> من الطارق؟
>> انا رمضان.
> أهلا أهلا رمضان.. ما اسرع ما عدت إلينا ولكن ما هى اخبارك هذا العام؟
> الاهم من اخباري.. هو استعدادكم لحضوري.. هل انتم مستعدون؟ عفوا.. لا اقصد شراء الطعام والشراب والمكسرات وحلوى رمضان وفوانيس رمضان.. بل اقصد الاستعداد الروحى والمعنوى والديني.. هل انتم مستعدون؟
> «من الطارق؟ انا رمضان».. هذا العنوان ليس من عندى بل هو عنوان كتاب قيم عن الاستعداد للشهر الكريم تأليف الدكتور خالد ابوشادى رأيت ان أبدأ به سلسلة مقالات فى الشهر الكريم خاصة ان الاستعداد لشهر رمضان الآن وفى مصر تحديدا يأتى مع مفاوضات واسعة وكبيرة لاعلان «هدنة رمضان».
وقد شهدت القاهرة فى الساعات القليلة الماضية مفاوضات مكثفة وفى نفس الوقت يتساقط فى غزة كل يوم عشرات القتلى والجرحى فى مجزرة مستمرة وجرائم ابادة جماعية ممنهجة لا تتوقف.. اضف إلى ذلك جرائم ابادة جماعية للبطون الجائعة وايقاف المساعدات الانسانية لاهل فلسطين المحاصرين.. اضف إلى ذلك العديد من الضحايا الذين مازالوا تحت الركام وفى الطرقات حيث مازال الكيان الصهيونى يمارس جرائمه بمنع طواقم الاسعاف والدفاع المدنى الوصول إلى الضحايا الذين سقطوا تحت الركام وفى الطرقات.
وفى القاهرة.. كانت مفاوضات «هدنة رمضان» قد اخذت مشوارا طويلا برغم الخلافات الشديدة فى الرؤى خاصة فيما يتعلق بأسماء الاسرى المتبقين احياء لدى حماس.. وبذلت مصر جهدا كبيرا فى اقامة هذه الهدنة خاصة ان كثيراً من الدول تخشى من تكرار طوفان الاقصى خلال رمضان إذا استمرت مجزرة الابادة الجماعية لاهل غزة فى الشهر الكريم.. ومن هنا فإن معظم هذه الدول تساند وتدعم جهود القاهرة فى اقامة «هدنة رمضان» قبل بدء الشهر الكريم ولعلنا ايضا على المستوى الشخصى الانسانى فى حاجة إلى هدنة دائمة مع النفس للابتعاد عن الخطايا والاخطاء والسيئات.. وتقديم الخير والعمل الصالح والقرب من الله.
عودة سريعة إلى كتاب «من الطارق انا رمضان» للدكتور خالد ابوشادى وهى دعوة لانتظار الشهر الكريم وفتح الابواب امام الدعم الكامل لاهل غزة والدعم الكامل لجهود القاهرة فى كل المجالات وحتى الآن.. ودعوة لفتح الباب امام التسامح والعفو والرضا ودعوة لكل مسلم بأن يستعد لشهر الخير والبركات ويستغفر ربه ويتوب اليه كل من ظلم وعصى اوتكبر.. فكلنا أخطاء وخير الخطائين التوابون.. كلنا لنا اخطاء وكلنا عصاة وكلنا اذنبنا.. ولكن الله هو التواب الرحيم الغفور الكريم وها هو شهر رمضان يطرق بابنا فلنستعد.. وليكن قول الله تعالى فى حق الشهر الكريم «شهر رمضان الذى انزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان.. فمن شهد منكم الشهر فليصمه».. اى ان الباب مفتوح لكى يرزق الصائم التقوي.. كما وعد الله المسلم بذلك.. فعندما يرتدع الصائم عن فعل الفواحش والمنكرات وطرقات باب رمضان انذار لكسر الشهوة وابتعاد الهوى وتهوين لذات الدنيا فهو اعلان لكسر شهوة البطن والفرج.. وردعا لارتكاب المحارم والشهوات وكما قال الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم «من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة فى ان يدع طعامه وشرابه».. وكما قال الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم «الصيام جنة فإذا كان احدهم صائما فلا يرفث ولا يجهل وان امرؤ قاتله او شاتمه فليقل إنى صائم».
