قرار الرئيس الأمريكى دونالد ترامب بفرض رسوم جمركية على الواردات من بعض الدول مثل كندا والصين، والمكسيك وكذلك على بعض الدول التى تستورد النفط من فنزويلا، هو خطوة تثير الكثير من الجدل. البعض يرى أنها وسيلة ضرورية لحماية الاقتصاد الأمريكى، بينما يعتبرها آخرون خطراً قد يضر بالمستهلكين والصناعة المحلية على المدى البعيد.
ترامب دائماً ما يرفع شعار «أمريكا أولاً»، ويرى أن هذه الرسوم ستجبر الشركات على إعادة التصنيع داخل الولايات المتحدة، مما سيخلق المزيد من الوظائف ويعزز الصناعة الوطنية. هذا الطرح قد يبدو منطقياً، لكنه يتجاهل حقيقة أن العديد من الصناعات الأمريكية تعتمد على المواد الخام والسلع المستوردة، وبالتالى فإن فرض رسوم عالية سيؤدى إلى زيادة تكاليف الإنتاج، وهو ما سينعكس فى النهاية على المستهلك الأمريكى.
الاقتصاد الأمريكى يعتمد على التجارة الحرة بقدر كبير، فهذه الدول ردت بفرض إجراءات مماثلة. التجربة السابقة مع الحروب التجارية أثبتت أن هذه السياسات قد تؤدى إلى اضطراب الأسواق، وبدلاً من حماية الاقتصاد، قد تسهم فى تباطؤه.
أما بخصوص النفط الفنزويلى، ففرض قيود على الدول التى تستورده قد يبدو محاولة للضغط على فنزويلا، لكن التأثير الحقيقى سيكون على الدول التى تعتمد على هذا النفط، ما قد يدفعها للبحث عن بدائل فى السوق، وربما يعزز مكانة دول أخرى مثل روسيا فى سوق الطاقة.. المستهلك الأمريكى سيكون المتضرر الأول من هذه السياسات، لأن زيادة الرسوم الجمركية تعنى ارتفاع أسعار السلع. بينما قد يستفيد بعض العمال فى الصناعات المحلية، إلا أن الغالبية العظمى من المواطنين ستواجه ارتفاعاً فى تكاليف المعيشة. ومع الضغوط التضخمية الحالية، قد يؤدى ذلك إلى تراجع شعبية ترامب نفسه بين الناخبين.
إذا استمر ترامب فى هذه السياسة التصعيدية، فإن النتيجة المتوقعة ستكون موجة جديدة من التوترات التجارية قد تؤدى إلى إضعاف الاقتصاد الأمريكى بدلاً من تقويته. ما يظنه البعض حماية قد يتحول إلى عبء ثقيل، ليس فقط على الشركات، بل على المواطن العادى الذى سيدفع الثمن فى النهاية.