الجمع بعد ذلك منهم من يذهب لقصر الثقافة أو السرادق لمشاهدة عروض شهر رمضان الكريم , والبعض الآخر يشاهد مسابقات كرة القدم التي تملأ الأندية ومراكز الشباب والساحات العامة رغم التزام الجميع بالمواظبة على أداء عمله الوظيفي أو المهني في موعده على أكمل وجه, ومن الطقوس المألوفة قيام رجال الأعمال والأغنياء بتجهيز عبوات غذائية على الأسر الفقيرة ,أما على المستوى الأسري فتقوم السيدات بإعداد الفطائر (خبز سيناوي) وهي المفضلة يتم تناولها طازجة لدي الجميع بدو وحضر , حيث تُجهز على نار الحطب وتُستخدم في عمل الفتة (الثريد) التي تشتهر بها وسط وجنوب سيناء . علما بأن القضاء العرفي يتوقف في شهر رمضان الكريم. وتنتشر في جنوب سيناء الوجبات المكونة من الجريش إلى جانب الوجبات الأخرى التي تُجهز في الفضاء كي يستدل علي موائدهم عابرو السبيل يضعون الرايات البيضاء أعلى الأعمدة الخشبية وفوق الأشجار وقمم الجبال والخيام البعيدة يقف أحدهم يكبر ويحمد الله ينادي بأعلى صوته رمضان كريم هلا بالضيف ضيف الله هلا من فوق أكثر الأمكنة ارتفاعا أملا أن يصل صوته لأبعد مكان يمر به غريب أو مسافر يشعل النار بكميات كبيرة تصعد أعمدة الدخان للاستدلال بها كذلك, وفي بعض الأماكن تجوب سيارات ربع نقل تحمل وجبات رمضانية ومشروبات للمناطق البعيدة الصحراوية لإيصال الطعام للقاصي والداني ابتغاء وجه الله سبحانه وتعالى .
إفطار جماعى على البحر
وقد استن أهالي العريش سنةً حميدةً بعد انتهاء الإرهاب البغيض ونجاح أبطال الجيش والشرطة فى القضاء عليه وبتعاون وطنى من أبنآء سيناء المخلصين يقوم أهل سيناء بعمل وجبة افطار جماعي على شاطئ البحر كرسالة على الأمان وأن أبناء سيناء لن يسمحوا لأحد أن يغير هويتهم ، المائدة الرمضانية يحضرها عشرات الآلاف من العريش والقرى المجاورة اضافة لمحافظ البلد وأعضاء المجالس النيابية وكبار الزوار من خارج المحافظة في احتفالية رمضانية وطنية تُنصب الخيام والسرادقات الكبيرة والشماسي في مسافة أكثر من عشرة كيلو مترات يشتعل الشاطئ بإعداد وجبات الطعام بقدور اللحم أو الدجاج أو عمل الصيدية أو المندي أو المنسف العرايشي تتصاعد أعمدة الدخان من أسفل أواني الطهي تتسابق الأسر في صناعة الكُنافة والقطائف واحضار الجاتوهات والحلوى وعمل شتى أنواع العصائر حتى قرب موعد الفطار يتم رص الكراسي وتنظيم الموائد تكثر الرايات فوق الأعمدة تُتكتب عليها اسمى آيات الترحيب بينما لا تنقطع الأغاني والتواشيح الدينية تتسابق الطائرات الحكومية في تصوير المشهد العظيم تقترب من رءوس الناس تهلل النساء بالزغاريد يشترك رجال الأعمال والفنادق الكبرى والمطاعم الفخمة في هذا الحفل بوجبات جاهزة تحملها سيارات ربع نقل تحمل لافتات الترحيب في تظاهرة حضارية رائعة.
وبعد تناول طعام الإفطار وصلاة التراويح يجلس الأطفال في حلقات آبائهم يتعلمون من أحاديثهم ويتولون مهمة توزيع القهوة والشاي على الحضور
أشهر الأكلات
ومن أشهر المأكولات في شمال سيناء المندي المنتشر في رفح والشيخ زويد اضافة للمقلوبة والمنسف العرايشي ولحم الضأن والماعز الذي يُطهى على قدور فوق نار الحطب, , ومن أشهر المأكولات السيناوية على الاطلاق طعام اللبة (اللصيمة)
المكونة من قرص خبز يُطهى على جمر النار مباشرة والعجر المشوي (بطيخ صغير) وطماطم وفلفل وزيت زيتون وبعض الخضراوات والتوابل , أما في مدينة العريش عاصمة شمال سيناء التي سُميت برينو كلورا في العصر الروماني وهي أقدم مدينة صحراوية في الكون كما يقول جمال حمدان فإنها تجمع ما بين الطابع البدوي والحضري , حيث كرم الضيافة للقريب والغريب وفتح أماكن الاستضافة (الدواوين – القاعات – الصالات – الزوايا – المنازل) للاحتفال بالشهر الكريم يتسابق رجال الأعمال في تقديم وجبات على الطريق العام ومشروبات للمسافرين اضافة لموائد الرحمن التي انتشرت بكثرة في الآونة الأخيرة لا تبعد المائدة عن الأخرى أكثر من بضع أمتار أسوة بما يحدث في المحافظات الأخرى وتعدي الأمر ذلك بعد أن ارتفت المباني وتغيرت الشوارع والمحلات أصبحت القصور والفلل والمحلات الفخمة والشاليهات هي مكان الولائم الرمضانية تُقدم وجبات اختلفت كثيرا عن سابقتها سواء كانت جاهزة من أفخم المطاعم أو الفنادق مكونة من منسف أو مشويات أو بعض من الطبيخ الذي تعلوه شرائح اللحم أو قطع الدجاج أو كان طعام محلي تقوم به سيدات البيت ( صيديه بالسمك – مندي منزلي – أرز بلحم الماعز) يتم استضافة الأصدقاء والمحتاجين يجلسون على موائد تشبه موائد أفخم المطاعم كل له طبقه وأدواته ومشروبه ومنشفته, يخرج كل إلى مسجده فور انتهائه من طعامه , حتى أن عادات الزواج تختلف في شهر رمضان الكريم عن سابقيه حيث يلتزم الجميع بلا تبرج أو سفور في نفس القاعات يتم فصل السيدات عن الرجال فيما يُسمي بالحفل الديني تتخلله الأدعية الدينية يتم توزيع بعض المشروبات وفي بعض الأحيان وجبات السحور.
أما في مدينة بئر العبد يصطف الشباب قبل آذان المغرب يقدمون الوجبات المكيسة والمشروبات للمسافرين في الاتجاهين في نفس للحظة التي تكون الولائم حاضرة في الدواوين ومجالس الرجال والأماكن المفتوحة .
أما الجيل الجديد من الشباب في الأماكن البعيدة فيعتمدون على مغامرات حياة الصحراء , ولعب كرة القدم عمل مسابقات رياضية, بخلاف الأمسيات الرمضانية والشعرية التي تستمر حتى موعد السحور يتبارز الشعراء بقصائدهم البدوية ذات الصبغة الدينية بالارتجال تارة وبقصائد الشعراء الرمضانية المشهورة يلتف حولهم الكثيرون ويحفظون الكثير من أبيات الشعر التي تحُث على الخير والصلاة لأنها تمثل صلة العبد بربه