ها هو رمضان يطرق الباب فمن يفتح له؟ هل نعرف ما هى شروط فتح الباب لكى يدخل علينا رمضان بروحانياته وعطائه الالهى للمسلمين؟ لابد ان نعى جيدا كيف نستعد وكيف نفتح الباب لمن يطرق الباب؟
البداية هى الاستحمام الروحى حيث يتم الاستغفار والتوبة والاعتراف بالذنب والندم على فعله والعزم على الا نعود اليه ابداً مهما كان هذا فى ذنوب العبد لما امر الله به من عباده.. اما ذنوب المعاملات فهى الاخطر وليكن الاستعداد لها بالتوبة والاستغفار والندم على فعل الخطأ والذنب وظلم عبد من عباد الله.. واذا لم تستطع مواجهة من ظلمته.. واذا لم نستطع رد الظلم للمظلوم فلتعترف بنفسك لنفسك بما فعلته وتدعو للمظلوم لعل الله يسامحه فيسامحك ويعفو عنه فيعفو عنك.. «الا تحبون ان يغفر الله لكم؟ فإذا كنت تريد العفو والمغفرة فابدأ بنفسك واعف وسامح من اخطأ فى حقك لكى يسامحك الله فمن اخطأت فى حقه وادع لمن اخطأت فى حقه ان يسامحه الله.. فيعفو الله عنك ان شاء الله.
دقات رمضان على الباب اعلان بأن نعود إلى الله بكل حواسنا.. فنعف عيوننا عن النظر إلى محارم الله.. وايدينا عن ان تمتد إلى ما حرم الله.. واقدامنا عن ان نمشى نحو ما حرم الله وقلوبنا عن التفكير فى حرمات الله.. وان نغسل قلوبنا بالحب والايمان والتقوى وان نعود عيوننا على قراءة القرآن والحديث الطيب عن الناس وان ندعو لانفسنا ولمن نحب.. وان نحاول ان نبتعد عن داء الكراهية مهما كانت الاسباب.. فالحب مثل النور القوى يمحو ظلام القلب رويدا رويدا حتى يعود القلب إلى فطرئه نورا وضياء وحبا ومحبة وتسامحا وعفوا.
دقات رمضان على الباب قبل ايام قليلة او ساعات من قدومه الرسمى والاعلان عن ظهور هلال الشهر الكريم يدعونا لان نقف جميعا قلبا واحداً من اجل الوطن وضد كل ما يهدد الوطن وان نحب بعضنا البعض ونساند بعضنا البعض وان يتوحد المسلمون جميعا على قلب رجل واحد من اجل اخوانهم فى غزة.. ومن اجل كل ما يتعلق بحقوق العباد وان نعود أخوة متحابين بحق!!
دقات رمضان على الابواب تقول لمن يعى ويفهم انه كما عدت اليكم سريعا بعد احد عشر شهرا فإنى سأغادركم اسرع بعد حوالى ثلاثين يوما فقط.. فلنستعد جيدا ولنستفد بكل لحظة فى هذه الشهر الكريم فنصوم النهار عن الاكل وعن الشهوات وعن كل ما حرم الله.. ونقوم الليل.. نستغفر ونتوب ونهلل ونسبح ونحمد ونشكر.. وبين هذا وذاك نتحلى بالخلق الحسن مثل الاصلاح بين الناس بعد اصلاح ما بينك وبين نفسك وصلة الارحام.. وان نزور المريض وندعو لامواتنا ونعطى الفقير بلا من او اذى ونسامح من اخطأ فى حقنا لعل الله يسامحنا.. وان نعود إلى الله فى كل عمل وقول ومتابعة.. وان نساعد من يحتاج المساعدة وان نصوم رمضان بنية صادقة.. اى نصوم ايمانا واحتسابا فمن فعل ذلك غفر الله له ما تقدم من ذنبه.
