فى مارس الماضى أعلن الرئيس الأمريكى جو بايدن خلال خطابه عن حالة الاتحاد عزم بلاده بناء رصيف عائم على ساحل غزة لإيصال المساعدات الإنسانية إلى الفلسطينيين المتضررين جوعا وتم الاتفاق على أن تقوم قوات الاحتلال الإسرائيلى بتفتيش هذه المساعدات فى قبرص قبل شحنها وتفتيشها مرة أخرى عند وصولها إلى غزة وقامت القوات الأمريكية بالفعل بتشييد الرصيف وربطه بالشاطئ عن طريق جسر وبلغت تكلفة الرصيف الذى قيل أنه قادر على استقبال 150 شاحنة مساعدات يوميا 230 مليون دولار .. وفى يوم 17 مايو دخل الرصيف الخدمة وقبل مرور أسبوعين وتحديدا يوم 28 مايو أعلنت القوات الأمريكية تضرر الرصيف العائم بسبب سوء الأحوال الجوية وتم تفكيكه لإصلاحه وقالت وزارة الدفاع الأمريكية «البنتاجون» إن الرصيف قبل تضرره استقبل ألف طن من المساعدات.
وفى يوم ٧ يونيو الماضى أعلنت القيادة المركزية الأمريكية أن الجيش الأمريكى قام بإصلاح الرصيف البحرى الذى أقامه قبالة ساحل غزة وأنه أصبح جاهزا لاستقبال المساعدات الإنسانية وأن تكلفة إصلاح الرصيف تجاوزت 20 مليون دولار وهو ما يعنى أن بناء الرصيف وإصلاحه كلف الخزانة الأمريكية 250 مليون دولار.. وبعد مرور 40 يوما بالتمام والكمال وبلا مقدمات أو سابق إنذار أعلن «البنتاجون» إنهاء عمل هذا الرصيف بعد أنهى مهمته ولا أدرى ما المقصود بهذه المهمة منذ أن بدأت إلى أن انتهت فى ظروف غامضة.. فالمجاعة فى قطاع غزة تتوحش والأمراض تزداد وتتفاقم والمساعدات التى دخلت عبر هذا الرصيف حسب ما أكدت المنظمات الدولية لم تمثل سوى نسبة ضئيلة من احتياجات قطاع غزة المحاصر.. عن أى مهمة إذن تقصد واشنطن.. هل تقصد مهمة المساعدة فى المزيد من التجويع والتشريد والقتل؟!
فى الواقع يبدو أن واشنطن تشعر بالحرج وأن السبب وراء إنهاء عمل هذا الرصيف هو اقتناعها أخيرا أن رصيفها فشل فشلا ذريعا فى كسر المجاعة وتقديم المساعدات للفلسطينيين وهو ما ألمح له الرئيس الأمريكى جو بايدن الذى أعرب عن خيبة أمله بسبب عدم نجاح هذا الرصيف فى تحقيق المرجو منه.. فالفلسطينيون فى مختلف أنحاء قطاع غزة يعانون بالفعل ظروفا قاسية فى ظل انتشار المجاعة والأمراض وقد حذرت 13 منظمة دولية وإنسانية من تفاقم الأوضاع الإنسانية فى القطاع فى ظل استمرار إسرائيل فى حربها المدمرة وإغلاقها المعابر التى كانت تدخل منها المساعدات بما فيها معبر رفح.
لقد كثرت التكهنات بمجرد ما أعلنت واشنطن عزمها بناء هذا الرصيف العائم وتساءل البعض: هل الغرض من هذا الرصيف حقا إدخال المساعدات الإنسانية لسكان قطاع غزة أم المساعدة فى تهجير الفلسطينيين وتحفيزهم على مغادرة أراضيهم؟.. عموما فى كلتا الحالتين فشلت المهمة وذهب بايدن وذهب معه هذا الرصيف اللغز.