على الرغم من المخاطر والتحديات والأزمات التى تمر بها البلاد ونذر الخطر الاستهدافات الدائمة لمصر إلا أن هناك من المؤشرات والعلامات الربانية من الله تعالى التى تؤكد على أن مصر ستظل محفوظة دائماً بأمر الله سبحانه وتعالى على مر الزمان.
وفى البداية لابد أن نؤكد على أن معظم بلدان المنطقة العربية قد تمزقت على مر السنين من ويلات الاستعمار والحروب ولاتزال مصر حرة والبلد الأقوى فى الشرق الأوسط على مر التاريخ وحتى الآن، مما يؤكد على وجود علامات ربانية فى حفظها.. حيث أقسم بها الله سبحانه وتعالى قبـل أن يُقسم بالبلد الحرام، وقد أجمع علماء الدين أن تكرار ذكر اسم «مصر» فى القرآن الكريم يدل على أنها الدولة الوحيدة الضاربة فى عمق التاريخ.. ومن هنا نرصد بعض علامات التفاؤل الربانية نستعرضها كالتالي:
ــ تجليات الله سبحانه وتعالى علـى مصر بذكر اسمها فى القرآن الكريم خمس مـرات صراحة باللفظ، وبالإيماء والتعريض فى أكثر من ثلاثين موضعاً، وبها أرض طور سيناء المقدسة. قال تعالي: بسم الله الرحمن الرحيم (اهْبِطُوا مِصْرًا فَإِنَّ لَكُم مَّا سَأَلْتُمْ). (سورة البقرة: 61)، (وَأَوْحَيْنَا إلى مُوسَى وَأَخِيهِ أَن تَبَوَّآ لِقَوْمِكُمَا بِمِصْرَ بُيُوتًا). (سورة يونس: 87)، (وَقَالَ الَّذِى اشْتَرَاهُ مِن مِّصْرَ لِامْرَأَتِهِ أَكْرِمِى مَثْوَاهُ). (سورة يوسف: 21)، (ادْخُلُوا مِصْرَ إِن شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ). (سورة يوسف: 99)، (وَنَادَى فِرْعَوْنُ فِى قَوْمِهِ قَالَ يَا قَوْمِ أَلَيْسَ لِى مُلْكُ مِصْرَ وَهذه الْأَنْهَارُ تَجْرِى مِن تَحْتِي) (سورة الزخرف: 51). وأرض سيناء المقدسة ــ وهى قطعة من أرض مصر ــ ذكرت بالاسم صراحة فى العديد من سور القرآن الكريم، ومن بينها سورة التين التى قال فيها تعالي: (وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ وَطُورِ سِينِينَ وَهَذَا الْبَلَدِ الأَمِينِ لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ فِى أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ) واستقبال يوسف لأبيه يعقوب – عليهما السلام، حيث تذكر التوراة مسيرة إبراهيم خليل الله من الشام إلى مصر عبر سيناء، ويذكر القرآن الكريم رحلة يوسف وهو طفل اشترته قافلة وسارت به إلى مصر، كما يذكر استقبال يوسف لأبيه يعقوب عند الحدود الشرقية – أى سيناء – وقوله لأبويه وأهله: (ادْخُلُواْ مِصْرَ إِن شَاء اللَّهُ آمِنِينَ).
ــ إن مصر بلد عزيز على الله سبحانه وعلى نبيه صلى الله عليه وسلم، ويكفى للتدليل على ذلك، أن الله سبحانه و تعالى ذكرها فى كتابه أكثر مما ذكر بلده الحرام، وربط بينها وبين الأمن والخير الذى يفيض فى ربوعها، فيقول سبحانه وتعالي: «ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين» سورة يوسف الآية 99، وقد أحب رسول الله صلى الله عليه وسلم مصر، ورويت عنه أحاديث جمة فى الوصية بها وبأهلها، منها: «ستفتح عليكم بعدى مصر فاستوصوا بقبطها خيراً فإن لكم منهم ذمة ورحما»، ومنها أيضاً حديث: «إذا فتح الله عز وجل عليكم مصر، فاتخذوا بها جندا كثيفا، فذلك الجند خير أجناد الأرض، فقال أبو بكر لم يا رسول الله؟ فقال: لأنهم وأزواجهم فى رباط إلى يوم القيامة».
