رفض قاطع لمحاولات ضم الأراضى الفلسطينية
أو تهجير أهلها
وسط تصاعد غير مسبوق فى حدة الأزمات الإقليمية والدولية، خاصة ما يشهده قطاع غزة من تصعيد عسكرى دموى وحرب إبادة جماعية، جاءت زيارة الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون إلى القاهرة لتؤكد أن مصر تظل رقماً صعباً فى معادلة الشرق الأوسط، وصمام أمان لا غنى عنه فى أصعب الأوقات.
الزيارة التى أسفرت عن إعلان رفع مستوى العلاقات الثنائية إلى «شراكة إستراتيجية شاملة»، لم تكن فقط زيارة تقليدية لتبادل البروتوكولات، بل جاءت ترجمة حقيقية لمتانة العلاقات التاريخية بين مصر وفرنسا، وتجسيداً لرؤية مشتركة فى مواجهة التحديات، وتحقيق المصالح الإستراتيجية المتبادلة.
الرئيس عبد الفتاح السيسى استقبل نظيره الفرنسى فى قصر الاتحادية، حيث جرت مباحثات مكثفة شملت ملفات التعاون الاقتصادى والعسكري، وزيادة الاستثمارات الفرنسية فى قطاعات الطاقة والصحة والتعليم والنقل والبنية التحتية، إلى جانب التوسع فى التعاون الدفاعى والعسكرى ونقل التكنولوجيا، وهى مؤشرات واضحة على ثقة فرنسا فى استقرار الدولة المصرية وقدرتها على قيادة التنمية رغم ما يحيط بها من صراعات ومخططات تقسيم.
أثار بروتوكول الزيارة اهتماماً كبيراً من الإعلام الدولي، وخاصة الجولة غير الرسمية التى قام بها الرئيسان فى القاهرة القديمة وحى خان الخليلى التاريخي، والتقاط الصور التذكارية وسط المواطنين والمارة وأصحاب المحال التجارية.. تلك الصور لم تكن مجرد لحظات عابرة، بل رسائل مدروسة تؤكد أن القاهرة، برغم اشتعال المنطقة، كانت وستظل واحة للأمن والاستقرار، حتى فى أدق وأصعب اللحظات.
ووصفت الصحف العالمية الجولة بأنها «رسالة سلام من القاهرة»، واعتبرتها دليلاً على أن مصر ما زالت تحتفظ بمكانتها الدولية والحضارية والسياحية والإنسانية، فى وقت تبحث فيه الشعوب عن ملاذ آمن وسط الحروب والصراعات والأزمات الاقتصادية.
لتأتى بعد ذلك القمة الثلاثية التى جمعت بين الرئيس السيسى والعاهل الأردنى والرئيس الفرنسى ماكرون والذى أعتبره مبعوث الاتحاد الأوروبى الذى يعانى هو الآخر من السياسات والضغوط الأمريكية، لتعكس وحدة الموقف السياسى إزاء العدوان المتواصل على غزة، البيان المشترك الصادر عن القمة حمل نبرة حاسمة، إذ دعا إلى وقف فورى لإطلاق النار، وضمان وصول المساعدات الإنسانية بشكل عاجل وكامل، مع التشديد على احترام القانون الدولى والقانون الدولى الإنساني، ورفض كل صور استهداف المدنيين وعمّال الإغاثة.
وأكد البيان على ضرورة الالتزام باتفاق 19 يناير الذى نص على الإفراج عن جميع الرهائن والمحتجزين، وتأمين حياة المدنيين، إلى جانب التعبير عن قلق بالغ تجاه ما يجرى فى الضفة الغربية والقدس الشرقية، والدعوة إلى وقف الإجراءات الأحادية التى تقوض حل الدولتين.
كما جدد القادة الثلاثة رفضهم القاطع لأى محاولات لضم الأراضى الفلسطينية أو تهجير أهلها، وأكدوا أهمية احترام الوضع التاريخى والقانونى القائم فى الأماكن المقدسة، وضرورة توفير دعم دولى حقيقى لجهود إعادة إعمار غزة.
لتقول مصر كلمتها رغم محاولات التشويه والتشكيك مدفوعة الأجر إن القاهرة كانت وستظل حجر الأساس فى المنطقة، وقبلة صناعة القرار، وإن الأمن والاستقرار يبدآن مصر مهما علا صوت المدافع، وأن مصر بموقفها الثابت الرافض للتهجير القسرى للفلسطينيين وتصفية القضية ستظل الداعم الأول للقضية رغم الضغوط الأمريكية والغربية .. ودائما وأبدا تحيا مصر وشعبها وجيشها.