حسناً بدأ المحافظون الجدد عملهم من الشارع المصري.. هكذا يتجدد الأمل لدى المواطنين جميعاً.. إن عمل الحكومة فى المرحلة الحالية عمل جاد ودءوب تنفيذاً لتوجيهات القيادة السياسية بأن المواطن محور الاهتمام فى منظومة متكاملة، تبدأ فى قمة السلطة إلى أدناها.. كل يلتزم بأداء الواجب ونيل الحقوق وفقاً لسيادة القانون والمساواة بين البشر.. لا فرق بين كبير وصغير أو غنى وفقير.. فالكل فى معية الدولة سواء.
هكذا تتقدم الأمم وتحيا حياة كريمة، قوامها العمل والإنتاج وأداء الواجب ونيل الحقوق.. فيختفى اليأس والإحباط والقنوط لدى الناس فى المجتمعات.. فتزيد شعلة الانتماء والعطاء.
المشهد من حركة المحافظين فى الشارع كان موحياً، لكى نجدد الأمل فى استمرارية الجدية بلا كلل أو ملل.. ولكى تحطم المثل القديم الشائع بأن «الغربال الجديد له شدة»، وأنه سرعان ما «تعود ريمة لعادتها القديمة».. وهنا تكن الخطورة بأن العادات الكامنة الموروثة فى السلوكيات الضارة من انتهازية وجشع واستغلال، سرعان ما تعود أشد ممارسة وأكثر فوراناً.
على سبيل المثال، كانت جولة محافظ القاهرة وهو يتفقد بعض المخابز، التى تبتاع الخبز المدعم ويحرص بنفسه على مراقبة مدى مطابقته للمواصفات، خاصة من حيث الوزن كان رسالة قوية لكل أصحاب المثل هذه المخابز التى تعمل فى توفير رغيف الخبز المدعم للمواطنين.
ليس من الطبيعى أن تتحمل الدولة هذا القدر الهائل من العملات الصعبة التى تدبرها الحكومة والبنك المركزى بشق الأنفس بمئات المليارات سنوياً.. ثم يذهب الكثير منها لأيدى أصحاب المخابز غير الشرفاء ومن يتعاونون معهم سواء بسوء نية أو إهمال وتقاعس أو بسبب نقص فى أعداد مفتشى التموين أو غيرهم.. وذلك على حساب المواطن البسيط وتحول رضاه إلى سخط أو قنوط لكى يكون عرضة فى أى مكان وزمان ليصبح أداة للتذمر يتلاعب بمشاعره الكارهون والمتآمرون والأعداء.
>>>
كذلك جاءت رسائل أخرى من المحافظين لتحقيق الانضباط فى مواقع العمل الخدمية للمواطنين وفى مقدمتها المستشفيات التى يذهب إليها المواطن وهو فى أضعف حالاته كمريض وينتظر أن يلقى رعاية واهتماماً وليس إهمالاً أو تراخياً أو معاملة غليظة تختلف عن معاملة الطبيب لمرضاه فى العيادات الخاصة.
على سبيل المثال، جولة محافظ أسيوط لمستشفى الولادة والصحة الإنجابية بمنفلوط فى منتصف الليل، حيث قرر إحالة مديرها للتحقيق لسوء حالة النظافة العامة وعدم انتظام العمل بالنوبتجية الليلية، وترك خمسة أطباء لعملهم دون إذن رسمى تمت إحالتهم للتحقيق.. ووجه المحافظ وكيل وزارة الصحة هاتفياً أثناء الجولة الساعة الثانية صباحاً بتحقيق الانضباط بمستشفيات المحافظة.
كذلك فعل غيرهم من المحافظين الجدد فى تفقد الأسواق والشوارع والميادين الرئيسية والمراكز التكنولوجية لخدمة المواطنين.. والأهم أيضا التواصل مع الوزارات المعنية المسئولة لتذليل العقبات وتوفير الإمكانات التى لا تعطى تلك الجهات الخدمية المبررات للتقصير أو الإعفاء من المسئولية التى يتحمل المواطن فى النهاية نتائج العمل فى تلك المنظومة الحكومية التى يفترض أن تكون متكاملة فى الأداء ولا تعمل فى جزر منعزلة.
>>>
من الأمانة ألا نحمل المحافظين وحدهم كل المسئولية فى المراقبة والثواب والعقاب.. فهناك أدوار أخرى مطلوبة من نواب البرلمان فى دوائرهم، وأيضا أعضاء المجالس المحلية التى نأمل أن يتم الانتهاء من قانون الإدارة المحلية لكى يعاود مثل هؤلاء الأعضاء القيام بمسئولياتهم فى الرقابة الشعبية وفقاً للقانون.. وأيضا دور وسائل الإعلام فى كشف الحقائق وأوجه التقصير فى مواقع العمل الخدمية، بعيداً عن أى مجاملة للمسئولين أو مصالح خاصة تأتى دائماً على حساب الصالح العام.
يبقى فى النهاية الضمير العام الذى يفترض أن يحكم أداء كل العاملين فى مثل هذه المواقع.. لأنه ليس من المنطقى أن نضع رقيباً وحسيباً على كل موظف أو عامل أو مسئول وبقناعة إيمانية يرى عليها الإنسان منذ نشأته فى الأسرة والمدرسة ودور العبادة بأن الخالق سبحانه يرانا جميعاً، وأن القانون يفترض فيه أن يتعامل مع مجتمع صالح سوى فى مجموعة العام ويطبق عقوباته فقط على القلة المنحرفة.. وفى هذه العقوبات الرادعة رسائل للجميع ونأمل الاستمرارية فى رسائل هؤلاء المحافظين الجدد.