ــ مصر.. فى قلب النبى محمد صلى الله عليه وسلم حيث لا يوجد فى العالم بلد أوصى به وبأهله رسول الله صلى الله عليه وسلم، غير مصر التى حظيت وشرفها الله عز وجل بأنبيائه الذين عاشوا على أرضها، فنبى الله إدريس أول من علم المصريين المخيط وبعث بأرض الكنانة، وخليل الرحمن إبراهيم عليه السلام أقام بين أهلها وتزوج هاجر المصرية أم إسماعيل الذى باركه الله، فكان صديقا نبيا ومن إسماعيل خرج أعظم الأمم وهى العرب. ومنها تزوج نبى الله يوسف، ووفد إليها يعقوب عليه السلام وإخوة يوسف وعاشوا على أرض الكنانة، ونشأ بأرضها أنبياء الله موسى وهارون، ونبى الله دانيال ويوشع، وإلى أرضها أتت مريم وعيسى عليهما السلام فكانت مصر حصن أمان لهما. وأعظم هذا التشريف هو رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكما كان لإبراهيم الخليل زوجة مصرية كان لرسول الله «مارية القبطية المصرية» التى أنجبت له إبراهيم. وروى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أنه قال: (ستفتح عليكم بعدى مصر فاستوصوا بأهلها خيرا فإن لهم ذمة ورحما) رواه مسلم. وقوله صلى الله عليه وسلم: (إذا فتح الله عليكم مصر فاتخذوا بها جندا كثيفا فذلك الجند خير أجناد الأرض، قال أبو بكر لم يا رسول الله؟ قال لأنهم وأزواجهم فى رباط إلى يوم القيامة). فمصر هى حمى الإسلام بشهادة الرسول صلى الله عليه وسلم ودعاء الأنبياء آدم ونوح ووصفها بالأرض الطيبة المباركة التى هى أم البلاد وغوث العباد.
ــ شهادة من لا ينطق عن الهوى ومصر فى قلب القرآن وتقع دائما فى مكان الحب لرسول الله، صلى الله عليه وسلم، رغم أنه لم يدخلها إلا عابراً فى رحلة الإسراء والمعراج، وصلى بجبل الطور ركعتين كما تروى كتب السير، أنه كان يركب البراق خلف جبريل عليهما السلام، ومر بأرض ذات نخل فقال ما هذه يا أخى يا جبريل، قال هذه طيبة، طيب وكانت هذه المدينة المنورة، قبل أن تنار بمقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان اسمها يثرب ثم مر بأرض بيضاء، فقال ما هذه يا أخى يا جبريل؟ قال هذا الوادى المقدس طوى الذى كلم الله عليه موسي، فنزلا وصليا ركعتين، ثم واصلا رحلتهما، فهذا يؤكد منزلة مصر ومكانتها، لأنها البلد الوحيد فى العالم الذى تجلى عليه الله لموسى عليه السلام حين قال: «رب أرنى أنظر إليك قال لن ترانى ولكن انظر إلى الجبل فإن استقر مكانه فسوف تراني، فلما تجلى ربه للجبل جعله دكا وخر موسى صعقا» سورة الأعراف الآية 143، وكان ذلك فى جبل الطور أيضا.
ــ سيناء كانت مسرحًا لقصة نبى الله موسي، حيث تفرد سيدنا موسى عليه السلام بخصوصية الحوار مع رب العزة، بقوله تعالي: (وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا) (النساء) 164، وكل هذا التكليم أو الحوار بين موسى والمولى جل وعلا جرى فى أرض مصر فقط، بداية من الوحى إليه فى سيناء وجبل الطور، مروراً بلقائه بقومه وصراعه مع فرعون إلى خروجه بقومه إلى سيناء، حيث ظل بها إلى أن مات، فلم يدخل موسى فلسطين أبدا بعد أن صار نبياً يوحى إليه، بل إن اسم مصر ورد فى بعض هذا الوحى يؤكد وقوعه فى أرض مصر، يقول جل وعلا: (وَأَوْحَيْنَا إلى مُوسَى وَأَخِيهِ أَن تَبَوَّءَا لِقَوْمِكُمَا بِمِصْرَ بُيُوتًا وَاجْعَلُواْ بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً) (يونس 87).
ــ أيضاً، قصة «حوت مجمع البحرين» برأس محمد، حيث حدد القرآن الكريم الطريق والطريقة التى اتخذها الحوت مرتين، مرة فى قوله تعالى (فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِى الْبَحْرِ سَرَبا) الكهف الآية 61، ومرة (وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِى الْبَحْرِ عَجَباً) الكهف الآية 63، وفى الآيتين وصف القرآن معجزة شق الطريق إلى البحر وعودة الحياة للحوت بمنطقة الخليج الخفي، وهذا يفسّر وجود مجرى مائى دائم فى منطقة الخليج برأس محمد بمصر.
ـ خروج المحمل ومرور الحجيج من سيناء الى مكة المكرمة حيث يأتى حجاج المغرب العربى والأندلس وغرب أفريقيا براً أو بحرا ًبالسفن مرورا بمصر ومنها للسعودية لأداء مناسك حج بيت الحرام.
لذا.. نقول هذه مصركم فافخروا بها، وارتفعوا معها، واجعلوها فى قلوبكم، واعملوا من أجلها، وجاهدوا فى سبيلها، ثم لا تتركوا لحاقد أو حاسد مجالا بينكم وإنما تقفون بالمرصاد لكل من يحاول أن ينال منها.