مع تصاعد التوتر بين روسيا وحلف شمال الأطلنطى «الناتو» على خلفية الحرب فى أوكرانيا المستمرة منذ أكثر من سنتين، خاصة بعد سماح واشنطن للقوات الأوكرانية بضرب العمق الروسى واستخدام صواريخ بعيدة المدي، بدأ القلق يهمين على معظم الدول من نشوب حرب نووية تطال تداعياتها العالم أجمع.
أعلنت روسيا أمس عن بدء «إنتاج» ملاجئ نووية جديدة لحماية سكانها فى حال وقوع هجوم نووي. ووفقا لتقارير، بدأ الإنتاج الصناعى للملاجئ المتنقلة بشكل رسمي، فى وقت حساس بالنسبة للروس، الذين يشعرون بتهديد متزايد من الغرب.
فى الوقت نفسه، أعلنت وزارة الخارجية الروسية أمس أن قاعدة الدفاع الصاروخى الجديدة، التى أقامتها الولايات المتحدة فى شمال بولندا ستزيد المستوى العام للخطر النووى وهى على قائمة أهداف تعتزم روسيا تدميرها إذا لزم الأمر.
وافتتحت القاعدة الجديدة الواقعة فى بلدة ريدزيكوفو قرب ساحل بحر البلطيق فى إطار درع صاروخية أوسع نطاقا لحلف الناتو فى 13 نوفمبر.
وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا: «هذه خطوة أخرى تنطوى على استفزاز صريح فى سلسلة من الإجراءات التى تؤدى لاضطرابات عميقة يتخذها الأمريكيون وحلفاؤهم فى حلف الناتو».
وقالت زاخاروفا: «نظرا لطبيعة ومستوى التهديدات التى تشكلها مثل هذه المنشآت العسكرية الغربية، أضيفت قاعدة الدفاع الصاروخى فى بولندا منذ فترة طويلة إلى قائمة الأهداف ذات الأولوية للتدمير المحتمل، والتى يمكن تنفيذها إذا لزم الأمر بمجموعة واسعة من الأسلحة المتقدمة».
بدوره، قال الكرملين امس إنه يبذل «جهودا قصوي» لتجنب صراع نووى عقب تهديدات موسكو النووية. وأوضح الناطق باسم الكرملين دميترى بيسكوف: «أكّدنا فى سياق عقيدتنا النووية أن روسيا تتخذ موقفا مسؤولا لبذل جهود قصوى لعدم السماح بنشوب صراع مماثل».
فى غضون ذلك، كشفت وثائق سرية أن ألمانيا وضعت خططا لنشر 800 ألف جندى من «الناتو» فى أوكرانيا، فى خطة تحمل اسم «عملية ألمانيا»، تتألف من ألف صفحة وتهدف للاستعداد لسيناريو الحرب العالمية الثالثة.
وأشارت التقارير إلى أن الوثائق السرية تحتوى على تفاصيل دقيقة حول المبانى والبنية التحتية التى يجب حمايتها لاستخدامها من قبل الجيش الألماني، إضافة إلى كيفية استعداد الشركات والمدنيين لمواجهة التهديدات المتزايدة، وفقا لصحيفة «فرانكفورتر ألجماينه تسايتونغ» الألمانية.
كما تضمنت الوثائق خططا لدفع 200 ألف مركبة عسكرية عبر الأراضى الألمانية، إذا تطلب الأمر تدخل حلف الناتو لدعم أوكرانيا، بينما تم إبقاء التفاصيل الأخرى سرية. وبالإضافة إلى ذلك، نصحت ألمانيا مواطنيها بالتحضير لأسوأ السيناريوهات عبر تعزيز الاكتفاء الذاتي.
والقلق ليس محصورا فى ألمانيا، فقد أصدرت كل من السويد والنرويج مؤخرا منشورات توجيهية للمواطنين، توضح كيفية الاستعداد إذا تصاعد الصراع فى أوكرانيا ليطال أراضيهم.
يأتى استعداد أوروبا بعد أن حذر الرئيس الأمريكى المنتخب دونالد ترامب مرارا من أن الولايات المتحدة قد تكون على أعتاب حرب عالمية ثالثة، مع مشاركة 3 من أبرز أعداء أمريكا، وهى روسيا وكوريا الشمالية وإيران، فى صراعات ضد حلفائها.
وعلى الرغم من أن ترامب لم يعلن خطة رسمية للتعامل مع الحرب الأوكرانية، إلا أنه أظهر إشارات على دعمه لوصول أوكرانيا إلى حل عادل للصراع.
من ناحية أخرى، أرسلت القوات الأوكرانية وجهاز الأمن الأوكرانى ممثلين إلى الولايات المتحدة للتدرب على جمع الأدلة على وقوع هجوم نووي.
