فرصة مصر التاريخية نموذج فى الحفاظ على بناء الدولة
رغم ما حوته الأيام الأخيرة من تحديات ومساومات وأطماع ومطالب تخرج عن توقعات البشر، بل تتجافى مع القوانين الدولية والأعراف ولا تصدر من عصابات أو المافيا، وليس فى عالم المفترض تحكمه المباديء والقواعد الإنسانية والأخلاقية وكأننا نعيش فى غابة وليس مجتمع دولى يحتكم لقوانين وأعراف وقرارات وشرعية، وحقوق الإنسان إلا أن هذه الأيام أضاءت الأنوار عن ضوء كبير وأكدت أنه من قلب المحن تخرج المنح، وجاءت فرصة للتعرف على معادن الرجال والأوطان وشرف المواقف وعبقرية الرؤي، وخسة كيانات سرطانية زرعت فى المنطقة اعتادت على عقيدة العصابات وانتهجت السرقة والسلب والغدر والتوسع على حساب أراضى وحقوق الآخرين المشروعة.
لا شك أن الأيام الأخيرة التى حملت الحديث عن تهجير الفلسطينيين والمطالبة باستقبالهم فى مصر والأردن جاءت مثل الصاعقة، خاصة أنها انتقلت من غرف الظلام إلى وضح النهار من السرية والاختباء إلى المجاهرة بالمؤامرة وكشف تفاصيلها وأهدافها ولم تستطع ذرائع البعض الإنكار لهذه الحقيقة وإن مصر كانت ومازالت هى الهدف وأنها الصخرة التى تشكل عائقًا أمام المخطط والشوكة التى تقف فى حلق المشروع الشيطانى الذى يقوده التحالف الصهيوني، ولكل طرف أهدافه، فإسرائيل لديها أضغاث أحلام وأوهام تزعم أنها دينية فى إقامة إسرائيل الكبري، وقوى أخرى دولية تسعى إلى تحقيق أهداف الهيمنة والنفوذ والسيطرة على مفاصل المنطقة دون أدنى مقاومة تذكر، تتعلق بالصراع المحموم بين نظام عالمى قائم ومهيمن يعانى من الترهل والازدواجية والظلم واشاعة الخراب والدمار والفوضى والإرهاب وينتهج سياسة الكيل بمكيالين وازدواجية المعايير ويمارس كل أنواع الانتهاكات والجرائم من أجل الحفاظ على إبقاء هذا النظام وإعادة إحيائه، ومنع ظهور النظام العالمى الجديد المتطلع إلى الظهور لذلك تسعى قوى النظام القديم، لإجهاض كل محاولات ومشروعات وصعود دول النظام العالمى الجديد، ناهيك عن شلة من المصالح تتشارك فيها قوى دولية وإقليمية، توسعية واقتصادية وسيطرة على الموارد، والممرات البحرية فى الشرق الأوسط، لذلك هناك صراع ضار بين الفريقين، لا احتكام فيه لقانون أو أخلاق أو مباديء وحقوق إنسان.
الحقيقة أن ما جرى من أحاديث ومطالب التهجير هو الأمر الذى رفضته مصر قيادة وشعبًا وتصدت له الأمة المصرية بشموخ وصلابة وأن كان فى عداد التحديات الخطيرة إلا أنه يبعث برسائل من نور، وكشف لنا حقائق مهمة، تجعلنا أكثر ثقة فى أنفسنا ويقينًا وفخرًا بما أكثر حرصًا واصطفافًا حول قيادة سياسية وطنية شريفة لطالما قدَّرناها أنها قيادة تاريخية واستثنائية، وهى فرصة مصر التاريخية تضرب لنا المثل والنموذج فى كيفية الحفاظ وبناء الدولة، وأعدادها مبكرًا فى استشراف للمستقبل فى إقامة قواعد القوة والقدرة والردع لحماية شرف الوطن ودعونا نتوقف عند نقاط مهمة اثارت وأشعلت الوعى الحقيقى فى عقول ووجدان المصريين وأكدت لهم الحقائق الواضحة مثل الشمس وباتت لا لبس فيها ولا شك كالتالي:
أولاً: أحاديث التهجير ومطالبة مصر والأردن باستقبال الفلسطينيين من قطاع غزة إلى سيناء ومن الضفة إلى الاردن كشفت أهداف ما يجرى فى المنطقة منذ 2011 ولماذا أرادوا إسقاط مصر، ولماذا دعموا الإرهاب فى سيناء، وأطلقوا العنان للمؤامرة والاستهداف لمصر من حملات ضارية لترويج الأكاذيب والشائعات والتشكيك والتشويه والإساءات، كل ذلك كان يجرى لإضعاف وتعطيل الدولة المصرية وإجهاض مشروعها الوطنى لتحقيق التقدم، ببناء القوة والقدرة التى تستطيع التصدى للمخططات الشيطانية فى التوسع الإسرائيلى وتهجير الفلسطينيين وابتلاع أراضيهم، والتهام حقوقهم المشروعة، وتصفية القضية الفلسطينية، وتهديد الأمن القومى المصري.