دقات رمضان على الباب تذكرنا بقول الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم «ان هذا الشهر قد حضركم وفيه ليلة خير من الف شهر من حرمها فقد حرم الخير كله ولا يحرم خيرها الا محروم».. انه يقول لنا بصوت عالٍ: انا قادم اليكم احمل الخير والبركات لمن اطاع الله ورسوله.. فكل من يصوم يومه يكون دعاؤه مستجابا.. ومن يفعل الخير تتضاعف له الحسنات ومن يفعل الخير سرا اعطاه الله اكثر مما يتمني.. وكل مذنب يتمنى ان يغفر الله له امامه فرصة العمل فى هذا الشهر الكريم فالله عفو كريم يحب العفو.. فادعوه ليعفو عنكم.
دقات رمضان على الباب رسالة واضحة وصريحة لان نسرع نحو الخير ونستغفر عن كل خطأ.. فمن كان والداه احياء فليسرع ويطلب منهما العفو وان يصفحا عنه حتى يمحو الله عنه العقوق.. ومن كان ابواه امواتا فليسرع ويدعو لهما فالدعاء لهما والتصدق عنهما من البر الذى امره الله به نحوهما.. ومن اخطأ فى حق اخيه او اخته فليسرع نحوهما يطلب الصفح والعفو ويصل رحمه.. ومن كان مقصرا فى حق الفقراء والمساكين فليسرع نحوهم ويتصدق عليهم سرا وعلانية بلا من او اذي.. ومن وجد مكروبا فليساعده حتى يفك كربه ومن وجد مظلوما فليساعده حتى يعود اليه حقه.
دقات رمضان على الابواب نداء خفى لمن كان صاحب إيمان وخير فى رمضان لضاعف حسناته ويضاعف كل عمل خير يعمله.. فيصوم بحق صوما كما امر الله وليس فقط الامتناع عن الطعام والشرب فليس له حاجة فى ان تصوم هذا الصوم فالصيام جنة فمن كان صائما فلا يرفث ولا يجهل وان امرؤ قاتله فليقل إنى صائم.. فدقات رمضان تنبيه للمؤمن بأنها فرصة لتزكية النفس وتطهيرها وتجميلها بالتقوي.. وهى فرصة لان تستعد النفس المؤمنة لتزكيتها وصبرها على الجوع والعطش وترك الشهوات والمخالفات.. انها نداء للمؤمن ان يبحث بداخله عن فضيلة الصبر لتكون احدى سمات المؤمن بعد ذلك فى رمضان وغير رمضان.
دقات شهر الصوم على باب الزمن رسالة لكل مؤمن ومسلم بحق بأنه ينفذ امر الله.. فالله امرنا بالصوم كما امرنا بالزكاء والصلاة والحج لمن استطاع اليه سبيلا.. وهنا تكمن الرسالة الاولى وهى طاعة امر الله «سمعنا فأطعنا».. وعندما نطيع الله سنعى دروسا اخرى مثل الصبر والاهتمام بالفقير من خلال الزكاة والصدقة.. والصلاة الدائمة.. الفرض اولا ثم النوافل وكذلك القيام.
دقات رمضان على الابواب يسمعها المؤمن حتى لو كان عاصيا.. اما موتى القلوب فلا يسمعون.. بل انهم يفهمون الصوم على طريقتهم وعلى قدر مفهومهم المادى فقط متناسين انه شهر الروح والقلب مع العقل.. وانهم مطالبون بالشكر والحمد لله.. فقليل من عباد الله هم الشكور.. وكثيرا ما ننسى الحمد على نعمة الايمان والاسلام وعلى نعمة العمل بما امر الله والنهى عمانهى عنه الله وان تصفو القلوب وتعفو ونتسامح ونقبل نحو الخير والعمل الصالح.. فمن سمع دقات شهر الخير فليفتح الباب مسرعا ويبدأ فى العمل الصالح ولا يخرج من هذا الشهر الكريم الا وهو راض سعيد بعطاء الله.. وكل عام وانتم بخير.. رمضان كريم.
همس الروح
>> هل تحب ان يعفو الله عنك؟! اذا كنت تحب ذلك فاعف واصفح وسامح من ظلمك!!
>> الاخلاق هى الايمان.. والحب.. والوعي.. وصدق العمل.. لمن يفهم!
>> إذا احب الله عبدا أنار بصيرته حتى يدر هوان الدنيا برغم جمالها وحقيقة الاشياء ومعدنها.
>> نعرف الحب الحقيقى عندما تنتهى المصالح.