جاء ذلك فى تقرير نشره موقع Defense One الذى أوضح: «قام عشرة جنود من القوات المسلحة الأوكرانية وعشرة أعضاء من هيئة الأمن القومى الأوكرانى بزيارة مختبر وزارة الطاقة الأمريكية فى ولاية أيداهو، حيث تلقوا تدريبا لمدة أسبوع على طرق جمع المواد الغريبة لإجراء تحليل نووى بعد وقوع انفجار».
وأشار التقرير إلى أن الخبراء من مختبرات وطنية أمريكية أخري، وكذلك متخصصين من إدارة الأمن النووى الوطنى NNSA التابعة لوزارة الطاقة الأمريكية ساعدوا فى التدريب. وقال مستشار فى NNSA إن أوكرانيا لم تكن تمتلك حتى عام 2022 القدرة على جمع عينات عالية الجودة للتحليل. وأشار التقرير إلى أن هذه الزيارة تمت بدعم من وزارة الخارجية الأمريكية.
فى الأثناء، أكدت كييف أن موسكو أطلقت أمس صاروخا باليستيا عابرا للقارات على أوكرانيا للمرة الأولي، وذلك فى أحدث تصعيد للحرب بعدما أطلقت أوكرانيا صواريخ طويلة المدى زودها الغرب بها على روسيا.
وقال سلاح الجو الأوكراني، إن القوات الروسية استخدمت الصاروخ فى هجوم أمس على مدينة دنيبرو. فيما أكد مصدر أن هذه المرة الأولى التى تستخدم فيها موسكو هذا السلاح منذ العملية العسكرية عام 2022.
ورفض الكرملين التعليق على اتهام أوكرانيا لموسكو بإطلاق صاروخ عابر للقارات للمرة الأولى على أراضيها. وقال الناطق باسم الكرملين، دميترى بيسكوف ردا على سؤال عما إذا كانت موسكو أطلقت الصاروخ المصمم لحمل رءوس حربية تقليدية ونووية على حد سواء، ويمكنه ضرب أهداف تبعد آلاف الكيلومترات «ليس لدى ما أقوله حول ذلك».
فى المقابل قالت وزارة الدفاع الروسية إن أوكرانيا أطلقت أمس صواريخ «أتاكمز» الأمريكية بعيدة المدى على روسيا لأول مرة، فى ضربة على منطقة بريانسك الروسية. بينما أشار الكرملين فى بيان إلى أن خمسة صواريخ أُسقطت، وتسببت شظاياها فى نشوب حريق فى منشأة عسكرية فى المنطقة.
وأشارت وسائل إعلام أوكرانية باستخدام الصواريخ الأمريكية، لكن الحكومة الأوكرانية لم تعلّق بعد.
كما أطلقت أوكرانيا أمس وابلاً من صواريخ «ستورم شادو» البريطانية المجنحة على روسيا، وهو أحدث سلاح غربى جديد يُسمح لها باستخدامه ضد أهداف فى العمق الروسي. وكشف مراسلو حرب روس على تيليجرام بوقوع الضربات وأكدها مسئول شريطة عدم الكشف عن هويته، وقال متحدث باسم هيئة الأركان العامة الأوكرانية إنه ليس لديه معلومات.
فى غضون ذلك، استأنفت السفارة الأمريكية فى العاصمة الأوكرانية كييف أعمالها، بينما أوصت المواطنين الأمريكيين المقيمين فى أوكرانيا باتباع تعليمات السلطات الأوكرانية كلما انطلقت الغارات الجوية.
وفى سياق آخر، أقر الرئيس الأوكرانى فولوديمير زيلينسكى بأنه لا يمكن استعادة شبه جزيرة القرم التى استولت عليها روسيا فى عام 2014 إلا من خلال الدبلوماسية.
وقال زيلينسكى فى مقابلة مع فوكس نيوز على متن قطار فى أوكرانيا وأذيعت، الأربعاء، إن بلاده لا تستطيع تحمل خسارة عدد الأرواح اللازم لاستعادة شبه جزيرة القرم بالوسائل العسكرية.
ورفض مرة أخرى أى حديث عن التنازل عن أى أرض تحتلها قوات موسكو، قائلا إن أوكرانيا «لا يمكنها قانونا الاعتراف بأى أرض محتلة فى أوكرانيا على أنها روسية».
وأضاف: «لا يمكننا أن نضحى بعشرات الآلاف من شعبنا من أجل عودة شبه جزيرة القرم… ولا يزال من غير الممكن أن نستعيدها بالسلاح الذى بحوزتنا. فنحن ندرك أن شبه جزيرة القرم يمكن إعادتها دبلوماسيا».