ثانيًا: أحاديث ومطالب التهجير العلانية التى تدخل فى إطار سياسات الغاب والعصابات جعلت الشعب المصرى ينتفض مثل المارد، وأكدت معدن هذا الشعب، وتمسكه بأرضه وشرف الأمة وجاهز للتضحية بالغالى والنفيس، وأيضا تمسكه بخطوطه الحمراء.. هذا الوعى والانتماء والولاء للوطن المتدفق من وجدان المصريين أحد أهم أسلحة مصر الفتاكة، فهذا الشعب الذى اختار الخروج الكبير لإنقاذ الوطن، كما حدث فى 30 يونيو وفى 3 يوليو وفى ميادين مصر احتجاجًا وانتفاضة ضد مخططات التهجير عقب المؤتمر الصحفى للرئيس عبدالفتاح السيسى مع المستشار الألمانى أولاف شولتس ثم عقب المؤتمر الصحفى المشترك للرئيس السيسى والرئيس الكينى بعد تصريحات الرئيس السيسى المزلزلة لمخطط التهجير فى ملحمة رفح الشعبية الوطنية، حيث شد المصريون مؤيدين ومعارضة، نقابات وأحزابًا ومواطنين وكل الاطياف الرِحال إلى رفح من أمام المعبر ليعلنوا كلمتهم للعالم فى رسالة حاسمة لا للتهجير نقف خلف قيادة الرئيس عبدالفتاح السيسى نصطف مع الوطن، إنه تفويض جديد وثقة متجددة فيما يتخذه الرئيس السيسى من قرارات لحماية هذا الوطن وأرضه وسيادته وأمنه القومي، تأكيدًا على مكانة الرئيس السيسى فى قلوب المصريين وثقتهم فيه وتقديرًا منهم له، ويجسد مدى ارتباط المصريين بالأرض وفى سبيلها تهون الأرواح.
ثالثًا: إن رد فعل المصريين تجاه أحاديث ومطالب التهجير تعنى أن المخطط بات واضحًا لدى هذا الشعب، وأن وعى المصريين فى أعلى درجاته وبالتالى فإن ذلك يجسد عبقرية رؤية الرئيس السيسى على مدار أكثر من عشر سنوات من البناء والتنمية والانقاذ والانجاز واقامة الدولة الحديثة القوية القادرة.. وأن سباقه مع الزمن وامتلاك الإرادة والعزم والاصرار على تنفيذ آلاف المشروعات القومية العملاقة وبناء الجمهورية الجديدة، وتطوير وتحديث الجيش المصرى العظيم وتحويله إلى قوة ردع قاهرة للتهديدات والعدائيات ومحاولات المساس بالأمن القومى هى رؤية صحيحة وعبقرية وأنت ثمارها وجعلت هذا الوطن يقف على أرض صلبة ربما كانت الأمور لدى البعض غير واضحة لكن الآن وبعد انكشاف علاقته بالمخطط والأهداف الخبيثة والشيطانية، تأكد الجميع أن رؤية الرئيس كانت ومازالت ثاقبة فى تحصين الدولة المصرية وتأمينها وحماية ثوابتها وخطوطها الحمراء.
رابعًا: تأكد المصريون جميعًا والعالم أن حملات التشويه والأكاذيب والتشكيك والإساءات ومحاولات هز الثقة بين القيادة والشعب لأن الرئيس السيسى يتبنى مشروع مصر المتقدمة القوية والقادرة وبناء القدرات الشاملة المؤثرة لأن ذلك يتعارض مع أطماع ومصالح مخططات قوى الشر التى تقود مخطط التهجير وأن ما يحققه الرئيس السيسى فيه خير لمصر، لذلك كان الهجوم وحملات التشويه والإساءات لقائد وطنى شريف لا تتوقف بل وكل خطوات ونجاحات وإنجازات الدولة المصرية، ولكن الشعب المصرى ادرك ذلك جيدًا لأنه يرى على أرض الواقع نتاج رؤية وإرادة السيسي، وما يحققه لوطنه لذلك فإن موقع الصحيفة الصهيونية «جيروزاليم بوست» عندما نشرت تصريحات الرئيس السيسى عن رفض قاطع وحاسم لتهجير الفلسطينيين لمصر أو غيرها المفترض أن تأخذ مع التصريح صورة الرئيس السيسى مع نظيره الكينى ولكن لأنهم أرباب عصابات وكيانات غير مشروعة نشروا صورة الرئيس السيسى حفظه الله مع الرئيس الإيرانى الراحل إبراهيم رئيسى الذى تثار حول طريقة وفاته العديد من الشكوك والتساؤلات وهذه الصورة تعنى تهديدًا واضحًا من عقليات مريضة ومجرمة وهى أساليب يمارسها الاقزام وهو ما جعل المصريين ينتفضون حبًا وتقديرًا للرئيس السيسى وبرد قاطع «السيسى خط أحمر» وأقول إلا «السيسى» لأنه قلب هذا الوطن وحبيب المصريين وبانى مصر الحديثــة.. وأقــول كمــا قــال الرئيس السيسى إن موقف مصر وثوابتها هى مواقف أمة، و«مصر لحمها مر» والسيسى حافظه ربنا لأنه لا يحيد عن الحق والخير والسلام والشرف والبناء وخلفه شعب عظيم.
ما أريد أن أقوله إن الأزمات والمخاطر التى تواجه الوطن مثلما حدث فى الأيام الأخيرة هى الوقود الذى يدفع المصريين إلى عبور المستحيل وهناك الكثير من المواقف من ابرزها الصعفات المدوية على «القفا الصهيوني» فى السادس من أكتوبر 1973 فلا تلعبوا مع مصر، لأن الكوابيس والأحلام المخيفة مازالت تفزعكم، هل أدركتم لماذا كل هذه الحروب وحملات الأكاذيب والإساءات ضد الرئيس السيسى لأنه يقف فى وجه المؤامرة ليس على مصر فقط ولكن أمة العرب لأنه يبنى وطنه.