قبل ما يقرب من ثلاثة وسبعين عاماً.. صدرت أول ترجمة عربية للكتاب المثير «بروتوكولات حكماء صهيون».. هذه الترجمة قام بها الكاتب محمد خليفة التونسى ووضعها فى متناول القارئ العربى من المحيط إلى الخليج فى كتاب اختار له عنوان «الخطر اليهودي.. بروتوكولات حكماء صهيون» .. ولقد أثنى الاستاذ الكبير عباس محمود العقاد على العمل الذى قام به الكاتب محمد خليفة التونسي.. وكتب العقاد فى ذلك «مقالاً» تم نشره فى عام «1951» فى جريدة «الاساس» التى كانت تصدر آنذاك.. وقد أضاف التونسى فى مقدمة كتابه أو ترجمته التى عرضها ونسرد رسائلها «اليوم».. أضاف التونسى فى مقدمته ما ذكره العقاد عن «بروتوكولات حكماء صهيون».
ترجمة «بروتوكولات حكماء صهيون إلى اللغة العربية جاءت بعد أن تم ترجمة هذه «البروتوكولات» إلى كثير من لغات العالم وكان من اللازم والضرورى أن يتعرف المواطن العربى على ما تحويه «بروتوكولات حكماء صهيون» .. خاصة أن هذه الترجمة إلى اللغة العربية جاءت بعد ما يقرب من ثلاثة أعوام من «النكبة» وإعلان قيام «إسرائيل».
إن إعادة قراءة هذه «البروتوكولات» .. فى «هذا التوقيت» .. فى ظل ما يحدث فى فلسطين من جرائم ومخططات غير مسبوقة ترتكبها إسرائيل .. إن إعادة قراءة «بروتوكولات حكماء صهيون» الآن تكشف لنا «أصل المخطط» .
فى مقدمة الطبعة الأولى للكتاب أو الترجمة يقول محمد خليفة التونسي: هذا الكتاب «بروتوكولات حكماء صهيون» هو أخطر كتاب ظهر فى العالم.. ولا يستطيع أن يقدره حق تقديره إلا من يدرس البروتوكولات كلها كلمة كلمة فى أناة وتبصر ويربط بين أجزاء «الخطة» التى رسمتها.. على شرط أن يكون بعيد النظر فقيهاً بتيارات التاريخ وسنن الاجتماع وأن يكون ملماً بحوادث التاريخ ثم يكون خبيراً بمعرفة الاتجاهات التاريخية والطبائع البشرية وعندئذ فحسب ستنكشف له «مؤامرة صهيونية جهنمية» تهدف إلى إفساد العالم وانحلاله لاخضاعه «كله» لمصلحة اليهود ولسيطرتهم دون سائر البشر.
ويضيف محمد خليفة التونسى فى مقدمة كتابه لو توهمنا ان «مجمعاً من أعتى الابالسة الاشرار قد انعقد ليتبارى أفراده وطوائفه منفردين أو متعاونين فى ابتكار أجرم خطة لتدمير العالم واستعباده إذن لما تفتق عقل أشد هؤلاء الابالسة إجراماً وخسة وعنفاً عن مؤامرة شر من هذه المؤامرة التى تمخض عنها المؤتمر الاول لحكماء صهيون فى عام 7981 وفيه درس المؤتمرون خطة إجرامية لتمكين اليهود من السيطرة على العالم وهذه «البروتوكولات» توضح أطرافاً من هذه الخطة.
أربعة وعشرون «بروتوكولاً» ترجمها محمد خليفة التونسى فى كتابه وقال إنها تشير إلى عناصر مؤامرة صهيونية للسيطرة على العالم قال التونسي: إن لليهود منذ قرون خطة سرية غايتها الاستيلاء على العالم أجمع لمصلحة اليهود وحدهم.. وهذه الخطة كان ينقحها حكماؤهم طوراً فطور حسب الاحوال مع وحدة الغاية وتتضح هذه الخطة السرية بما أثرعن اليهود من الحقد على الأمم.. ويضيف التونسى : تسعى «الخطة الصهيونية» إلى هدم الحكومات فى كل الاقطار والاستعانة عنها بحكومة تابعة لهم كذلك تعمل الخطة على إبقاء كل من قوة الحكومة وقوة الشعب «متعاديتين» وبابقاء كل منهما فى توجس وخوف دائم من الاخرى وتستعين «الصهيونية» فى تحقيق أو تنفيذ خطتها بالنساء والمال والمناصب والمكايد وما إلى ذلك من وسائل الفتنة.
