أيام قليلة ونستقبل شهر رمضان المعظم، شهر الرحمة والطاعات، شهر القرآن والرحمات، شهر النفحات والروحانيات، لابد وأن نستعد للشهر الكريم بالعودة الى الله وكتابه، نتقرب الى الله بالطاعات والعبادات وحسن الخلق، نتقرب الى الله بصالح الأعمال، نراجع أنفسنا فيما مضي، نحاسب أنفسنا قبل أن نحاسب يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم، علينا بإصلاح القلوب والعقول، علينا أن نرحم أنفسنا قبل أن نرحم غيرنا، نحتاج جميعاً لوقفة مع النفس، نتوب الى الله من الذنوب والخطايا، التاجر المستغل ينظر الى أخرته ويعلم علم اليقين أن ما يكنزه فى الدنيا حراماً بدون وجه حق سيحاسب عليه فى كتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها، البائع الذى يقوم بتخزين السلع لتعطيش الأسواق وبيعها بعد ذلك بأضعاف ثمنها بحجة أن التجارة شطارة، يعود الى الله ويعلم أنه يكسب حراماً.
أنصحكم ونفسى بالتحلى بالعبادات الدينية والإنسانية والأخلاقية، فالدين معاملة بين البشر قبل أن يكون مع خالق البشر، فمن يتق الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب، أن يكون إنساناً يحمل صفات المتقين يرحم ليرحم، يعلم أن التجارة مع الله أعلى وأغلي، أن الأمانة كنز وبركة، أن الاحتكار ورفع الأسعار على الناس لها حساب كبير عند رب الناس.
أتمنى أن نغتنم الشهر الكريم فى التقرب الى الله بحسن الخلق قبل التقرب بالعبادات نتحلى بالتسامح ومكارم الأخلاق، نتحاب فى الإنسانية، أتمنى أن يعم السلام فى كل زمان ومكان فالحياة أبسط من تلك التعقيدات التى نصنعها بأيدينا، وأسهل من المكبلات والقيود والبروتوكولات التى يصنعها البشر، لتكن السهل اللين الرحيم ونبتعد عن الفظاظة وغلظة القلب، فالجنة لا يدخلها متخاصم أو قاطع رحم أو غليظ القلب.
أتمنى أن يهل علينا الشهر الكريم وقد انتهت حرب الإبادة التى يمارسها الكيان المحتل ضد أهالينا فى قطاع غزة، أتمنى أن تنتهى حرب السودان، أتمنى أن يعود السلام والاستقرار لليمن وسوريا وليبيا والعراق، أن تنتهى الحرب الروسية الأوكرانية، أن يعم السلام والأمان للعالم أجمع بلا تفرقة أو تمييز بين إنسان عربى وغربي، أتمنى أن يعلم الجميع أن العالم يتسع للجميع، وأنه لا يوجد فى الحياة أحق من الحق فى الحياة.
دعوة رمضانية إنسانية دعونا نتصالح مع أنفسنا قبل أن نتصالح مع غيرنا من بنى البشر دعونا نعلم جيداً أن الدنيا دار مقر والأخر مستقر، نعيشها بحب وتسامح وسلام ليتذكرنا الجميع بالخير والسيرة الطيبة بعد الموت، أفضل من أن تكون منبوذا يخافك الجميع، عملا لقول المصطفى صلى الله عليه وسلم «إن أشر الناس منزلة يوم القيامة من يتقيه الناس مخافة لسانه» ووصفه بأشر الناس، والله جل جلاله يبغض من كانت تلك صفاته «إن الله ليبغض الفاحش البذيء».