من العنوان.. تشعر بالتفاؤل وبالزهو وبالافتخار.. من العنوان يحدوك الأمل فى مستقبل مشرق وواعد.. من العنوان.. لست بحاجة إلى التساؤل.. فهذه هى مصر.. الرائدة فى كل شيء.. وأن ذلك لم يأت من فراغ فهى صاحبة أعظم الحضارات فى التاريخ.. وستستمر بفضل الزخم فى الميراث التاريخى عبر العصور.. لذا فالحصول على جائزة ليس بالمستغرب.
أقول ذلك بمناسبة فوز الفيلم المصرى «رفعت عينى للسما» بجائزة العين الذهبية فى مهرجان كان السينمائى الدولي.. وذلك لأول مرة فى تاريخ السينما المصرية كأفضل فيلم تسجيلي، واللافت للنظر أيضا هو ان الفيلم حظى باستقبال حافل خلال عرضه العالمى الأول بمسابقة أسبوع النقاد بالمهرجان كما نال إشادات نقدية وتناوله الكثير من كبريات الصحف العالمية وتصدر عناوين اللوموند وترايتى وسكرين دايلى وغيرها سواء فى فرنسا أو غيرها.. وهذا ما دفع مخرجى الفيلم أيمن الأمير وندى رياض إلى عرض الفيلم فى دور السينما وكذلك فى المهرجانات داخل المحروسة ليس لحصوله كأول فيلم مصرى تسجيلى على جائزة العين الذهبية بمهرجان «كان» السينمائى الدولى فقط وإنما كى يتمكن المصرى وهذا حقه.. من مشاهدة الفيلم والتعرف على مضمونه والفكرة التى يتمحور حولها الفيلم.. فما هى الفكرة والهدف منها والرسالة التى يريد إبرازها للمشاهد؟
الفكرة بسيطة وأبطالها أكثر بساطة وعفوية وهى تسليط الضوء على بنات فى فرقة بانوراما «برث» قررن تأسيس فرقة مسرحية مستوحاة من الفلكلور الشعبى الصعيدى وعرضها بشوارع قريتهن.. وتدور الأحداث حول الزواج المبكر وتعليم الفتيات والعنف الأسري.. وغيرها من القضايا الاجتماعية التى تهم كل بيت خاصة فى الريف.. وتم العرض للفكرة بطريقة بسيطة وشيقة جاذبة لمن يشاهد تلك الفتيات أثناء عرض المسرحية.. وهذا هو المراد والهدف من الفيلم الأمر الذى لفت أنظار النقاد فى مهرجان كان وبالتالى الحصول على الجائزة.. رغم ان بطلات المسرحية لسن فنانات مشهورات ولا حتى من الصف الثانى فى مجال الفن.
الحقيقة.. حصول الفيلم التسجيلى أعادنا إلى السينما أيام زمان حيث كان الرسائل الهادفة والنبيلة والخلو من المشاهد الخليعة والإيحاءات الجنسية والإسفاف مما أفقد السينما بريقها.. وبالتالى قلة الاقبال على دور العرض وزاد من الأمر بلة وهو دخول منتجين لا علاقة لهم بالفن لا من قريب أو بعيد.. فى صناعة السينما.. لا هم لهم سوى الربح بغض النظر عن المحتوى والمضمون والرسالة، لذا كان حصول «رفعت عينى للسما».
عودة حميدة لأيام الزمن الجميل والفن الممتع الهادف.. وخطوة على الطريق الصحيح.. الأمر الذى جعل المركز القومى لحقوق الإنسان.. يكرم أبطال الفيلم.
صراحة.. تكريم بعض الجهات المسئولة.. لا يكفي.. لأن الحدث بالنسبة لمصر يعتبر تاريخيا فى تلك الصناعة.. وكان ينبغى أن يتم عمل العديد من اللقاءات مع صناع الفيلم التسجيلى والأبطال.. وعدم الاكتفاء ببعض القنوات الفضائية التى استضافت أبطال هذا العمل.. مشكورة.. وذلك بهدف تشجيع بقية العاملين فى هذا الحقل الجميل الإبداعي.. لنيل مثل تلك الجوائز.. أو حتى الخروج علينا بأفلام ذات مضامين وأفكار محترمة.. لأن الفن يشكل رسالة.. وقوة ناعمة لا تقل أهمية عن حامل السلاح على الحدود، كما يجب تشجيع صناع الفيلم المفخرة لنا على عمل المزيد والمزيد وتوفير الامكانيات المادية واللوجستية طالما الموهبة موجودة والأفكار والابتكارات متوافرة لدى هؤلاء الأبطال الذين شرفونا عالميا بامكانيات مادية بسيطة ولكن بطموح جعل رءوسهم تطاول السماء.. لأنهم رفعوا عيونهم لأعلى ولم ينظروا أسفل أقدامهم بل ناطحوا كبار الصناع فى العالم بثقة وبأريحية المنافس العتيد القادر على التحدى مهما كان مستوى الأفلام المشاركة فى تلك المسابقة الدولية السنوية- مع وجود نجوم عالمية وأسماء رنانة.. تحياتى لصناع وأبطال الفيلم الذى شرفنا فرفعت عينى إلى السما.. عسى أن اقتبس منهم الأفكار والإبداعات.. وأسير على دربهم سواء فى مجالى الصحفى أو فى مجال ابداعي.
<< وأخيراً :
> مصر.. مليئة بالمبدعين وسباقة فى مجالات الفن.
> أى فنان عربى بادئ فى بداية رحلته الفنية.. دائما عينه على مصر.
> لقاءات كافة الفنانين الذين قدموا أعمالهم فى مصر.. أكدت ان مصر تصنع النجوم.. ولولا مصر.. أم الدنيا.. ما كانوا نجوما.
> كنوز الملك الصغير.. توت عنخ آمون.. قطع فنية غاية فى الروعة.. وتعتبر الأندر فى العالم.. كصنعة وفن واتقان.
> الرسومات والنقوش داخل جدران المعابد فى البر الغربى بالأقصر.. تجعلك تتساءل.. كيف للمصريين القدماء.. كل هذه الملكات الابداعية؟.