ويقول التونسى فى كتابه: إن عناصر المؤامرة الصهيونية للسيطرة على العالم تتضمن أيضا إلقاء بذور الخلاف والشغب فى كل الدول عن طريق الجمعيات السرية السياسية والفنية والرياضية والمحافل الماسونية والاندية على اختلاف نشاطها بحيث يتم الوصول تدريجياً إلى «الاباحية» ثم «الفوضوية» هذا كله مع التمسك بابقاء الامة اليهودية متماسكة بعيدة عن التأثر والتعاليم التى تضرها ولكنها تضر غيرها وتتضمن المؤامرة الصهوينية كذلك ان جميع طرق الحكم الحاضرة فى العالم «فاسدة» والواجب زيادة إفسادها فى تدرج إلى أن يحين الوقت لقيام «المملكة اليهودية» على أنقاضها لا قبل هذا الوقت ولا بعده.. لأن حكم الناس صناعة مقدسة سامية سرية لا يتقنها فى رأيهم إلا نخبة موهوبة ممتازة من اليهود الذين أتقنوا التدريب التقليدى عليها وكشفت لهم أسرارها التى استنبطها حكماء صهيون من تجارب التاريخ خلال قرون طويلة وهى تمنح لهم سراً.
ويضيف محمد خليفة التونسى فى «ترجمته أيضاً إن من بين عناصر «المؤامرة الصهونية العالمية» يجب وضع كل وسائل الطبع والنشر والصحافة والمدارس والجامعات والمسارح وشركات السينما ودورها والعلوم والقوانين والحضاريات وغيرها.. يجب وضع ذلك كله تحت أيدى اليهود.. وأن الذهب الذى يحتكره اليهود هو أقوى الاسلحة لإثارة الرأى العام والقضاء على الضمائر والاديان والقوميات ونظام الاسرة وإغراء الناس بالشهوات البهيمية الضارة وإشاعة الرذيلة والانحلال حتى تستنزف قوى «غير اليهود « استنزافاً فلا تجد مفراً من القذف بأنفسها تحت أقدام اليهود
يجب أيضاً وفق بنود المؤامرة أو الخطة الصهيونية.. وضع أسس الاقتصاد العالمى على أساس الذهب الذى يحتكره اليهود.. على أساس قوة العمل والإنتاج والثروات الأخري.. مع إحداث الأزمات الاقتصادية العالمية على الدوام كى لا يستريح العالم أبداً فيضطر إلى الاستعانة باليهود لكشف كروبه ويرضى بالسلطة اليهودية العالمية.
يروى محمد خليفة التونسى فى ترجمته كيف ومتى ظهرت «بروتوكولات حكماء صهيون» وانتشرت فى سائر أنحاء العالم منذ أكثر من مائة وعشرين عاماً.. يقول: فى عام «7981» عقد زعماء اليهود مؤتمرهم الأول وذلك فى مدينة «بال» بسويسرا بزعامة «هرتزل». اجتمع فى هذا المؤتمر نحو ثلاثمائة من «أعتى حكماء صيهون».. كانوا يمثلون خمسين جمعية يهودية.. وقد حرروا فى المؤتمر خطتهم السرية «لاستعباد العالم» كله تحت «ملك» من نسل «داوود».. وكانت قراراتهم فى هذا المؤتمر «سرية» محاطة بأشد أنواع الكتمان والتحفظ إلا عن أصحابها بين الناس.. أما غيرهم فمحجوبون عنها ولو كانوا من أكابر زعماء اليهود فضلاً عن فضح أسرارها لغير اليهود.. ولكن الله قدر أن ينفضح بعضها وما يزال سائرها سراً.. وإن كان فيما ظهر منها ما يكشف بقوة ووضوح عما لا يزال خافياً.
يضيف التونسي: استطاعت سيدة فرنسية أثناء اجتماعها بزعيم من أكابر رؤسائهم فى وكر من أوكارهم الماسونية السرية فى فرنسا أن تختلس بعض هذه الوثائق ثم تفر بها.. والوثائق المختلسة هى هذه «البروتوكولات».
وصلت هذه «الوثائق» إلى كبير جماعة أعيان «روسيا الشرقية» فى عهد القيصرية ويدعى أليكس نيقولانيفتش فقدر خطورتها ونياتها الشريرة ضد العالم لاسيما بلاده روسيا.. ثم رأى أن يضعها فى «يد أمينة»أقدر من يده على الانتفاع بها ونشرها فدفعها إلى صديقة العالم الروسى سرجى نيلوس الذى لا شك أنه درسها دراسة دقيقة كافية وقارن بينها وبين الأحداث السياسية الجارية يومئذ فأدرك خطورتها واستطاع من جراء هذه المقارنة أن يتنبأ بكثير من الأحداث الخطيرة التى وقعت بعد ذلك بسنوات كما قدرها والتى كان لها دوى هائل فى جميع أنحاء العالم كما كان لها أثر فى توجيه تاريخه وتطوراته.. منها بنوءته بتحطيم القيصرية فى روسيا ونشر الشيوعية فيها ومنها نبوءته بسقوط الخلافة العثمانية على أيدى اليهود قبل تأسيس إسرائيل ومنها نبوءته بعودة اليهود إلى فلسطين وقيام «إسرائيل» فيها ومنها نبوءته بسقوط «الملكيات» فى أوروبا.. ومنها إثارة حروب عالمية لأول مرة فى التاريخ يخسر فيها الغالب والمغلوب معاً ولا يظفر بمغانمها إلا اليهود.. وقد نشبت منها حربان واليهود يهيئون الأحوال الآن لنشوب «الثالثة».
وقع «الكتاب».. البروتوكولات.. فى يد العالم الروسى «نيلوس» فى عام «1091» وقام بطبع نسخة قليلة لأول مرة بالروسية وكان فى عام «2091» فتم فضح نيات المخطط الصهيونى الإجرامى وجن جنون «حكماء صهيون» بعد طبع ونشر «البروتوكولات» خـوفاً وفـزعاً حيـث رأوا العـالم يتنبه إلى خطرهم.. وعندمـا علم يتودور هيرتزل «أبو الصهيونية» باختلاس «البروتوكولات» وطبعها ونشرها أصدر عدة نشرات يعلن فيها أنه قد سُرقت من «قدس الأقداس» بعض الوثائق السرية التى قصد إخفاؤها على غير أصحابها ولو كانوا من أعاظم اليهود.. وأن ذيوعها «قبل الأوان» يعرض اليهود فى العالم لشر النكبات.. وهب اليهود يعلنون أن «البروتوكولات» ليست من عملهم.. حاول اليهود بكل السبل إنكار علاقتهم بهذه البروتوكولات.. وكانوا يقبلون لشراء أى نسخ للبروتوكولات تظهر فى الأسواق.. ولكنهم عجزوا عن إخفاء هذه «البروتوكولات» والتى ملأت العالم على امتداد أكثر من مائة وعشرين عاماً.. وتم ترجمتها بجميع «اللغات» تقريباً.
يتحدث محمد خليفة التونسى فى كتابه عن «إشارة مهمة» حول الدولة «الصهيونية» فيقول: نفوذ الدولة الصيهونية قائم فى كل مكان عن طريق «جمعياتهم» السرية والعلنية وبذر بذور الفتنة بين الهيئات المختلفة فى العالم وبإشرافهم على الصحافة ودور النشر ووكالات الأنباء ومذاهب العلم والفلسفة والفن والمسرح والسينما والمدرسة ونظم التعليم والبنوك والشركات والبورصات واحتكار الذهب.. ويضيف التونسي: إن الذين يقصرون الخطر «الصهيوني» أو خطر الدولة «الصهيونية» على فلسطين أو الشرق الأوسط.. إن هؤلاء قوم لا يفهمون أحداث التاريخ وتياراته وروحه.. ولا يفطنون إلى نظم الاجتماع البشري.. ولا يعرفون الكفاية عن الروح الملية لليهود.. إن «الصهاينة» وهم يؤسسون «إسرائيل» فى فلسطين يهدفون إلى اتخاذ هذه الدولة مركزاً يتدفق اليه ذهبهم ويسيطرون منه على التجارة وأعمال الصرافة العالمية بين الشرق والغرب.
ويشير محمد خليفة التونسى فى موضع آخر من ترجمة «البروتوكولات» إلى قضية أو عنصر بالغ الأهمية على المستوى العالمى فيما يتعلق بخدمة «المشروع الصهيوني» فيقول: ما ظهر مذهب أو فلسفة أو نظرية مست اليهود بأذى إلا وحاربوها.. وأن كل ما كان مؤدياً إلى خير لهم مباشرة روجوه فى كل أنحاء العالم ورفعوا صاحبه بين أساتذة الثقافة العالميين «ولو كان حقيراً».. وكذلك يروجون لكل «قلم» مادامت إشارته- عن قصد أو غير قصد- تساعد على إفساد الناس ورفع شأن «الصهيونية».. لقد روج اليهود مذاهب التطور فى الخلق وأولوا نظرية «داروين» تأويلات ما خطرت لداروين على بال واستخدموا ذلك فى محاربة الأديان والقوميات والقوانين.
من العبارات الجامعة و«الملخصة» التى أوردها محمد خليفة التونسى فى كتابه أو ترجمته لبروتوكولات حكماء صهيون تلك العبارة التى قال فيها: «إن الخطر الصهيونى ليس بلاء» مسلطاً على بلادنا العربية وحدها بل على كل بلاد العالم وأممه.. ومن أجل ذلك لابد لنا من اليقظة الدائمة لحيله والمثابرة على جهاده ما استطعنا إلى ذلك سبيلا.. ونحن لا ندعو إلى الحذر منه ومقاومته إلا لأنه نشاط شيطانى يهدف إلى فساد أمم العالم لتتمكن «الصهيونية» من التفرد بالسلطة على العالم واحتكار طيباته.
من خرج فى طلب العلم كان فى سبيل الله حتى يرجع.. صدق حبيبنا محمد رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم.. اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما صليت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم فى العالمين انك حميد مجيد..اللهم بارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما باركت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم فى العالمين انك حميد مجيد.. وصلى الله على سيدنا وحبيبنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
فلسطين.. أرض الأقصى.. أرض المحشر.. أرض المسرى.. مسرى حبيبنا وسيدنا محمد رسول الرحمة والإنسانية.. صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم أجمعين.